وضح المدرب في التنمية البشرية د. عبداللطيف الصريخ أركان أسس التفاؤل فقال: »الركن الأول: حسن الظن بالله وبالنبي صلى الله عليه وسلم: لما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم كرهته كراهية شديدة، فانطلقت حتى كنت في أقصى الأرض مما يلي الروم، فكرهت مكاني أشد من كراهته، فقلت: لو أتيته، فإن كان كاذبًا لم يخْفَ عليْ، وإن كان صادقًا اتبعته، فأقبلت، فلما قدمتُ المدينة استشرفني الناس، فقالوا: عدي بن حاتم، فأتيته فقال لي: يا عدي، أسلم تسلم، قلت: إن لي دينًا، قال: أنا أعلم بدينك منك، ألست ترأس قومك؟ قلت: بلى، قال: ألست تأكل المرباع؟ قلت: بلى، قال: فإن ذلك لا يحل لك في دينك، ثم قال: أسلم تسلم قد أظن أنه إنما يمنعك -أي من الإسلام - غضاضة تراها ممن حولي، وإنك ترى الناس علينا إلبًا واحدًا. قال: هل أتيت الحيرة؟ قلت لم آتها، وقد علمت مكانها، قال: يُوشك أن تخرج الظعينة منها بغير جواز حتى تطوف بالبيت، ولتفتحن علينا كنوز كسرى بن هُرمز»، فقلت: كسرى بن هرمز؟ قال: نعم، وليفيضن المال حتى يُهم الرجل من يقبل صدقته، قال عدي: فرأيت اثنتين: الظعينة، وكنت في أول خيل أغارت على كنوز كسرى، وأحلف بالله لتجيئن الثالثة، إنه والله التفاؤل الذي يفلق الصخر، ويحول المهمات الصعبة إلى سهلة، إنها ثقة بإنفاذ وعد الله ووعد رسوله - صلى الله عليه وسلم. والركن الثاني: الثقة بالنفس وقدراتها: ذلك أن المرء إذا لم يعرف نفسه معرفة حقيقية، وأن الله زود هذه النفس بطاقات وإمكانات هائلة تؤهلها لمهمة العبودية، أو الاستخلاف في الأرض، كما نطق بذلك الحديث الشريف، إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما خلق الله الأرض جعلت تميد، فخلق الجبال، فألقاها عليها فاستقرت، فتعجبت الملائكة من خلق الجبال، فقالت: يا رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال؟ قال: نعم، الحديد، قالت: يا رب هل من خلقك شيء أشد من الحديد؟ قال: نعم النار، قالت: يا رب هل من خلقك شيء أشد من النار؟ قال: نعم، الماء، قالت: يا رب هل من خلقك شيء أشد من الماء؟ قال: نعم: ، الريح، قالت: يا رب هل من خلقك شيء أشد من الريح؟ قال: نعم، ابن آدم، يتصدق بيمينه يخفيها من شماله». وتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر والركن الثالث: التفكير الإيجابي: حيث التفاؤل الفعال المقرون بالعمل المتعدي لحدود الأماني والأحلام، والتفاؤل المتمشي مع السنن الكونية: أما الخوارق والكرامات فليست لنا ولا يطالب المسلم بالاعتماد عليها، أو الركون إليها، وإنما نحن مطالبون بالأخذ بالأسباب، وفق المنهج الرباني، التفاؤل الواقعي: الذي يتخذ من الحاضر دليلًا على المستقبل دون إفراط أو تفريط، أو غلو أو جفاء. والتفاؤل الإيجابي هو المبني على الثقة بالله، والإيمان بتحقق موعوده، متى ما توافرت الأسباب، وزالت الموانع «ولو شاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض». وتأمل معي هذه البشرى الربانية «لله الأمر من قبل ومن بعد يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو على العزيز الرحيم». وعضّ على هذا النبراس العظيم «فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون».