طبيعة النفس البشريّة ترفض أن ينتقص من قدرها أحد. وتطيب وتطرب أن تسمع كلمة ثناء. وفي ذلك قال الشاعر: يهوى الثناء مقصّر ومبرّز حبّ الثناء طبيعة الإنسان ورغم معرفتنا جميعاً بهذه الحقيقة إلا أننا نجد بيننا كثيرين يتعمّدون الانتقاص من قدر الآخرين حولهم ، بل تجدهم يفعلون ذلك مع أشخاص يهمّونهم..فالأمر لا يتعلّق لديهم بأذية من لا قيمة لهم في حياتهم. وقد يتخذ هذا السلوك صوراً عديدة مثل الإزعاج في التعامل، أو التهكّم أو التكبّر، وكثيراً ما يتخذ صورة الانتقاد والانتقاص اللذين لا موجب لهما. هؤلاء يعانون من الشعور بالنقص فيشعرون بانعدام الثقة بالنفس وبأنهم أقل من الآخرين فيعوّضون ذلك بمحاولات دائبة لتتّبع هفوات الآخرين وأخطائهم فيشهّرون بها متخذين منها مدعاة لسرورهم العلنيّ أو السري، شاعرين بالرضا نتيجة الإحساس بأنهم أسمى منهم أو أن الآخرين أقل منهم أو متساوون معهم..مؤمنين أن هذه الزلاّت أو الأخطاء تضعف من فرص تفوّق الآخرين عليهم. فهم يعرّضون بهم لخوفهم من أن يمتازوا عليهم أو لرغبتهم في تحطيم أي فرصة لظهور هذا التميّز. إن من يفعل ذلك لا ينتظر نقص الآخرين فحسب بل تجده ينتقد آراءهم وإن كانت صائبة متميّزة أو ينتقص من نجاحهم أو يضع من اعتبارهم الذاتي. ونادراً ما تجده يعترف بفضلهم، وحين يفعل فإنه يكون اعترافاً مبطّناً بالحسد يخلو من الروح الطيبة لأنه يظن أن نجاح الآخرين وتميّزهم تهديد له ولنجاحه. ويزداد الأمر سوءاً ويشتدّ أواره حينما يكون هذا الشخص فاشلاً في الأساس، لم يستطع أن يحقق إنجازاً أو شيئاً إيجابياً في حياته. فتجده يجعل الحياة سقيمة مرّة إلى أبعد حدود السقم والمرارة لأنفسهم وللآخرين لأنه مستاء دوماً، يصعب إرضاؤه، معتاد على سوء التأويل، يحترق غيظاً حينما يرى تميّز الآخرين، لا يعترف بنقصه وقد يلصقه بالآخرين أو يجنح للافتراء عليهم كما يقول المثل : رمتني بدائها وانسلّت. كما تجده يجادل دونما داع وينزع إلى مخالفة الآخرين وقول (لا) مع عظيم رغبته في قول (نعم). وفي كثير من الأحيان يتحوّل إلى لص جبان فيسرق تميّز الآخرين، فإن كان رأياً نسبه إلى نفسه وإن كان نجاحاً ادّعى أنه صانعه والدّاعم له والدافع لمحركاته. وإن كان سمعة طيبة ومكانة بين الناس سعى إلى تحطيمها وتشويهها ونسب فضائلها إلى نفسه. ومثل هذا الشخص ليس لديه أدنى استعداد لأن يرتقي بنفسه ويحسّن من قدراته فهو يعيش بين نقائصه وسلبياته دون أدنى رغبة في الاجتهاد ليكون أفضل، مسخّراً وقته وجهده للاستهزاء والسخرية من الآخرين والانتقاص من قدرهم وهذا الفعل هو سلاح المهزوم. هذا الشخص المصاب بالنقص احذره .. لأنه موجود دائماً في كل زمان ومكان. وانتبه قد يكون قريبا منك جدا يقاسمك اللقمة والهواء إذ من الممكن أن يكون أخاً أو صديقاً عزيزاً مقرّباً أو شريك الحياة أو ابناً . احذره ولا تجعله يعيق مسيرة نجاحك بعقده ونقائصه. www.alshaden.net