هل تُصدّقون؟! خلال زيارتي لجزيرة فرسان، سَمِعْتُ قِصصًا عن الجنّ أكثر ممّا رأيتُ من مشروعات سياحية يُفترض أن يُنشئها فيها تُجّارُنا الأعزّاء!. سَمِعْتُ عن صيّادي الأسماك الذين يظهر لهم الجنّ في قواربهم، خصوصًا في الليل، وعن خطفِ الجنّ للبشر إلى أوكارهم تحت الأرض، وعن الغُزلان التي تظهر للناس في العراء فجأة وكأنها تُغريهم بصيْدها، ثمّ تختفي، كذلك فجأة!. لكنّي لم أرَ فيها سوى فندقٍ واحدٍ من فئة النجمتيْن، تتجاوز تكلفة السكن فيه تكلفة السكن في فندق 4 نجوم في جدّة، ويُحجز كلّه للجهات الرسمية في أكبر وأهمّ مناسبة سياحية، وهي مهرجان الحريد، ومقهى واحد صغير يمكن مجازًا ومجاملةً إطلاق اسم مقهى عليه، وغير ذلك لم أرَ فيها مشروعًا يُذكر!. بالنسبة للجنّ فأمرهم أهون، والناس يُبالغون فيهم، وكثيرٌ من قصصهم هي أوهام، وذِكْرُ الله كفيلٌ بتخليصنا من أشرارهم، رغم أنّ في الإنس مَن هو شرٌ منهم، والأصعب منهم هو غياب تُجّارِنا عن فرسان، رغم طبيعتها الجميلة، وشواطئها الساحرة، وحياتها الفِطْريّة النادرة، وثروتها السمكية اللذيذة، وأماكن غوْصها المُمتعة، وبيئتها النقيّة، ممّا هي أفضل من شرم الشيخ المصرية، والعقبة الأردنية الواقعتيْن مثلها على البحر الأحمر، فلماذا يغيبون عنها، ويستثمرون ملياراتهم في الدول الأخرى؟! هل السبب هو انعدام المطار في فرسان؟! إذن لماذا لا نُسارِع بإنشاء واحدٍ، ولو بواسطة القطاع الخاص؟! فحرام أن تكون لدينا جزيرة قابلة لأن تكون هدفًا سياحيًّا عالميًّا، بينما هي لدينا بقعة نائية تربطنا بها عبّارة تُبْحِر منها وإليها.. فقط إذا صفا الجوّ، وتغلو تكاليف المعيشة فيها؛ بسبب ذلك أكثر من بقيّة مدننا، فضلاً عن السياحة التي تُوصف بها وهي عنها بعيدة!.