علي النقمي -مكةالمكرمة يتمتع المجتمع السعودي بحب الخير والتكافل الاجتماعي فيما بين أفراده وفئاته المختلفة ، وانتشار الجمعيات الخيرية في كافة أرجاء المملكة دليل ناصع على جانب من جوانب التكافل الاجتماعي الذي يتميز به أفراد هذا المجتمع عن غيره من المجتمعات ، مجسدا في ذلك صورة براقة في التآلف والتعاون ، تلك الصورة لايخدش نصاعتها في نظر الكثير غير الازدواجية في العمل فيما بينها ، مغدقة على أسر مكتفية ، تاركة أسرا أخرى متعففة تصارع بقايا الحياة القاسية، أعيتها الحاجة والخوف والحياء من التحايل بل وحتى الوصول لحقّ من حقوقها المفترضة لجمعية واحدة من تلك الجمعيات الخيرية المنتشرة ، فبقيت على شظف العيش وقساوة الحياة!. «المدينة» وقفت لمناقشة أسباب الازدواجية في عمل تلك الجمعيات مع بعض قادة العمل الخيري والناشطين في المجال الخيري ، والآلية الصحيحة التي يمكن من خلالها الوصول إلى الأفراد والأسر المستحقين لبذل المحسنين وعطاء الخيرين ، والطريقة السليمة في القضاء على تحايل البعض على الجمعيات الخيرية هنا وهناك. بداية يقول سليمان بن عواض الزايدي عضو مجلس الشورى ونائب رئيس جمعية الإحسان والتكافل الاجتماعي بمكةالمكرمة : لاتوجد قاعدة بيانات عن الوضع الفعلي للجمعيات والمؤسسات الخيرية تساعدها على تحسين وتطوير العمل داخل هذه الجمعيات مشيرا إلى أن الحاجة لهذه القاعدة أصبحت ملحة وضرورية لتكون عونا للجمعيات والمؤسسات لتنظيم العمل والقضاء على الازدواجية الموجودة حتى تتسع دائرة العمل الخيري. وأضاف الزايدي قائلا: إن تكرار أسماء المستفيدين في أكثر من جمعية يحجب الوصول إلى قوائم المنتظرين لدى الجمعيات مشيرا إلى أن الأمل كبير في وزارة الشؤون الاجتماعية لبناء قاعدة معلومات للعمل الخيري لافتًا إلى أن هذه القاعدة أصبحت مطلبا ملحًّا للعاملين في القطاع الخيري بكافة مناطق المملكة ومحافظاتها. - من جانبه أشار رئيس مجلس إدارة جمعية البر بمكةالمكرمة الدكتور طارق جمال إلى أن هناك تنسيقا فرديا بين جمعية البر بمكةالمكرمة وبعض الجمعيات الأخرى في تبادل المعلومات الخاصة بالمستفيدين حتى لا تحدث هناك ازدواجية في تقديم الخدمات لهم . وعن الأسباب في غياب التكامل والتنسيق بين الجهات الخيرية ، أوضح جمال أن هناك أسبابا عديدة ، منها : عدم وجود نظام حاسوبي يربط هذه الجهات لتبادل المعلومات فيما بينها يعتبر سببا رئيسيا في هذا الغياب كما أن عدم وجود تنسيق يشتت الجهود ، وعدم وجود قاعدة بيانات لتحديد نسب الفقر وتمركزها ، وعدم وجود آلية قوية لتحديد المحتاج الفعلي من غيره ، مشيرا إلى أن بعض طالبي المساعدات باستطاعتهم العمل وقد يكونون من صغار السن ولكنهم يصرّون على طلب المساعدة وينتقلون بين الجمعيات ، لذا يجب التنسيق لكي لا تحدث الازدواجية. وعن العلاج المناسب لهذه الازدواجية ، رأى الدكتور طارق جمال وجوب تفعيل دور المجلس التنسيقي للجمعيات الخيرية على مستوى المنطقة ، مع إيجاد قاعدة بيانات متكاملة والتعجيل بالربط الالكتروني بين الجمعيات والوزارة ، وتحديث نظام الجمعيات بما يتوافق مع معطيات المجتمع الحالية . وأبدى اقتراحا بقوله : حتى نصل للمحتاج الفعلي لا بد من معرفة الدخل المادي لكل طالب مساعدة من الجمعيات وهذا يحتاج إلى ربط الكتروني كامل بين الجمعيات والجهات التي تقدم الدعم والمساعدة وكذلك جهات العمل مثل مصلحة التقاعد والتأمينات الاجتماعية ووزارة الخدمة المدنية ووزارة التجارة وقد نطلب من طالب المساعدة إحضار كشف حساب من البنك إن كان له حساب في البنك . قصور واضح - من جهته اعترف رئيس اللجنة الوطنية لرعاية أسر السجناء والمفرج عنهم (تراحم) يحيي الكناني بالازدواجية في العمل بين الجمعيات الخيرية في العطاء للمستفيدين ، مرجعا ذلك إلى عدم التنسيق والتعاون بين تلك الجمعيات الخيرية الكثيرة والمنتشرة في البلاد ، مما حدا باستفادة بعض الأسر من هذه الطريقة للجمع في الاستفادة ماتقدمه بعض الجهات لتجدها مسجلة هنا وهناك ، بسبب جلَدِ وصبر ربّ الأسر ، فيما تظل الأسر