استنكر العلماء والدعاة ترويع بعض شباب بلدة العوامية بمحافظة القطيف للمواطنين والاعتداء بالرصاص وقنابل المولوتوف على رجال الأمن ومقر الشرطة، وأكدوا أن الاعتداء جريمة ليس لها ما يبررها، وأن الاختلاف في الرأي والتباين في وجهات النظر لا يمكن أن يكون مدعاة إلى القيام بمثل هذه الأفعال المنكرة، وأن الأحداث التي يشهدها العالم العربي بما أفرزته من واقع مرير ومؤلم ينبغي أن تكون درسًا للمحافظة على سلامة وأمن الوطن، وطالبوا بإدانة كل شخص يحاول زعزعة الأمن والاستقرار، «الرسالة» استطلعت ردود أفعالهم في تفاصيل التحقيق التالي: بداية قال المفتي العام سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ إن ما وقع في العوامية نوع من الفساد الذي يحدث بالأرض، لأن به تخويفا للمواطنين واعتداء على أمن هذا الوطن، فهذا البلد طاهر، وعلى الجميع أن يتعاونوا مع الجهات الحكومية بشتى الصور في حماية الوطن بكل الطرق والوسائل لردع مثل هؤلاء والإبلاغ عنهم، فعلى كل مسلم في الدنيا كلها أو العالم بأسره أن يحرص على سلامة ومصلحة واستقرار الوطن الذي يجمعه بغيره من المواطنين، ويعمل دائما على حمايته وصيانته، فهذا من الفساد الذي يحدث في الأرض وهذا الأمر سبب إشغالا للرأي العام. من الحاداة بداية وصف عضو هيئة كبار العلماء والمستشار بالديوان الملكي الشيخ عبدالله المنيع وقوع الأحداث الأخيرة بأنها «جريمة كبرى في حق الوطن والمؤمنين، ليس لها أي مبرر وجريمة بحق المواطنين الأبرياء» وقال: إن الاعتداء على أفراد الأمن ومقراته، والخروج على نظام الدولة بالسلاح لا ُيقبل بأي حال من الأحوال، واعتبره من المحاداة والخروج على ولي الأمر، ومحاداة للمسلمين والمؤمنين. وأكد على ضرورة أن يبقى هذا البلد آمنًا مطمئنًا ومستقرًا، كونه يحوي الحرمين الشريفين مكة والمدينة، ومأوى عقيدة المسلمين وأفئدتهم ومهبط الوحي وقبلة المسلمين، مشيرًا إلى أن الشخص الذي يحاول زعزعة الأمن والاستقرار يجب أن يدان، ويؤخذ على يديه من قبل كل المسلمين، وأن على أي مؤمن أو مسلم أو من يدعي الإسلام أن يتجنب ارتكاب أي أعمال يكون من شأنها ترويع الآمنين، وأضاف يجب على مؤسسات وأجهزة الدولة أن تردع مثل هؤلاء الردع القويم، وتحاسبهم حتى يكونوا عبرة لغيرهم، ويجب على المواطنين في هذه البلاد أن يتعاونوا مع الجهات الحكومية بشتى الصور، وأن يتعاونوا في حماية الوطن بكل الطرق والوسائل لردع مثل هؤلاء والإبلاغ عنهم، فعلى كل مسلم في الدنيا كلها أو العالم بأسره أن يحرص على سلامة ومصلحة واستقرار الوطن الذي يجمعه بغيره من المواطنين، ويعمل دائمًا على حمايته وصيانته. مسؤولية الجميع من جانبه أكد الأستاذ المشارك بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور هشام بن عبدالملك آل الشيخ، أنه نظرًا لما شهدته بعض مناطق المملكة من أحداث شغب وما تلاه من بيان لوزارة الداخلية الذي أوضح جميع ملابسات الأحداث في هذه القضية فان أمن الوطن يصبح مسؤولية الجميع، وأن الاختلاف في الرأي والتباين