بالقرب من الميدان الشهير في محافظة جدة (ميدان الدراجة) يقع حي الفيصلية (3) بمساكنه الشعبية المتهالكة التي غادرها أهلها منذ سنوات، واستبدلوا بها أخرى أفضل، وعلى الطراز الحديث، لتبقى هذه المساكن ملاذًا آمنًا لأعداد كبيرة من المتخلّفين من مختلف الجنسيات الإفريقية، والآسيوية، يسخرونها وفق رغباتهم بما فيها من تجاوزات خطيرة في كثير من الأحيان، متسببين في عدة إشكاليات. وقال عضو في المجلس البلدي بجدة «من الطبيعي أن يستمر مثل هذا الوضع طالما أننا في المجلس نتحدث ونرفع توصيات عاجلة فيما الجهات التنفيذية تتحرك ببطء شديد». وطالب المسؤولين بتنفيذ توصيات المجلس البلدي التي طالب فيها بمعالجة سريعة لمشكلات الأحياء الشعبية. «المدينة» تجوّلت في الحي، ورصدت وسط ترقب ونظرات سكانه المتخلّفين الكثير من المشاهد الغريبة منها عربة حديدية مقفلة بقفل حديدي تحتوي على الكثير من كراتين الفاكهة، سيارات تالفة منتشرة في شوارع الحي على شكل تجمعات أشبه بتشاليح السيارات، مياه راكدة، ونفايات متراكمة، حفر وهبوطات أرضية، كتابات ورسومات مسيئة على الجدران بفعل هؤلاء العمال غير المبالين بأي قيم أو مبادئ. هذا هو واقع الحي أحمد المطيري (أحد سكان الحي) يقول: موقع الحي المتواري من شأنه أن يجعل منه وكرًا لكل من لديه مشكلات أمنية من المتخلفين، فضلاً عن ما به من كوارث طبيعية بسبب هذه العمالة التي تتكيف معها وتعيش بها وتزيد من انتشارها، بل وتصدرها للمحيط الخارجي بما يشكّله ذلك من خطر كبير.. فمياه المجاري والنفايات والأوساخ والحفر والبعوض والبيوت العشوائية المتهالكة، كلها تجسد حالة الحي الاجتماعية التي تتمثل في عدد كبير من الأشخاص الوافدين بطرق غير نظامية، معظمهم من العزاب، ويعملون في أعمال متعددة، منها استغلال الأحواش لجمع العبوات والكراتين الفارغة، فيما عمد البعض الآخر إلى تحويل هذه الأحواش إلى مخازن لجمع أكياس القمح واستغلالها في إعداد الأطعمة داخل هذه الأحواش، ومن ثم بيعها على العامة. الحركة هنا لا تهدأ عمر ميسور أحد سكان الحي النظاميين، وهو مقيم عربي، عبّر عن معاناته الشديدة وبعض جيرانه من ما يدور حولهم ليل نهار بقوله: أعمل بإحدى شركات القطاع الخاص، ولا أعود للمنزل يوميًّا إلاّ مع صلاة المغرب، وأنا في غاية الإجهاد والتعب، أحلم بالراحة ولو لساعة واحدة، إلاّ أنني وبمجرد دخولي إلى الحي أُصدم بمياه المجاري الراكدة، ورائحتها المنتشرة داخل الأزقة بسبب إهمال العمالة المتخلفة من سكان الأحواش المجاورة في علاج هذه المشكلة المستمرة منذ عامين تقريبًا، وما إن أدخل إلى منزلي حتى أبدأ في سماع الصراخ والشتائم بلغات مختلفة، علمًا بأن الحركة هنا لا تهدأ على مدار الساعة. الشرطة والجوازات: حملاتنا مستمرة في مواجهة الظاهرة شرطة محافظة جدة أكدت على لسان ناطقها الرسمي العميد مسفر الجعيد أن كل ما يتم اتخاذه تجاه المناطق العشوائية يتم بهذا الحي، لافتًا إلى أن هناك تشابهًا كبيرًا من حيث المشكلات المنتشرة بهذه الأحياء. وبيّن أن حي الفيصلية الشعبي مستهدف بحملات مكثفة من شرطة محافظة جدة ممثلة في دورياتها الأمنية، وكذلك دوريات البحث الجنائي، وهناك أيضًا حملات