الضعيفة عاجزة للوصول لواحدة من تلك الجهات بسبب المرض أو القصور المعرفي أو الحياء والتعفف ونحوه ، فتصبح تلك الأسر المتعففة لاتحصل على شيء من خيرات الجمعيات مما يتطلب من الجهات الخيرية المتعددة الوصول إليها وذلك عن طريق الحوسبة المعلوماتية لتصلها الصدقات والمساعدات وهي في بيوتها. وقال الكناني : إن كثرة الجمعيات الخيرية في بلادنا ولله الحمد ، هي بلاشك إيجابية ووجودها في المجتمعات الإسلامية على وجه العموم ضرورية وهي سمة من سمات تلك المجتمعات المسلمة ، وتلك الجمعيات همزة وصل بين المتبرعين والمحتاجين ، لكن هناك من امتهن التحايل فيأخذ من معظم هذه الجمعيات وينشط في المواسم ويستطيع الحصول على نصيب الأسد ، فيما تظل هناك أسر محتاجة لم تصل إليها يد المساعدة!!. ونادى الكناني بضرورة التنسيق مابين الجمعيات مع بعضها البعض من خلال حوسبة المعلومات للوصول للمحتاجين المستحقين ، معتبرا وجود جهة إشرافية عليا للتنسيق مابين تلك الجمعيات ضرورة أيضا كإمارة المنطقة أو وزارة الشؤون الاجتماعية مثلا ليصل العطاء في مكانه الصحيح ولايتكرر لأناس دون أناس. وأشار مدير جمعية (تراحم) إلى أن الضمان الاجتماعي يعد أبرز الجهات التي كونت قاعدة دقيقة عن الأسر المحتاجة وأحوال كل فرد فيها ، مطالبا بضرورة تنسيق هذه الجمعيات الخيرية مع الضمان في إيصال الخير والعطاء لأهله ، وتصب هذه الجهات كلها لتكون قناة للضمان الاجتماعي ، لأن الكثير من الباذلين الآن يثقون في الضمان الاجتماعي كجهة حكومية تشرف عليها الدولة ، وكذلك بقية الجهات الأخرى ، ولكن الضمان الاجتماعي أصبح الآن آلية العمل فيه جيدة جدا والمعلومة فيه دقيقة ، والبحث فيه واضح جدا من خلال اللجوء للحاسب الآلي لاستخراج المعلومة الدقيقة منه ، معتبرا أن هذه الجهات الخيرية حبذا لو نظمت ورتبت بالتنسيق مع الضمان الاجتماعي ليصبح الضمان هو الجهة المعنية بدراسة حالات هذه الأسر المستفيدة ، وتكون هذه الجهات باذلة وجامعة لأموال المحسنين. واقترح الكناني أن تقوم هذه الجهات بالتنسيق مع الضمان الاجتماعي حتى تستطيع أن تضمن أن تصل الصدقات والتبرعات والهبات إلى أصحابها الحقيقيين ، معتبرا العمل بهذا المقترح سهلا جدا ، وليس من الصعوبة العمل به خصوصا في ظل التقنيات الحديثة ووجود الشبكة الحاسوبية المرتبطة مع جهات حكومية عديدة مما سهل إيجاد المعلومة ، مشيرا إلى قيام المستودع الخيري إبان الفترة التي قضاها في إدارته بالعمل الحثيث بعد التنبه لوجود حالات من الأسر تستفيد من جهات خيرية متعددة فيما تظل أسر أخرى حبيسة لايصل إليها الخير والمساعدات ، وذلك بالتنسيق مع الجهات الخيرية الأخرى ومصلحة المعاشات والتقاعد ، والتأمينات الاجتماعية وغيرها من الجهات للحصول على المعلومة الواضحة الصحيحة ومن ثم يظهر لنا معدل دخل الفرد حتى يفوت على المحتال حيلته وتصل تلك الصدقات إلى مستحقيها ، ضاربًا بمثال حيّ لقيام أحد المحسنين بالتبرع لأسر السجناء الذي طالب أن يكون دفع تلك الصدقات من خلال الضمان الاجتماعي لوعيه وتأكده أن الضمان من خلال الآلية المقنعة الموجودة من خلال البحث الدقيق والمعلومة الصحيحة لأحوال الشخص المستفيد يتبين الصورة الحقيقية والوافية عن حال هذا الشخص وتلك الأسرة. وعدّ الكناني إقدام هذا المحسن للتبرع لأسر السجناء عن طريق الضمان الاجتماعي فكرة رائدة وقد أخذ كل ذي حق حقه حسب أعداد أفراد الأسرة وأحوالها ووضعها. التنسيق مسؤوليتكم - وفي رد وزارة الشؤون الاجتماعية على ما اقترحه قادة العمل في مؤسسات المجتمع المدني تجاه عملية التنسيق والتعاون مابين الجمعيات وجعل الضمان الاجتماعي جهة تنفيذية ومكانا لصبّ التبرعات من المحسنين قال المتحدث الرسمي للوزارة محمد العوض: نحن جهة إشرافية على الأمور المالية والإدارية ، والجزئيات التفصيلية الخاصة بآليات العمل متروكة للجمعيات الخيرية وهي من شؤونها الخاصة في عملية التنسيق التي لاتعارضها الوزارة ، مستدركا أن الوضع لايحتاج هذه الهالة من التحدث على أمور مالية قد لا توازي المستفيد جراء تعبه.