سيطرت الوسائل الإلكترونية بوسائطها المُتعددة على كافة المُعطيات الآنية، الأمر الذي سهل كثيراً من التواصل بين المهتمين في جميع المجالات؛ ويأتي الإعلام في مُقدمة هذه المجالات لما يتميز به من حيوية تتصف بالديمومة في ذاته، وقدرته الفائقة على إيصال رسالته من خلال استخدامه الاحترافي لتطبيقات هذه الوسائط الإلكترونية في آلياته. لذا تُعد عولمة الإعلام التي نتعاطاها الآن من أكبر المُنجزات التي تُسجل بمداد من ذهب لهذه التقنية التي فتحت الفضاء ليكون أرضية خصبة للتواصل بمدلوله الافتراضي؛ مما يعني أن التعامل مع هذا المولود الجديد أصبح ضرورة مُلحة لا يُوقفها حجب، ولا يمنعها تحكم، بقدر ما ينبغي أن نوظف قدراتنا في رسم استراتيجية بعيدة المدى لتوجيه هذا النوع من الإعلام نحو المزيد من التعاطي الإيجابي، والخروج به من مآزق الرقابة السلبية إلى منحه الثقة في القيام بدور محوري في تنمية المجتمع المحيط، ويُؤرخ لانطلاق تقنية الانترنت في العام1969م من الولايات المُتحدة الأمريكية وبالذات في جامعة كاليفورنيا، فإذا كانت هذه البداية في البيئة الأمريكية فحتماً وصولها إلينا جاء متأخراً مما انعكس سلباً على ضبابية الرؤية لآليات عمل هذا المُنتج، ولكن هذه الإرهاصات لا تعني بأي حال من الأحوال الوقوف في موقع المُتفرِّج من تداعيات هذا التطور، والارتهان إلى الفرضية السلبية التي تعزو توافر المواقع الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية إلى أنها غزو فكري في سياقاته الثقافية والإعلامية، بقدر ما نعمد إلى تهذيبه ليتواءم مع ثوابتنا وتوجهاتنا الفكرية، ونستطيع من خلاله إيصال رسالتنا بمنهجية حضارية تعكس وعياً متقدماً للقائمين والمتعاملين على تفعيل هذا النمط من الإعلام على حدٍ سواء، إضافة إلى إحداث نقلة نوعية في الذهنية المجتمعية لآلية التفاعل مع المُتغيرات الحديثة. فالمتتبع لنشأة الإعلام الإلكتروني يتوصل إلى أنه نشأ نشأة عشوائية كما هو حال نشأة الشبكة المعلوماتية؛ إلا أنه بدأ يهتدي إلى طريقه الصحيح عن طريق رسم آليات عمل منظمة ، وإصدار أنظمة وتشريعات تُحقق الهدف المنشود منه، بحيث يُحقق مدلول العبارة المتداولة عالمياً والمتمثلة في أن الصحافة – وهي أحد نماذج الإعلام – السلطة الرابعة مع ربيباتها الثلاث الأخرى التشريعية والتنفيذية والقضائية، والحقيقة التي نُقررها هنا هي أن الإعلام الإلكتروني لم يكن نتاج تطوير أوتهجين للإعلام التقليدي ؛ بل هو نموذج إعلامي مغاير سواءً في الناقل الإعلامي، أو في آليات عمله الحديثة ، أو في الناتج المعرفي. قد لا نختلف على وجود خلل في مستوى الإعلام الإلكتروني، الأمر الذي يحتاج منا إلى تشخيص دقيق، شريطة أن تكون النظرة متعمقة ومتأنية، إذ يُمكن تحديد المشكلة الأساسية لواقع الإعلام في إشكالية تحديد المفهوم جراء التكاثر السلبي للمواقع المنتسبة للحقل الإعلامي، وبين الشد والجذب حول واقع الإعلام الإلكتروني إلا أنه فرض على الجميع نفوذه، ولفت انتباههم لما يُقدمه من مواد تتسم بالسرعة والتغيير المستمر، مما يعني أننا أمام حقيقة لا مفر منها آلا وهي ضرورة التعامل مع هذا المُنتج الجديد، والعمل على إيجاد سبل فعالة لتطويره بدلاً من تقاذف التهم حول وجوده ومستوى أدائه. [email protected]