خاصة تقوم بها القوات الميدانية التابعة للضبط الإداري بشرطة جدة وهي شبه يومية على هذا الحي والأحياء الشعبية الأخرى لضبط المخالفين وتسليمهم للجهات المختصة، كما أن هناك مشاركات مستمرة من إدارة مكافحة المخدرات وحملات أسبوعية بمشاركة عدة قطاعات. بدوره أكد الناطق الرسمي باسم جوازات منطقة مكةالمكرمة الرائد محمد الحسين على وجود أعداد كبيرة من المتخلفين في الحي، مشددًا في ذات الوقت على جدية إدارته في محاربة هذه الظاهرة بشتى الطرق المتاحة ضمن خطط معدة لمجمل الاحياء الشعبيه التي تكثر بها مشكلات العمالة المتخلفة، وذلك من خلال تكثيف الحملات والمداهمات الميدانية المجدولة وإرسال فرق التفتيش خصوصًا في حي الفيصلية 3، والذي تكثر به الأحواش المليئة بالعمالة الوافدة المقيمة بطرق غير نظامية. “الأمانة”.. لا تعليق «المدينة» حاولت أخذ مرئيات أمانة محافظة جدة أو بلدية المطار الفرعية المسؤولة عن حي الفيصلية على أقل تقدير عن ما تقوم به الأمانة من جهود لإخراجه من دائرة الأحياء الموسومة بعدة سلبيات، منها سوء نظافتها ومظهرها وتكسر شوارعها، وطفح مجاريها، وتدني مستوى صحة البيئة فيها، وسؤالهم عن ما إذا كانت هناك أي مشاريع لتطوير الحي، إلاّ أن رئيس بلدية المطار أحمد عوض اكتفى بإجابة عامة بين قوسين «هناك جهود جبارة بالحي»، ومن ثم طلب التنسيق مع المركز الإعلامي بأمانة محافظة جدة، والذي ارتأى بدوره ضرورة مخاطبته رسميًّا بإرسال فاكس بجميع الاستفسارات المطلوبة، وبالفعل تم إرسال الفاكس المطلوب إلاّ أننا لم نتلقَ أي رد، علمًا بأن هذه الدوامة بين الأمانة والصحفيين أصبحت تتكرر كثيرًا في الآونة الاخيرة وتتفاوت حدتها حسب حساسية الموضوع. أخضر: ننتظر التجاوب مع توصياتنا لإنهاء معاناة الأحياء الشعبية عبر بسام بن جميل أخضر عضو المجلس البلدي بجدة عن أسفه للحالة المتردية التي وصل إليها حي الفيصلية (3) الذي يضم كتلة سكنية عشوائية تكتظ بالعمالة السائبة والمخالفين لأنظمة الإقامة، ويعاني من إهمال كامل في المرافق والشوارع، وتبدو حاراته وأزقته الضيقة مهدمة ومليئة بالحفر الوعائية. وطالب بضرورة تدخل الأمانة وغيرها من الجهات المسؤولة لرفع المستوى البيئي والصحي وتشديد الرقابة وضبط المخالفين الذين يثيرون حالة من الفوضى داخل الحي. وعلق على شكاوى أهالي الحي قائلاً: للأسف الشديد هذه الشكوى ليست الأولى ولن تكون الأخيرة فعدد كبير من الأحياء يعيش المعاناة نفسها، والمجلس البلدي ذهب في زيارات ميدانية واطلع على تسرب المياه الجوفية وتهدم الشوارع في بعض الأحياء وخاطب الأمانة بذلك، وطالب بضرورة معالجة الأمر حتى لا تحدث كوارث مستقبلية. وطالب أخضر المسؤولين بتنفيذ توصيات المجلس البلدي التي طالب خلالها بمعالجة سريعة لمشاكل الأحياء الشعبية، لاسيما أن حكومتنا الرشيدة أجزلت في عطائها ولم تبخل في اعتماد ميزانيات مالية ضخمة لإنهاء معاناة العروس، مؤكداً ثقته وأعضاء المجلس البلدي في تنفيذ توجيهات سمو أمير منطقة مكةالمكرمة بتطوير المناطق العشوائية والقضاء على جميع المخالفات الموجودة بها، وإنهاء معاناة الناس والتصدي لجميع المشاكل وعلى رأسها المياه الجوفية والصرف الصحي.