أخيرا أصدر المجلس العسكري الحاكم في مصر قانونا لمكافحة التمييز ، وذلك بعد أسبوع من مقتل 26 شخصا في اشتباكات ماسبيرو بين قوات الجيش وبين متظاهرين جلهم من الأقباط . القانون الذي يستهدف في الأساس منع أي تمييز بحق الأقباط ، ينص على أن ((كل من يرتكب جريمة التمييز سيعاقب بالحبس وغرامة لاتقل عن ثلاثين ألف جنيه ولاتتجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين )) . أما في حالة ارتكاب جرم التمييز من (( موظف عام أو مستخدم عمومى أو أى إنسان مكلف بخدمة عمومية )) فإن العقوبة ستكون ((الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر والغرامة التى لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تتجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين )) . ويعرف القانون الجديد جريمة التمييز بأنها (( أي عمل او امتناع عن عمل يكون من شأنه إحداث التمييز بين الافراد او ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو اللغة او الأصل أو الدين أو العقيدة وترتب على هذا التمييز اهدار لمبدأ تكافؤ الفرص أو العدالة الاجتماعية أو تكدير للسلم العام )) . السؤال هو : هل كان من الضروري أن يحدث كل ما حدث وان تسيل كل تلك الدماء البريئة لكي يتحرك المجلس العسكري في اتجاه إصدار قانون يجرم التمييز ويردع كل العابثين بالوحدة الوطنية والسلم الأهلي ؟ لقد سبقت أحداث ماسبيرو العديد من الوقائع من ضمنها هدم بعض الجماعات المتشددة كنائس للمسيحيين وحرق بعض الأضرحة ، فماذا فعل المجلس العسكري لإخماد الفتنة ومحاصرة النيران التي كان يرى جميع العقلاء أن ألسنتها ستمتد في كل الاتجاهات وأن تطويقها سيصبح صعبا دون دفع ثمن باهظ ؟ لقد تساهل المجلس كثيرا مع المعتدين على دور العبادة ، بل إنه لم يعمل على إصدار قانون يجرم التمييز ويوقف حملات التحريض والكراهية التي يقودها بعض نجوم الوعظ التلفزيوني ضد المسيحيين الذين اتهموا جميعا بالخيانة وبموالاة الغرب ، فماذا كانت النتيجة ؟ ما يدهشني أننا كعرب ننتظر حدوث الحرائق دون أن نبذل أي جهد استباقي للتوقي منها ، حتى إذا اندلع الحريق ومد اللهب ألسنته البغيضة ، ركضنا للبحث عن مخرج كان يمكن أن يجنبنا كل ذلك الخراب لو لجأنا إليه مسبقا ! ردع أصحاب الفتن هو الضمانة للحفاظ على السلم الأهلي .