ما إن بدأت ثورة شباب مصر الأحرار، إلاّ وبعض من الساسة الذين صدَّعوا رؤوس الناس بالديموقراطية، وعدد كبير من الفنانين والمغنين وجدوا أنفسهم مطرودين من ساحة ميدان التحرير؛ نتيجة لمواقفهم الاستعدائية، وعدم الشفقة والسكوت على أقل تقدير على دم الشهداء! بعد أن طُردوا فاقوا، وتمنّوا لو كانوا مع شباب الثورة، ولم يخذلوها بموقف، إذ لم يكونوا يصدقون أن الشباب المصري المسالم سيفعل فعلته ضد النظام العسكري! نعم لقد فعل الشباب المصري فعلته، وأثبتوا للعالم أنهم (جدعان)، و(رجالة)، وأنهم قادرون على تحمّل كل العنت في طريق النهضة، وأنهم استطاعوا بالسِّلم ومواجهة الرصاص الحي أن يتمسكوا ويحافظوا على مقدرات مصر، استطاعوا أن يُعلّموا العالم فن السياسة وهم يقولون: يا الله، وهم يدافعون عن حقوقهم، ويتمسكون بمطالبهم، حتى وثق الناس، كل طبقات الناس بهم، لإيمانهم، وصدقهم، وصمودهم، وأثبتوا للعالم كيف تكون السياسة الحديثة للشباب! وما الحداثة من حلم بمانعةٍ قد يوجد الحلم في الشبَّان والشيب واليوم سيجد رجالات مصر العظماء أنهم أمام تركة خلَّفها النظام المصري السابق وفيها حمل كبير، ومن ذلك: 1- نسبة الفقر في مصر تزيد على (60%) حسب تقارير البنك الدولي، بما يعني أن دخل الفرد يقل عن خمسة جنيهات يوميًّا! 2- كشف د. زكريا عزمي إحصائية رسمية عن عدد قتلى الطرق في مصر بأنها بلغت (73) ألف قتيل مصري، وإصابة (100) ألف خلال عام واحد هو (2007م)، وحمَّل الحكومة العجز عن توفير طرق آمنة! 3- صدم مركز الأهرام للدراسات القراء بأن عدد المنتحرين في مصر عام (2011م) بلغ مائة ألف مصري! 4- تجوب شوارع القاهرة فقط أكثر من مليوني سيارة، (80%) لا تصلح للعمل، و(32%) يزيد عمرها عن (17) عامًا، و (23%) تسير بلا إشارات، كما في دراسة أعدتها جامعة القاهرة، ونشرت في صحيفة الحياة: 26 أكتوبر 2004م.. والعجيب، أن جميع هذه السيارات تُجدد لها الرُّخَص بالمال..! 5- عدد المخالفات المرورية التي حررتها وزارة الداخلية المصرية للسيارات وركابها عام (2003م) على سبيل المثال، بلغت (18) مليون مخالفة. وهي بمقابل مادي طبعًا دون إعداد أي خطة للترهل الموجود! 6- نشرت صحيفة الدستور المصرية في: 3 أغسطس 2008م أن (90%) من القوانين التي أصدرتها الحكومة المصرية لم تُعرض على قسم التشريع، ولم تأخذ بملاحظاته، ممّا يكشف حجم (الاستنزاف)، ومثال ذلك: بعد قرار منح سائقي التاكسي ثلاثة أشهر لترتيب الحقيبة الطبية بموجب قانون غير رسمي، ومن ذلك ارتفاع المثلث المعاكس من (15) جنيهًا إلى (100) جنيه، أثبتت الإحصاءات أنها تدخل أكثر من (7 ملايين جنيه) يوميًّا لصالح ضباط الحملات!! 7- في اللحظة التي زادت فيها عائدات قناة السويس منذ افتتاحها إلى أعلى مستوياتها في (2008م)، والتي وصلت إلى (خمسة مليارات ومائة وثلاثة عشر مليون دولار). استمر وضع المواطن المصري على نفس الدخل اليومي (5) جنيهات!! والغريب أنه في نفس هذه الطفرة المالية بلغ الدَّيْن العام رقمًَا غير مسبوق في تاريخ النظام الاقتصادي المصري وهو (670) مليار دولار!! 8- أعلنت الحكومة المصرية في فبراير (2008م) ارتفاع الأرباح الصافية لشركات قطاع الأعمال (بالضعف)، وخاصة لشركة السكر والزيوت وغيرهما إلى (3,9) مليارات جنيه، في حين بلغ في نفس العام عدد شهداء طوابير الخبز (15) شهيدًا!! هذه مجرد لقطات سريعة لهموم الشارع المصري، ومثله التونسي وغيرهما.. والجميع لا يريدون تصريحات وهمية، لا يريدون بعد أن يبلغ السيل الزبى من يقول: فهمتكم!! لا يريدون تجار الأوهام الذين يدَّعون أن القادم أجمل وأحلى! يريدون حياة كريمة، ومستقبلاً واعدًا، ووطنًا متماسكًا، وإلاّ فلن يسكتوا عن حقهم، ولن يتنازلوا عن موقعهم في المستقبل.