في وجهات النظر لا يمكن أن يبرر مس أمن الوطن بأي شكل من الأشكال؛ لأن أمن الوطن هو المعيار الحقيقي لانتماء المواطن أيًا كان جنسه أو لونه أو لغته أو ثقافته أو توجُّهه. الشائعات المغرضة وأضاف قائلًا: إن هذه الأحداث المؤسفة التي شهدها القطيف يتحملها المتسببون فيها، ومهما كنت دوافعهم أو الإغراءات التي تعرضوا لها للقيام بها، فإنهم يتحملونها وذلك لأن الوطن كالمركب أو السفينة التي لا ينبغي لأي شخص من ركابها أن يخرقها فالمحافظة على الوطن مسؤوليتنا المشتركة، وتربية أنفسنا وأبنائنا وجيراننا على هذا الأمر لهو من الأهمية بمكان. وألمح آل الشيخ إلى أن الأحداث التي يشهدها العالم العربي والإسلامي بل العالم أجمع وما أفرزته هذه الأحداث من واقع مرير ومؤلم ينبغي أن يكون درسًا لنا جميعًا نحن المواطنين السعوديين في أن نحافظ على وطننا، وأن نحفظ وحدته ولحمته وأن نلتف حول ولاة أمورنا، وأن نترك الشائعات والآراء المغرضة. ازدواجية المطالب بدوره قال أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود الدكتور مالك الأحمد: إن المرء يعجب من أناس يعيشون في هذا البلد وينعمون بنعمه وفي نفس الوقت يرتبطون بولائهم لجهات خارجية؛ لذا فهم مصابون بالازدواجية في المطالب فمن جهة يطالبون بالحقوق ويدعون المظلومية ومن جهة ثانية ينتمون لجهات خارجية، وأضاف على الإنسان أن يخلص ولاءه إلى طرف واحد فقط، ويعلنها صراحة إذا كان ارتباطه بالخارج، بدلًا أن يدعي الظلم والتفرقة، واستنكر لجوء مثيري الفتنة إلى أبواق وسائل الدعاية الأجنبية والمعادية والقوى الخارجية لعرض المطالب أو الحصول عليها، وأوضح أن وسائل الحصول على الحق كثيرة ولا تستدعي أبدًا اللجوء إلى الخارج؛ لأن قوانين المملكة كفلت حق عرض المطالب لكل مواطنيها، وتوجه بالحديث إلى العقلاء، قائلًا: دونكم خفيف العقل حتى لا تأخذ المسألة بعدًا طائفيًاح، لأنه إذا انفرط سيصعب علاجه، وأضاف لا زال الوقت متاحًا ويجب على الكبار والعقلاء من الطائفة أن يأخذوا على أيدي السفهاء وأن يعلنوا مواقفهم بصراحة، وأن يدعو خطابهم إلى التهدئة وتغليب صوت العقل، وليس خطاب شحن وإثارة وكراهية حتى يخرج الشباب على النظام، ويرتكبوا الأعمال المخلة بالأمن. شيعة المملكة وأكد عضو الجمعية الفقهية السعودية الدكتور صالح العصيمي أن الشيعة في المملكة العربية السعودية ينعمون بالأمن والأمان ويتمتعون بحقوق المواطنة، وهي حقوق لم يحصل عليها الشيعة في غير هذه البلاد الطيبة المباركة، وعلى النقيض يحرم أهل السنة على الأمن والأمان في بلدان الشيعة، ونبه عقلاءهم إلى أن يدركوا أن الوطن ليس دمية، وعليهم ألا يلعبوا بالنار حتى لا تحرقهم وتحرق من حولهم، وقال: نحن ندرك أن بعض الدول تريد إشعال حرب طائفية بين السنة والشيعة، ولكنها إذا كانت قادرة على إشعالها في بلدان أخرى، فعليها أن تعلم أن المملكة العربية السعودية بفضل الله أولًا وآخرًا، ثم بفضل تماسك علمائها الربانيين مع شعبها الوفي وتلاحم القيادة مع الشعب تلاحمًا مبينًا على الولاء لله تبارك وتعالى وعلى حب الخير للناس جميعا، ستكون عصية على وسائلهم. أمن الوطن وقال العصيمي: أتوجه بالنصيحة إلى جميع من في هذا الوطن من حكام ومحكومين وعلماء ربانيين أن يتقوا الله عز وجل حق تقاته ولا يموتن إلا وهم مسلمون، وأن يرجعوا إلى الله عز وجل، وأن يعلموا قيمة العلماء الربانيين ويقدروهم حق قدرهم ويهتموا بهم ويسمعوا لنصائحهم، فهم الذين عرفوا بإخلاصهم لله وبقبول الناس لهم، ويجب علينا جميعا أن نتعاون لحفظ أمن هذا الوطن وتحقيق طاعة الله ورسول صلى الله عليه وسلم، امتثالًا لقوله تعالى (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس)، ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا) وعلينا جميعًا أن نتعاون على البر والتقوى، وحفظ أمن هذه البلاد من البر العظيم، قال سبحانه: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ويجب أن ندرك أننا لسنا بمنأى عن هذه الفتن والمصائب إذا لم نرجع لعبادة الله عز وجل، ونكثر الاستغفار والتوبة، قال سبحانه: (وكانوا لنا عابدين) وقال جل وعلا: (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور). أرواح الأبرياء من ناحيته اعتبر المدير التنفيذي للملتقى العالمي للعلماء والمفكرين المسلمين الشيخ الدكتور سعد الشهراني المخططين والمنفذين لأحداث العوامية متساوين مهما كانت التصنيفات عملاء أو فئة ضالة، مشيرًا إلى أن الأحداث تتطلب درجة أكبر من الجدية والحزم في التعامل. وأكد أن أرواح الأبرياء ورجال الأمن الوطني فوق كل اعتبار، مضيفًا أعتقد أن أقصى درجات الصرامة والردع في هذا التوقيت يجب أن تتخذ لمواجهة المخططات التي تحاك ضد هذا البلد؛ لأن رجال الأمن ومراكز الشرطة خطوط حمراء، وممارسة السفه والرعونة والإجرام تحت أي هدف ومهما كانت المبررات فهي مرفوضة، ولا حوار واختلاف يحترم حولها. بكس (1) اعتبر أن الإخلال بأمن الوطن بقتل أو دعوة إلى فتنة من أعظم المنكرات: الخضيري: يجب وجوبًا حتميًا أن يقام حد الحرابة في الذين أفسدوا في الأرض وأوضح القاضي بمحكمة التمييز بالرياض الدكتور إبراهيم الخضيري أنه لا يشك في أن ما حدث في القطيف نوع من أنواع المحاربة وخيانة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ويجب وجوبًا حتميًا أن يقام حد الحرابة في الذين أفسدوا في الأرض امتثالًا لقوله تعالى: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض)، ومن أعظم المنكرات الإخلال بأمن الوطن بقتل أو سرقة أو دعوة إلى فتنة أو بلاء مبين، وعلينا جميعا أن نقدر علمائنا حق قدرهم، وأن نرفعهم إلى الدرجة التي أعطاهم الله إياها، لكي لا نعاقب بسبب تقصيرنا تجاههم، وعلماؤنا الربانيون هم المشعل المبارك الذي تستمع له الأمة، في هذا الزمن العظيم، نسأل الله جل وعلا أن يحفظ هذه البلاد قيادة وشعبا بحفظه وان يرعاها برعايته، وأن يكلؤها بعنايته، ويحرسها بعينه التي لا تنام، وأن يعيننا على كل خير بأمتنا وأمننا وبلادنا. بكس (2) اعتبر أن الأحداث شكلت صدمة للشعب السعودي