رحّب العرب والعالم الثلاثاء بقبول العضوية الكاملة لفلسطين في منظمة اليونسكو، بينما اوقفت الولاياتالمتحدة دعمها لميزانية المنظمة الدولية، في الوقت الذي كشف التصويت عن انقسام في موقف دول الاتحاد الاوروبي. وقال الدكتور زياد بن عبدالله الدريس سفير المملكة لدى اليونسكو: سأهنئ اليونسكو قبل أن أهنئ فلسطين، اليوم خرج رأس المولود الفلسطيني الجديد من رحم العالم، وسيكتمل خروج بقية جسد المولود هناك في الأممالمتحدة بنيويورك خلال الأيام القادمة بإذن الله. وأضاف الدريس: اليوم لم تولد فلسطين بل ولدت يونسكو جديدة، يونسكو ملامحها قوة العدالة بعد أن هيمنت عدالة القوة لعقود. اليوم نحن أمام أول نتاج لإطار الإنسانية الجديدة الذي جعلته السيدة إيرينا بوكوفا مدير عام المنظمة المسار الرئيس لإدارتها لهذه المنظمة منذ أن أعلنت ذلك في انتخابات المدير العام الجديد للمنظمة عام 2009، هاهي السيدة بوكوفا تفي بوعدها الانتخابي، رغم حيادها الإجرائي في عملية القبول لم نفاجأ بتصويت بعض الدول ضد القرار لكني عجبت كيف أن عدداً من الدول المعترضة كانت تثني في خطاباتها أمام المؤتمر العام على الربيع العربي، لكن هذه الدول نفسها لا ترى مانعاً من أن تبقى فلسطين في «خريف» دائم. واختتم الدكتور الدريس كلمته بتأكيد وفد بلاده وتجديد دعم المملكة العربية السعودية الدائم لعدالة القضية الفلسطينية، كما هنأ اليونسكو بهذه الخطوة الأولى المهمة والمؤثرة بكل تأكيد. أكد الوزير الفلسطيني أن الانتصار في اليونسكو «ما هو إلا بداية طريق صعب لكنه سيؤدي إلى تحرير الأرض والشعب الفلسطيني من الاحتلال. وللفلسطينيين الحق في أن يكون لهم مكان على الخريطة».من جهته، أبرز وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي الثلاثاء تصويت 12 دولة أوروبية لصالح حصول فلسطين على عضوية كاملة في منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو». وقال المالكي للإذاعة الفلسطينية الرسمية إن دول الاتحاد الأوروبي خرجت للمرة الأولى عن موقفها الإجماعي بشأن القضية الفلسطينية، حيث صوّتت 12 دولة منها صوت لصالح عضوية فلسطين، فيما امتنعت 12 دولة عن التصويت، وعارضت ثلاث منها هي ألمانياوالسويدوهولندا. وأبدى المالكي «الأسف» لقرار السويد التصويت ضد عضوية فلسطين في «اليونسكو»، مشدداً على أنه لا يمكن وضع السويد في خانة هولندا مثلاً، التي تتبنى بالكامل الموقف الإسرائيلي. واعتبر أن ألمانياوهولندا، بتصويتهما ضد العضوية الفلسطينية، «تتبنيان للأسف الموقف الإسرائيلي»، لكنه أكد استمرار الاتصالات الفلسطينية معهما في الفترة المقبلة «خاصة ألمانيا حتى نستطيع أن نكسبها إلى جانبنا أخذاً بعين الاعتبار التغييرات الجارية في البلاد». وأشار المالكي إلى أن من بين دول الاتحاد الأوروبي التي صوّتت مع الطلب الفلسطيني في اليونسكو كل من فرنسا واسبانيا، وبلجيكا وايرلندا، ولوكسمبورج والنمسا والنرويج، معبّراً عن الارتياح الكبير حيال ذلك «فهذا يعني أننا نسير في الاتجاه الصحيح». وأكد الوزير الفلسطيني أن الانتصار في اليونسكو «ما هو إلا بداية طريق صعب لكنه سيؤدي إلى تحرير الأرض والشعب الفلسطيني من الاحتلال. وللفلسطينيين الحق في أن يكون لهم مكان على الخريطة». ويتطلع الفلسطينيون إلى أن يقرر مجلس الأمن الدولي طرح ملف طلبهم للعضوية على التصويت يوم 11 من الشهر الحالي، علما بأنهم يسعون لحشد الأصوات التسعة اللازمة لهم رغم إعلان الولاياتالمتحدةالأمريكية عزمها استخدام حق النقض «فيتو». ويعكس الموقف الأوروبي تطوراً واضحاً لصالح الفلسطينيين حسب المحليين ويأتي قبل التصويت داخل الأممالمتحدة حول عضوية الدولة الفلسطينية ولكن القرار يعكس أيضاً انقسامات جوهرية وغياب تنسيق فعلي في مجال التحرّك الدبلوماسي الأوروبي. ورغم هذه الانقسامات فإن المواقف الأوروبية باتت بوضوح أكثر تعاطفاً مع الموقف الفلسطيني. من جهتها، قالت الولاياتالمتحدة انها مضطرة لوقف مساهماتها المالية لليونسكو بعدما منحت الفلسطينيين العضوية الكاملة فيها. