بعد الكشف عن مؤامرة اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، والتي اتهمت فيها أمريكا، إيران بالوقوف وراءها، هدد الرئيس الامريكي باراك اوباما، طهران ثاني اكبر مصدر للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك)، بمزيد من العقوبات الاقتصادية، وتوعد بجعلها «تدفع الثمن». وترزح ايران، التي تعتمد على ثروتها من النفط والغاز، تحت مجموعة من العقوبات الدولية والغربية بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. ورسميا، يقول القادة الايرانيون: إن العقوبات عززت اقتصادهم، وأنهم وجدوا شركاء جددا مثل الصين بدلا من الحلفاء الغربيين. وقد حدث بعض التأخر في حصول ايران على أموالها؛ بسبب المشاكل التي تعترض التعاملات المالية، فمثلا تأخرت الهند في دفع 5 مليارات دولار، قبل ان تسددها في وقت سابق من هذا العام. ورغم ذلك تواصل طهران بيع نفطها دون مشاكل تذكر. ويتوقع ان تحصل ايران هذا العام على اكثر من 100 مليار دولار؛ بسبب ارتفاع اسعار النفط خلال عام 2011. وتضخ ايران، التي تأتي في المرتبة الثانية في منظمة اوبك، نحو 3,5 مليون برميل من النفط يوميا. كما ان لديها ثاني اكبر مخزونات من الغاز في العالم بعد روسيا. يقول خبير اقتصادي اوروبي في طهران طلب عدم الكشف عن هويته ان «ثروة النفط ساعدت في تخفيف اثار الحصار الاقتصادي الغربي». واضاف: «رغم ان التعاملات التجارية اصبحت اكثر تعقيدا منذ فرض عقوبات على البنوك الايرانية الرئيسية، الا ان ايران لديها من النقد ما يكفي لادارة شؤون البلاد». وانخفضت نسبة الواردات اربعة بالمئة منذ بداية العام، الا ان الصادرات غير النفطية ارتفعت بنسبة 40% ويمكن ان تعود على البلاد بنحو 35 مليار دولار، طبقا لارقام حكومية. وقال خبير اوروبي آخر طلب كذلك عدم الكشف عن هويته، انه مع ذلك فان ايران «لا تزال تعاني من مشكلة نقدية لانها تبيع كميات اكبر من النفط خاصة الى اسيا مقابل الحصول على منتجات استهلاكية من اجل الالتفاف على العقوبات المفروضة على البنوك». وتشير تقديرات عدد من الخبراء الايرانيين والاجانب الى ان طهران تنفق ما بين 3 الى 4 مليارات دولار شهريا لتعزيز عملتها الريال، ودفع معونات للسكان للتعويض عن وقف دعمها للوقود العام الماضي. ويعتقدون ان الوضع المالي في ايران اصبح صعبا. وكمؤشر على المشكلة فقد تقلب سعر الريال بشكل كبير خلال الاشهر الماضية رغم ان الهدف المعلن للبنك المركزي هو ضمان استقرار الريال. ومن بين المؤشرات الاخرى تأخر الدفعات الحكومية للمزودين خاصة لانه من المعتقد ان الدولة تقوم بسحب الاموال من ميزانيات الوزارات لدفع معونات للسكان، حسب البرلمان. ويعتقد ان وزارة الطاقة متأخرة في دفع 2,7 مليار دولار، طبقا لرئيس اللجنة البرلمانية للطاقة حميد رضا كاتوزيان. واصبح المتعاقدون من الباطن في قطاعي النفط والغاز يشعرون بهذه التأخيرات، رغم انه من المفترض ان يتم منحهم الاولوية في الدفع، بحسب ما ذكرت العديد من المصادر في القطاع لوكالة «فرانس برس». والمشكلة المالية الرئيسية بالنسبة لايران هي ان الاستثمارات الغربية قد جفت، كما ان الشراكات التي عقدتها مع شركات في الصين وتركيا وروسيا لم تفلح في سد تلك الفجوة، حسب محلل اوروبي في ايران. وتقدر الاستثمارات الخارجية رسميا بنحو 10 مليارات دولار سنويا في قطاع النفط والغاز. ومع ذلك، فقد بلغ اجمالي الاستثمارات الخارجية المباشرة خلال العام السابق بحسب التقويم الايراني، من مارس 2010 الى نفس الشهر من عام 2001، نحو 3,5 مليار دولار لجميع القطاعات، طبقا لوزارة الاقتصاد. وخلال السنوات الست الماضية، وقعت الصين، احدى الحلفاء القلائل لايران رغم الضغوط الغربية، صفقات تتعلق باستثمارات في قطاع الطاقة تقدر قيمتها بنحو 40 مليار دولار. الا انه يعتقد ان حجم الاستثمارات التي نفذت حتى الان لم يزد عن 3 مليارات دولار، طبقا لخبراء غربيين. واطلقت ايران العديد من التحذيرات للصين بشان تاخير الاستثمارات. والاسبوع الماضي، اعلنت عن تعليق عقد قيمته 16 مليار دولار مع شركة صينية تستثمر في حقل بحري للغاز، وذلك لدفع بكين الى الوفاء بوعودها في تطوير حقل اخر هو حقل بارس الجنوبي العملاق. اما الوضع مع روسيا فهو ليس افضل بكثير، رغم معارضة روسيا الشديدة للعقوبات الغربية. وقامت ايران الاسبوع الماضي بطرد شركة غازبروم الروسية العملاقة من مشروع تطوير نفطي بقيمة ملياري دولار بعد ان اتهمتها بالتباطؤ خلال العامين الماضيين.