قبول منظمة التربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) بمنح فلسطين صفة العضوية الكاملة ، هو صفعة دبلوماسية جديدة وناجحة للكيان الصهيوني . قرار اليونسكو كان بمثابة ضربة قوية أخلت بتوازن الإسرائيليين وحليفهم الاستراتيجي وراعي مشروعهم الاستيطاني التوسعي ، الولاياتالمتحدة . واعتقد أن أفضل دليل على ذلك هو ردة الفعل الأمريكية الرعناء التي تجلت في إعلان الإدارة الأميركية قرار إيقافها كافة أشكال الدعم والتمويل للمنظمة الأممية بسبب قبول الطلب الفلسطيني ! وكانت السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة ( سوزان رايس ) قد أكدت في وقت سابق أن منح اليونسكو العضوية الكاملة للفلسطينيين سيضر بشدة المنظمة ولا يمكن أن يمثل بديلا لمحادثات السلام مع إسرائيل. أما المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية (فيكتوريا نولاند) فقالت أنه لم يكن أمام بلادها أي خيار سوى وقف تمويل اليونسكو بسبب القانون الأمريكي الذي يحظر تمويل اليونسكو إذا قبلت عضوية فلسطين. كما أوضحت أنه سيتم وقف تحويل مالي بقيمة 60 مليون دولار كان من المقرر أن تتلقاها المنظمة الدولية من الإدارة الأميركية . وحسب موقع بي بي سي الإلكتروني فإن الولاياتالمتحدة تقدم وحدها نحو 70 مليون دولار إلى اليونسكو ، أي ما يقدر بنحو 22 في المائة من ميزانية المنظمة . ردة الفعل الأميركية بالإضافة إلى الرفض الإسرائيلي للقرار الذي تم التعبير عنه عبر بيان رسمي للخارجية الإسرائيلية ، يثبت إلى أي مدى كانت الخطوة الفلسطينية مؤثرة ليس فقط على صعيد دعم حقوق الشعب الفلسطيني والاعتراف بها من خلال واحدة من المنظمات المنبثقة عن هيئة الأممالمتحدة ، ولكن لأنها أيضا تحتوي على إدانة ضمنية لاستمرار الاحتلال الصهيوني وكل النتائج التي ترتبت عليه من قتل وتنكيل وتهجير واستيطان . وإذا ما أخذنا في الاعتبار الأهمية التي توليها منظمة اليونسكو للآثار التاريخية وحرصها البالغ على الحفاظ عليها وعدم التلاعب بهويتها ، فإن قرار اليونسكو يعتبر القرار الأول من نوعه الذي يحتوي على إدانة ضمنية لعملية تهويد القدس . الخطوات الأخيرة التي اتخذتها السلطة الوطنية تثبت أن للمقاومة أشكالا مختلفة ، وأن حصر خياراتنا في التعامل مع الاحتلال بين الحرب والسلام ، هو محض خديعة الهدف منها تضليل المواطن العربي الذي يعرف أنه لا طاقة لنا باتخاذ قرار الحرب في هذه الظروف . إنها ضربة معلم من السلطة الوطنية .