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية فيكتوريا نولاند: بالنسبة لحصول الفلسطينيين على عضوية كاملة باليونسكو فإن تصويت الدول الاعضاء للاعتراف بفلسطين كعضو في المنظمة أمر يدعو للاسف وسابق لأوانه ويقوّض هدفنا المشترك لسلام شامل وعادل ودائم في الشرق الاوسط. ما زالت الولاياتالمتحدة متمسّكة بدعمها لاقامة دولة فلسطينية مستقلة وتتمتع بالسيادة.. لكن مثل هذه الدولة لا يمكن تحقيقها الا عبر المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وأشارت الى أن الولاياتالمتحدة لم يكن أمامها خيار سوى وقف التمويل بسبب قانون أمريكي قديم وان واشنطن لن تمضي قدماً في تقديم 60 مليون دولار كانت تعتزم منحها للمنظمة في نوفمبر. ورحّب وزير خارجية مصر محمد عمرو بتصويت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» لصالح منح فلسطين العضوية الكاملة في المنظمة. وقال عمرو، في بيان امس، إن تصويت 107 دول من بينها دول أوروبية مهمة لصالح الطلب الفلسطيني إنما يعكس حجم تأييد المجتمع الدولى للحقوق الفلسطينية المشروعة وعلى رأسها حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الحرة المستقلة ذات السيادة. وأضاف غن هذا التأييد الدولي للشعب الفلسطيني يرسل إشارة إلى الجانب الإسرائيلي أنه لا يمكن المضي قدماً في سياسة تجاهل الحقوق الفلسطينية المشروعة. من جانبها أكدت الجامعة العربية أن حصول فلسطين على العضوية الكاملة في منظمة اليونسكو يعدُّ انتصاراً تاريخياً ومهماً، وقال السفير محمد صبيح الأمين العام المساعد لشئون فلسطين والأراضي العربية المحتلة في الجامعة: «هذه نقطة بيضاء مضيئة في صفحة واسعة من الظلم الذي طال الشعب الفلسطيني منذ عقود طويلة، وإنه انتصار لأنصار السلام والمطالبين بالعدالة في العالم»، مشيراً الى أن د. نبيل العربي الأمين العام للجامعة كان قد أرسل في السابق برقيات عديدة لوزراء خارجية الدول المختلفة يحثهم على دعم قبول فلسطين في «اليونسكو» وفي الأممالمتحدة. كما شدّد د. بركات الفرا مندوب فلسطين الدائم في الجامعة العربية وسفيرها في القاهرة على أن فلسطين تستحق بجدارة أن تكون الدولة رقم 194 في الأممالمتحدة، وقال إن ما جرى في المؤتمر العام للمنظمة يعدُّ انتصاراً كبيراً للضحية ضد الجلاد الإسرائيلي، وبمثابة صرخة من محبي العدل والسلام والاستقرار ضد الظلم والقهر والإذلال. كما رحّب الاردن رسمياً بالقرار، واعتبرها خطوة نحو حماية المواقع الاثرية والتاريخية والثقافية والدينية الفلسطينية. وجاء في بيان رسمي أردني ان الاردن يرحّب ويؤيد ويدعم القرار لا سيما أن هذا القرار سيكون احد الركائز المهمة لحماية المواقع الاثرية الفلسطينية والاماكن المقدّسة حيث إنها تعرّضت للكثير من الاعتداءات الاسرائيلية وطمس هويتها. بدوره أعرب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست امس عن ارتياح طهران لقبول العضوية الفلسطينية في اليونسكو، معتبراً ذلك إجراءً رمزياً يعكس الدعم الدولي لحقوق الشعب الفلسطيني. واعتبرت صحيفة «أل بايس» الأسبانية أن تصويت منظمة اليونسكو لصالح منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين بمثابة «جائزة ترضية» للفلسطينيين. وكتبت الصحيفة اليسارية - الليبرالية في عددها امس: «حقق الفلسطينيون نجاحاً رمزياً بقبول في اليونسكو، وهم يدينون بذلك للقوى الصاعدة على وجه الخصوص، مثل الصين وروسيا والهند».