كثّف الأمن المصري جهوده للوصول إلى الجهة التي تقف وراء التفجير الذي شهدته ساحة كنيسة القديسين والمسجد المقابل لها بمدينة الإسكندرية، واعتقل نحو 17 من المشتبه بهم. ورغم وجود أكثر من سيناريو إلا انه كان هناك ما يشبه الإجماع على أن هناك عناصر خارجية وراء الجريمة. وكشفت تقارير مصرية أمس ما سمته “مفاجأة”، مشيرة إلى بيان نشر قبل أسبوعين في موقع الكتروني يسمى “شبكة المجاهدين” المحسوبة على تنظيم القاعدة يحمل العنوان “مهم بخصوص تفجير الكنائس أثناء الاحتفال بعيد الكريسماس”، ويحدد البيان قائمة الكنائس المصرية بعناوينها وأرقام هواتفها ومن ضمنها كنيسة القديسين. وتضمن البيان شرحًا تفصيليًا حول كيفية صناعة القنابل اليدوية محليًا، وحث من سماهم ب “المجاهدين” في أنحاء العالم على استهداف جميع الكنائس خاصة في مصر بسبب احتجاز مسلمات وصفهم بالمستضعفات بالكنائس والأديرة المصرية. ووجه اللواء فؤاد علام وكيل أمن الدولة السابق والخبير الأمني المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية الاتهام الأول إلى تنظيم القاعدة فى حادث كنيسة القديسين، وقال إن القاعدة تتسلل إلى مصر عن طريق الشركات السياحية، لأن الشركات ليست جهة أمنية تستطيع معرفة سبب سفر العميل، وهل هو بغرض السياحة أو لهدف آخر، خاصة أن العلاقة في السياحة تكون بين شركتين مصدرة ومستقبلة، متسائلًا: لماذا لا يوجه تنظيم القاعدة تهديداته لإسرائيل؟ حيث ينطبق عليه القول المأثور “أسد علينا وفي الحروب نعامة”. وقال علام: إن ما حدث لكنيسة الإسكندرية هدفه زعزعة الوضع داخل مصر فضلًا عن أن هناك قوة تنظر بعدم الارتياح للدور المصري في المنطقة، وتحاول أن تهدد استقرار مصر وبالتالي نستطيع أن ننظر إلى تهديدات القاعدة في هذا الإطار، مشددًا على أن هذه التهديدات ليست بالمصادفة ولكن يبدو أن هناك أجندة تتجه إلى ضرب مرتكزات الدولة المصرية، فعلى المستوى التكتيكي تأتي تهديدات القاعدة ضد الكنائس فيتوجه التركيز الامني اليها، وبهذا يحدث انسحاب أمني إلى مواقع قد لا تكون هي المستهدفة، ومن هنا تبدأ القاعدة في تنفيذ مخططات استراتيجية لضرب أماكن أخرى، مشيرًا إلى أن إسرائيل ليست بعيدة عن القاعدة وإنما تتعامل معها باعتبارها حيوانًا بريًا، وبالتالي فهي تقوم بترويض الحيوان لمصالحها وأيضًا هناك استثمار إسرائيلي للقاعدة، حيث تستطيع أن تفعل أي شيء وتنسبه للقاعدة. ورأى علام ان القاعدة وراء الهجوم بسبب البيان الذي اصدرته «دولة العراق الإسلامية» في 25 ديسمبر الماضي، حيث وجه تهديداته إلى الكنائس في مصر من خلال بث تسجيلي مصور منسوبًا إلى “مقاتل” من القاعدة يقود مجموعة انتحارية. وقال ضياء رشوان الخبير الاستراتيجي بمركز دراسات الأهرام إن هناك مخططات أجنبية تستهدف مصر واتهم القاعدة وإسرائيل بالوقوف وراء الهجوم، مضيفا أن إسرائيل تسعى لاستغلال المناخ الطائفي لتطبيق مخططات لتقسيم المنطقة، والأحداث تؤكد أن هناك أقلية مصرية تساهم في تنفيذ هذا المخطط دون وعي، مما يمثل خطورة على الوطن ويستدعى التكاتف لمواجهته، مشددا على أن تنظيم القاعدة يعد المتهم الأول، ويخطئ من يتصور أن التفجير الذي ضرب كنيسة القديسين موجه إلى الأقباط فقط، ولسنا بحاجة للتأكيد على أن أي عمل إرهابي يستهدف مصر في الأساس ولا يفرق بين الضحايا على أساس الدين حتى ولو وقع أمام كنيسة، لأنه في النهاية الوطن كله يدفع الثمن. وأكد الخبير الاستراتيجي اللواء سامح سيف اليزل مدير مركز الجمهورية للدراسات الأمنية أن خطورة حادث التفجير تكمن في أنها المرة الأولى التي يتم فيها استخدام سيارة مفخخة في عملية تفجير داخل مصر. وقال سيف إن السيارات المفخخة أسلوب معروف، كما أن من يقومون به هم عناصر تنظيمات إرهابية خارج مصر، وليس لدى المصريين خبرة به، مشيرا إلى أن تنظيم القاعدة كان قد أصدر تهديدات أخيرا ضد الكنائس القبطية.