لم يمنع الظرف الاستثنائي الذي تمرّ به تونس، هيئة مهرجان اللقاءات الدولية للفيلم الوثائقي بتونس، من عقد الدورة السادسة للمهرجان في موعدها بحضور جمهور كبير ومتنوع، تابع عددًا كبيرًا من أفلام وثائقية من جنسيات مختلفة مكّنته من متنفس ثقافي في مرحلة طغيان الفوضى السياسية، من بينها ثلاثة أفلام فلسطينية، واحد منها للمخرجة الفلسطينية ليانا بدر عنوانه “القدس مدينتي”، حيث ولدت قبل أن تتحول إلى أريحا ثم إلى لبنان ثم تركتها والتحول للعيش في دمشقوتونس وعمان قبل العودة إلى فلسطين، حيث تدير إدارة السينما في وزارة الثقافة الفلسطينية في رام الله بالإضافة إلى عملها الأدبي كروائية. “الأربعاء” التقاها في تونس وأجرىت معها الحوار التالي.. * ماذا أردت أن تقولي في فيلمكِ الوثائقي “القدس مدينتي”؟ - أردت تقديم حكاية تفصيلية عن رؤية شخصية لمدينة القدس وكيف ندخلها ونخرج منها في ظل الاحتلال الإسرائيلي، وتقديم القدس بكل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة، لكل الفلسطينيين وللعرب، حيث تحولت القدس مدينة للذاكرة فقط، وأصبح أهل القدس عاجزين عن الدفاع عنها، فهم يخسرون يوميًا بيوتهم ودورهم، وهناك معارك قانونية لا يقدرون أن يدفعوا فيها للمحامين، حتى المساندة المادية لا توجد من قبل العالم العربي تجاه الفلسطينيين حيث أردت أيضًا أن اصنع شيئًا من الإحساس العربي تجاه القدس لمد يد المساعدة لإنقاذها من النسيان، * هل ترين أن العرب نسوا القدس؟ - هذا ما يحصل للأسف، يبدو أن القضية تحولت إلى شعارات في العالم العربي وليس هناك أي إحساس بما يجري في كل يوم داخل القدس، في كل زقاق وفي كل شارع هناك معركة للحفاظ على كل سنتيمتر مربع ولا أحد يدري في الخارج، وفيلمي هذا نوع من ربط الاتصال المفقود بين الطرفين، هو شريط يحاول أن يُظهر ما نخسره يوميًا من وجودنا التاريخي وبقاؤنا الحياتي والوجودي كشعب فلسطيني وبشر يحفظون الأرض وما عليها بما يجري من إهمال خارجي للقدس. * أنتِ تعيشين في رام الله، كيف صورتِ شريطك في القدس.. كيف ذلك؟ - إسرائيل تمنع أي فلسطيني مقدسي من الحياة داخل القدس إلا إذا تواجد لحظة الإحصاء الإسرائيلي عام 67 في يوم محدد ووقت محدد بعد الاحتلال، إذا لم يكن متواجدًا في تلك اللحظة كل المقدسيين يُشطب من الخريطة ولم يعد له وجود، فأنا ولدت هناك وعشت هناك ولكن خلال غزو 67 لم أكن داخل القدس وبالتالي لم يجري إحصائي ولا أمتلك هوية مقدسية ولذلك صعب عليّ كآلاف الفلسطينيين لذلك أدخل للقدس بتصريح لتصوير سيرتي الذاتية كما أراها الآن.. سيرة بالعمق والمد الزمني التاريخي. * المعروف أنكِ كاتبة روائية، ما الذي رماكِ للسينما؟ - السينما هي وسيلة تعبيرية تصل إلى الجميع.. أحس أنها تنقل الصوت إلى العالم العربي وإلى كل العالم، لأن العالم تحول إلى وسائل الاتصال الحديثة وصار للصورة دور كبير في خلق التواصل وفي بث المعاني إلى الجميع، أنا ككاتبة أكتب ولكن اعتبر أحيانا أن الكتابة موجهة إلى جمهور مثقف وقارئ، خصوصًا في ظل تراجع القراءة في العالم العربي بينما الفيلم يصل إلى أوسع جمهور ممكن عالميًا ودوليًا. * لم اخترتِ السينما الوثائقية بالذات؟ - الشريط الوثائقي يحمل فرصًا بأن تحكي الأشياء بشكل روائي، كما أنه يفتح حوارًا إنسانيًا مباشرًا من صانعي الفيلم إلى الجمهور مباشرة، ليس هناك حواجز ولا هناك أصلًا حركات تقع عائقًا في الوسط، الوثائقي يدخل مباشرة من عقل وذاكرة صانعه ومن يعبّر عنهم إلى عقل وذاكرة ووجدان المتلقي والمشاهد.