ليس ثمة اختلاف على أن المبنى المدرسي هو البيئة التعليمية التي تنفذ من خلالها كل الفعاليات التعليمية وبما أن المدرسة الحديثة غدت أكثر توسعا في برامجها ونشاطاتها عن ذي قبل إذ لم يعد الاقتصار على حجرة الدرس وبقاء التلميذ كمتلقي طيلة اليوم الدراسي.. ولأن كل مرفق وأي فضاء في المبني المدرسي هو جزء هام من المناخ التعليمي وهذا قد يتوفر في المباني المدرسية الحكومية ولكن هناك من المباني المدرسية ما هو مستأجر لا يفي بجزء من متطلبات الحراك التعليمي والتطوير التربوي. صحيح أن وزارة التربية حريصة على مسألة إحلال مبان أنموذجية مكان ما هو مستأجر وفق مشاريع ذات طموح, وأنها تنفق ما يوازي 26% من مخصصاتها المالية في تطوير التعليم، ويقع النصيب الأكبر على قطاع المباني والتجهيزات المدرسية بنين وبنات. ولكن لتسارع النمو في أعداد التلاميذ والتوسع العمراني وحتمية تحقيق الجودة النوعية في البناء المدرسي وندرة المواقع الملائمة لتشييد مبان مناسبة الأمر الذي أفضى إلى إبطاء ملحوظ في تنفيذ المشاريع المدرسية. وللخروج من هذه الإشكالات لابد من الإفادة من الأراضي الفضاء في الأحياء الحديثة (المخططات) والمخصصة كمرافق خدمية وبناء مجمعات تعليمية عليها كما هو الآن في مواقع كانت تتبع لرئاسة تعليم البنات سابقاً قبل الدمج، ولعلها بادرة تحسب لرئاسة تعليم البنات حيث تم توفير مواقع متعددة إبان تلك الحقبة تبين نفعها فيما بعد في إقامة تلك المجمعات التعليمية القائمة الآن والتي جعلت من تعليم البنات أوفر حظاً من قطاع البنين في شأن المباني المدرسية. ثمة جانب آخر يتعلق بالإصحاح البيئي المدرسي إذ يلاحظ استمرارية اعتماد المباني المدرسية على (التكييف) من نوع الوحدات الصغيرة (الشباك) وهذه مع تكلفتها العالية نجدها مصدر ضرر صحي لعدم قدرتها على تجديد هواء المرافق المدرسية مما ينتج عنه تلوث يساعد في نشر الأمراض التنفسية علاوة على ما ينتج عن عدم تجدد الهواء من خمول وتراخ في حيوية التلاميذ، والأحرى أن تحظى المدارس بأرقى وأصح أنظمة التكييف والتي لن نجدها إلا في منظومة التكييف المركزي الذي يعمل على تجديد الهواء على مدار الساعة. مشكلة المباني المدرسية جديرة بأن تأخذ حقها من الاهتمام ففي كل عام تحال الكثير من المدارس إلى الدراسة المسائية بسبب المباني وتطرح إعلانات للبحث عن مبان مستأجرة وليس هذا هو الحل لأن حجم النهضة التعليمية المأمول أكبر وأجدر فالاستثمار في التربية والتعليم لا يدانيه استثمار والله المستعان.