قال خطيب جامع أم الخير الشيخ صالح بن محمد الجبري في خطبة يوم الجمعة أمس: نحن الآن في شهر شعبان بعد أن مضى شهر رجب الذي عظّم الله تعالى شأنه في كتابه الكريم، وشعبان شهر كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم فيه أكثر مما يصوم في غيره من الأشهر، حرص النبي صلى الله عليه وسلم على كثرة الصيام في شهر شعبان الذي يغفل الناس عنه بين رجب الشهر الحرام وبين رمضان الشهر الكريم شهر القرآن ومن هنا جاء فضل شهر شعبان الذي يشرع فيه الصيام وعلى من فاته شيء من رمضان أن كان مريضا أو مسافرا أو كانت أمرأة فاتها شيء بحكم الدورة الشهرية في رمضان عليهم أن يتداركوا قبل أن يأتيهم رمضان القادم، أما ما جاء عن ليلة النصف منه فقد وردت أحاديث غير صحيحة على الاطلاق ولم يصح منها الا حديث واحد فقط وهو قوله صلى الله عليه وسلم عن معاذ بن جبل - يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن - رواه الطبراني وابن حبان وهو حديث صحيح، والله سبحانه يطلع على خلقه هذه الليلة فيغفر للجميع الا المشرك أو المشاحن والمشرك قال تعالى – إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء – سورة النساء 48 ، وأما المشاحن فهو الذي بينه وبين أخيه المسلم شحناء خصومة عداوة قطيعة فهذا يحرم عنه المغفرة في ليلة النصف من شعبان بل ويحرم عليه المغفرة في كل أسبوع فهناك عرض ومغفرة أسبوعي كل يوم اثنين وخميس وآخر سنوي في ليلة النصف من شعبان وعن هذا العرض فإن أبواب المغفرة مؤصدة ومقفلة أمام الذين لم يصفوا قلوبهم من الأحقاد ويعرفوا معنى الصفاء والنقاء فسلامة الصدور من الضغائن والأحقاد أمر أساسي في الإسلام الذي يقيم حياة الناس على أن يحسنوا صلتهم بربهم الذي خلقهم فسواهم وعلى أن يحسنوا الصلة بين بعضهم البعض وتقوم الصلة بينهم على الأخوة والمحبة هكذا علمنا النبي صلى الله عليه وسلم فلماذا يعيش الناس ويصومون ويحسنون وقلوبهم مليئهٌ بهذه الأمراض وبهذه الاوبئة الفتاكة التي تعمل في قلوب الناس وأرواحهم أكثر مما تعمل الأمراض الحسية بالأجساد، ألا ما أجمل أن يعيش الانسان نقيًا صافيًا ، والله إن الدنيا لأهون من أن يتقاتل عليها الناس فالدنيا تسعك وتسع أخاك فلماذا نضيّق ما وسع الله فلن يأكل أحد رزقك ولن تأكل رزق أحد. قد يقول البعض: لماذا لا نحقد على البعض، وقد أساءوا إلينا وفعلوا بنا كذا وكذا؟ والجواب نحن نعلم أن بعض الناس لا تطيب له الحياة إلا إذا نكّد وظلم غيره، فلنعلم أنه لا ينبغي أن نتمدد إلى مستوى هؤلاء ونعمل بأعمالهم لأنهم ما داموا بهذه الصورة السيئة فلماذا نقلدهم ونشغل أنفسنا بعداوتهم ونعطيهم أكثر من حجمهم حتى ولو كنا لا نحبهم.