ودعا إلى الحفاظ على الوحدة: المالكي: على العقلاء من أبناء القطيف مسؤولية توعية الشباب ونشر الفكر المعتدل أوضح المشرف على كرسي الأمير خالد الفيصل الدكتور سعيد بن مسفر المالكي أن منهج الاعتدال الذي تسير عليه المملكة العربية السعودية يجعل المواطنين كافة على هذه الأرض المباركة يفتخرون بهذا المنهج الذي بُني على أصول الشريعة الإسلامية كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- فحفظ هذا المنهج الحقوق، واحترم القوانين، وقدر الاختلاف الفكري والثقافي بين أطياف المجتمع السعودي، واهتم بفتح أبواب الحوار بين فئاته المختلفة، وفي الوقت نفسه فإن المواطنين كافة على اختلاف توجهاتهم الفكرية والثقافية لا يسمحون أن تمس وحدتهم الوطنية قيد أنملة، ولا أن تتسرب روح الفرقة القاتلة إلى مجتمعهم السعودي مهما كانت الأسباب والدوافع التي تقف وراء ذلك. لقد جاءت أحداث القطيف الماضية كصدمة لكل الشعب السعودي، فبعد أن شهدت شعوب العالم قبل الشعب السعودي مدى اهتمام الحكومة بأبنائها المواطنين عبر العديد من الخطوات والقرارات التي صاغتها حكمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- لمصلحة الشعب ورفاهيته ونمائه، نفاجأ جميعًا بهذا العنف غير المبرر ضد شعبنا وأمننا ومصالحنا الوطنية. إنني أتساءل عن أسباب هذه العنف وهذه العصبية البغيضة، فلا أجد لها سوى أن هؤلاء المتسببين في هذه الأحداث قد أطلقوا عنان فكرهم، وسلموا مقاليد عقولهم لشرذمة من الحاقدين على هذه البلاد الطاهرة، فأتمروا بأمرهم ورضخوا لتنفيذ مخططاتهم الشيطانية، غير مبالين بانتمائهم لوطنهم والذود على مكتسباتهم ومقدراتهم، فخربوا بيوتهم بأنفسهم. لقد نسي هؤلاء المغرر بهم أن هذه الأعمال التخريبية والعنيفة هي في الواقع موجهة لأنفسهم لشعبهم ولمنجزاتهم الحضارية، وأنهم سيكونون أول الخاسرين من هذه الأفعال، أما من يحرضهم فهم المستفيدون، فقد نقلوا الاضطراب والفرقة إلى مجتمع آخر، في محاولة للتنفيس عن أنفسهم مما يعانونه من خزي الدكتاتورية التي يمارسونها على شعوبهم ومن عار الاضطهاد الذي نكلوا به الأبرياء في مجتمعهم، فأصبحت مجتمعاتهم تسودها قسوة التعذيب وفظاعة المجازر الجماعية، لقد أحاط بهؤلاء هذا الخزي وهذا العار، فرأوا أن منفذهم الوحيد هو تصدير هذا الفكر القاتل إلى دول تنعم بالأمن والاستقرار وتعيش في ظلال الوحدة ووحدة الصف واتحاد الكلمة. إن العقلاء من أبناء القطيف الذين هم جزء مهم من شعبنا لهم كل التقدير والاحترام والحقوق كاملة غير منقوصة، فبيدهم الحل الناجع تجاه هذه الأفعال العنيفة التي لا تمثلهم ولا تعكس فكر الغالبية منهم، فهم مفاتيح للخير مغاليق لأبواب الشر، فعليهم مسؤولية توعية هؤلاء الشباب المغرر بهم وعليهم مهمة نشر الفكر المعتدل والحد من التطرف في الفكر والسلوك تجاه الغير، وعندي ثقة بأنهم قادرون على إحداث توازن إيجابي في سلوك شبابنا في منطقة القطيف وتصرفاتهم، والذين هم بلا شك من أعمدة مستقبل وطننا، ولبنة مهمة في مسيرته التنموية.