على طريق “الزندقة” التي أصبحت “ظاهرة فكرية” -في عهد النظام المصري السابق لها رموزها- الذين تحرسهم مباحث أمن الدولة.. ولها مشاريع فكرية، تفرض على القراء.. بل تقرر على طلاب الجامعات! في هذا الاطار أعيد النشر والانتشار لمقولات الفلسفلة الوضعية اللادينية، التي تبلورت وسادت في القرنين السادس عشر والسابع عشر.. فكان زنادقة مصر مقلدين لزنادقة أوروبا، حذوك النعل بالنعل، ودونما أية اضافات أو إبداعات.. اللهم إلا محاولة نقل ما قيل عن المسيحية واليهودية إلى عالم الاسلام.. وإلى اللغة العربية. وفي إطار هذه الظاهرة.. وبعد تأليه الانسان بدلا من الله دعا رمز من رموز هذه الظاهرة إلى “أنسنة النبوة والوحي” فكتب يقول “إن النبوة التي تتحدث عن امكانية اتصال النبي بالله وتبليغ رسالة منه، هي في الحقيقة مبحث في الانسان كحلقة اتصال بين الفكر والواقع.. فالنبوة ليست غيبية بل حسية والغيبيات اغتراب عنها والمعارف النبوية دنيوية حسية”!. وبعد أنسنة الالوهية وأنسنة النبوة والوحي ذهب صاحب هذا الفكر إلى أنسنة عالم الغيب فقال: “إن أمور المعاد انما تعبر على طريقتها الخاصة وبالاسلوب الفني الذي يعتمد على الصور والخيال، عن أماني الانسان في عالم يسوده العدل والقانون.. إنها تعبير عن مستقبل الانسان في عالم أفضل”. وبعد أنسنة هذه العقائد الألوهية.. والنبوة والوحي والغيب ذهب صاحب هذا الفكر إلى القول بأن الوحي لم يأت بجديد.. وأن العقل لا يحتاج إلى هذا الوحي بحال من الاحوال. فقال: “إن العقل ليس بحاجة إلى عون، وليس هناك من يند عن العقل.. والوحي لا يعطي الانسانية شيئًا لا تستطيع أن تكتشفه بنفسها في داخلها.. وإن ما يصوره القدماء أنه من وحي الله أعيد اكتشافه على أنه من وضع الانسان، ولقد أدى ذلك إلى تغيير مفهوم الوحي والنبوة فالعقيدة لم تخرج من النص، بل النص هو الذى خرج من العقيدة”!. وعلى هذا الدرب -درب أنسنة العقائد الالهية.. وتفريغ الدين من الدين-. ذهب صاحب هذا الفكر إلى ضرورة التحلى عن ألفاظ ومصطلحات كثيرة مثل: الله.. والرسول.. والدين.. والجنة.. والنار.. والثواب.. والعقاب.... لأنها مصطلحات قطعية تجاوز الحس والمشاهدة، وتشير إلى مقولات غير انسانية.. فمصطلح الانسان الكامل أكثر تعبيرا من لفظ “الله” كذلك دعا صاحب هذا الفكر إلى الانتقال من العقل إلى الطبيعة ومن الروح إلى المادة ومن الله إلى العالم ومن النفس إلى البدن، ومن وحدة العقيدة إلى وحدة السلوك!. فالتوحيد هو وحدة البشرية، ووحدة التاريخ!. والعلمانية هي جوهر الوحي!.. والالحاد هو التجديد! وهو المعنى الأصلي للإيمان!! هكذا بلغت الزندقة حدودها القصوى -في مصر الاسلامية.. وحرستها دولة النظام السابق على امتداد ثلاثين عامًا!