إن نوادر أهل الفن لا تحصى ولا تعد وهي لا تخلو من طرافة وأحيانًا تنتهى بمأساة. هناك قصة طريفة حدثت للممثلة الأمريكية المشهورة (ميرى بيكفورد) عند زيارتها لروسيا الشيوعية لأول مرة وذلك في شهر يوليو 1926 حيث استقبلها المخرج الروسي سيرجى كومورروف وقد انبهر بجمالها وراودته فكرة أن تكون بطلة لفيلم من إخراجه إلا أن ذلك مستحيل حيث إن الوقت ضيق كما أنه يجب أن توافق على الرواية التي سوف تمثلها لذلك راودته فكرة مجنونة وقرر أن ينفذها فقد قدم نفسه للممثلة الأمريكية على إنه مصور إخباري وحمل كاميرا سينمائية لتسجيل رحلتها في روسيا وزيارتها من لحظة وصولها أرض المطار إلى نهاية الرحلة ووداعها في المطارمغادرة روسيا. فقد لازمها في انتقالها من مكان لآخر ليلًا ونهارًا وقد تبعها كظلها إلى أن انتهت رحلتها حتى وداعها في المطار واختار ممثلا روسيا مغمورا من المعجبين بها وقد ظهر معها في أغلب لقطات الفيلم واستطاع المخرج بذكاء وحرفية أن يصور قبلة بين (ميرى بيكفورد) والممثل الروسي الذي اختارته سيرجي للظهور معها أغلب لقطات الفيلم وقد سمى الفيلم «قبلة ميرى باكفورد» وعُرض في الاتحاد السوفيتي ولاقى اقبالًا ونجاحًا شعبيًا فى روسيا دون علم أو موافقة الممثلة الأمريكية المشهورة أنها اشتركت في فيلم روسي وعُرض هناك ونجح جماهيريًا وقد لعب المونتاج دورا هاما في إخراج هذا العمل وذلك لأن صناعة فيلم سينمائي من خلال تجميع لقطات متفرقة ونسج خيوط رواية من هذه اللقطات يعتمد على مهارة المبدع وإحساسه الفنى وإن استغرق هذا كثيرا من الوقت إلى أن أتت النتيجة مرضية ونجح الفيلم في روسيا وهنا لزم التنوية أن السينما الروسية اعتمدت على المونتاج (تتابع لقطات الفيلم) وقد اكتشف المخرجون الروس أهمية القطع والإضاءة في التأثير على جمهور المشاهدين كما أن اختيار القطع المتوازي وأحجام اللقطات في أفلام المغامرات (الأكشن) تعطي الأحداث تشويقا وذلك لتتابع اللقطات في المطاردات بين حدثين مختلفين. من المواقف التي انقلبت بمأساة قصة الفنانة سعاد حسني عندما فكرت في كتابة مذكراتها ونشرها وقد كانت متورطة مع المخابرات المصرية وإلى الآن حادث مقتلها في لندن يكتنفه الغموض حيث إنه اتضح أنها خُدرت وأُلقيت من شرفة بالدور السادس بأوامر من صفوت الشريف والمخابرات المصرية على خلفية فضائح أخلاقية أجبرتها المخابرات عليها. نفس هذه القصة تتكرر وإن اختلفت التفاصيل وهو مقتل ممثلة أمريكا في الخمسينات والستينات الأسطورة مارلين مونرو حيث إن هناك أكثر من ثلاثمائة كتاب نُشر بعد وفاتها وكثرت التكهنات بين انتحارها نتيجة اكتئاب أو مقتلها بأيدي الإخوة كيندي جون رئيس الولاياتالمتحدة وشقيقه روبرت وزير العدل فى ذلك الوقت فقد هددت مارلين مونرو روبرت كيندي بعقد مؤتمر صحفي للكشف عن علاقتها العاطفية به مما سوف يقضي على مستقبله السياسي ولم يُكشف عن هذه الأحداث والحقائق إلا بعد ثلاثين عامًا من مقتل الممثلة ووفاة الشقيقين كيندي في أحداث قتل سياسية، وارتباط بعض أهل الفن والنجوم برجال السياسة له بريقه وإن كان له أيضًا مخاطر، وعلى ذكر السياسة فقد حقق الممثل الإنجليزي العبقري (شارلى شابلن) نجاحا عظيما في أمريكا بداية القرن الماضي بعد أن هاجر إليها هو وشقيقه سدني معدم ولكنه موهوب في الرقص الإيقاعي والموسيقى وقد حقق نجاحًا عظيمًا في عصر السينما الصامتة وأفلامه لاقت رواجًا كبيرًا داخل وخارج أمريكا فقد كان شارلى شابلن هو مؤلف الرواية السينمائية وهو واضع الموسيقى على الفيلم فهو يجيد التأليف الموسيقي والعزف على البيانو كما أنه هو بطل جميع أفلامه ويختار بطلات من أجمل ممثلات السينما في ذلك الزمان إلا أنه أُتهم بالشيوعية على خلفية أحد أفلامه وقد دأب على اختيار شخصية الرجل المظلوم المطحون الطيب والتي تقع البطلة في حبه وتتعاطف معه ضد ظلم أصحاب العمل الأغنياء مما جعله يُتهم بأنه عدو الماكيرثية على اسم سياسى مشهور يحارب المد الشيوعي بأمريكا فما كان منه إلا أن باع نصيبه في شركة الأفلام التي امتلكها مع ميري بافورد ودوجلس فربنكس واختار السفر إلى سويسرا وامتلك هناك مزرعة وقصرا واعتزل الفن وتفرّغ لتربية أبنائه الستة الذين أنجبهم من ابنة الكاتب المسرحي المشهور يوجين أونيل والتي يكبرها بأكثر من ثلاثين عامًا، وإن لم يغادر أمريكا ويذهب إلى أوروبا في الوقت المناسب لقضى سنوات عديدة بالسجن إلى أن يثبت براءته من اتهامه بالشيوعية وهذا منافي للحقيقة، بعد ذلك اشترك في أفلام سينمائية ناطقة وآخرها «سيدة من هونج كونج» مع الإيطالية صوفيا لورين إلا أنه لم يحقق نجاحًا يذكر فقد كان بطل الأفلام الصامتة بلا منازع.