باتت عربات بيع المأكولات الخفيفة والبسطات من الظواهر السلبية التي تنتشر أمام الدوائر الحكومية والمدارس رغم عدم نظاميتها من جهة، وتشويهها لوجه المدينة الحضاري من جهة أخرى. وتعكس هذه الظاهرة صورة غير لائقة بمدينة في حجم جدة، بما تشيعه تلك العربات من فوضى، وما تحتويه من مأكولات غير صحية وملوثة، ورغم كل ذلك فهي لاتزال في مكانها معلنة عن نفسها بثبات قوي. يحدث ذلك في ظل تعامل الجهات المعنية معها على استحياء شديد بين حملات منع تارة، وتجاهل أمرها وغض الطرف عنها تارة أخرى، بعد أن شجع على وجودها تكالب المشترين من المارة، ومن منسوبي ومرتادي تلك الدوائر التي من المفترض أن تشارك الجهات المختصة في مكافحة تلك الظاهرة ومنعها. ويشكو العديد من الأهالي وأولياء الأمور من تلك العربات والبسطات مطالبين باقتلاعها من تلك الأماكن، خاصة أمام المدارس، حيث تخرج منها مأكولات تضر بصحة الأبناء، سيما وأنهم غير قادرين على منعهم من الشراء، حيث ينتشر هؤلاء الباعة بصورة عشوائية أمام أبواب المدارس، وفي الطرقات، وكل ذلك يحدث في وضح النهار دون أن تحرك الجهات الرقابية ساكنًا. المدينة ناقشت هذه القضية مع بعض الأطراف ذات العلاقة، وكانت البداية مع أولياء الأمور الذين عبروا عن تخوفهم الشديد من تناول أبنائهم لهذه الأطعمة ممّا دفعهم لاتخاذ بعض الخطط التي قد تغني الأبناء عن اللجوء إليها كتقديم وجبة فطور غنية وتقليل المصروف اليومي. فيما يرى آخرون انه من الجيد أن يعتاد الأطفال على مثل هذه المأكولات المكشوفة ظنا منهم أنها تقوي مناعتهم ضد الجراثيم والمكروبات مستودع للعدوى يقول مساعد مدير إدارة التدريب والتثقيف بمستشفى الملك فهد بجدة، واستشاري طب الأطفال الدكتور نصر الدين الشريف: الرأي القائل بأن التلوث يقوي مناعة الأطفال يدل على قلة الوعي الصحي لدى الأهالي، لذلك ننصح أن تقوم عدة برامج للتوعية الصحية ليعلم الجميع مدى الأخطار التي تشكلها مثل هذه الأطعمة على صحة الإنسان، لأنها برأيي مستودع للعدوى تنمو وتتكاثر فيه الفيروسات وقد يكون البائع هو حامل الميكروب بدون أن تظهر عليه أية أعراض، وهذا أشد خطرًا على المجتمع لأنه يتحرك بحرية ويخالط أفراده ويمارس البيع بينهم. ويضيف: ومن الأمراض التي يمكن أن تنتقل من خلال هذه العربات “النزلة المعوية، الدوسونتاريا، التيفود، عدوى الجاردية، الكوليرا، تسمم الطعام بفيروس الكره العنقودية (استفيلوكوكاي)، الديدان الخيطية التي تنتقل من خلال الأدوات الملوثة وأظافر المريض، ديدان الاسكارس، والتهاب الكبد الوبائي المعدي A”، وغالبًا هذه الأمراض تكون فترة حضانتها من 30- 40 يومًا، لذا يجب إجراء فحص دوري على الباعة كل 6 أشهر لتجنب الأمراض المعدية هذا في حال كان العامل نظاميًّا، لكن كونه غير نظامي من المؤكد انه يستحيل تطبيق هذا الأمر عليه. تعاميم سنوية ومن جانبهم أجمع عدد من مديري المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية بجدة على الأضرار التي قد يخلفها هؤلاء الباعة الجائلون خصوصًا الذين يبيعون الأطعمة المطبوخة والتي غالبًا ما تكون مكشوفة ومعرضة للجراثيم ومسببة بذلك الأوبئة للأبناء. وأكد مصدر بتعليم جدة أن هناك تعاميم تصدر سنويًّا من إدارة التعليم بمحاربة هؤلاء الباعة وتوعية الطلاب بعدم الشراء منهم نظرًا للأضرار التي قد تتسبب فيها هذه المأكولات.