بفضل الله تنتشر مدارس التعليم العام الحكومية في معظم أرجاء وزوايا بلادنا الغالية لا يكاد يخلو منها واد أو جبل أو سهل، وفي السنوات الأخيرة تكاثر عدد الجامعات لدينا فأصبحت أكثر من ضعف أصابع اليدين والحمد لله، وأصبح لدينا في كثير من بلاد العالم عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات المبتعثين ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين وفي كثير من التخصصات العلمية المختلفة والحمد لله، كما أن مجموعة كبيرة من المعاهد والمراكز العلمية والبحثية نمت في أرجاء الوطن لتقوم بدورها في بناء نهضة علمية متميزة، وفي سبيل ذلك فإن الدولة ترصد سنويا مليارات الريالات في ميزانيتها لتوفير احتياجات التعليم والتدريب بما يتناسب وتطورات العصر وتقنياته. هذه مجرد تقدمة لإلقاء الضوء على بعض حقائق أوضاع التعليم وربما خفاياه التي قد لا يرغب بعض من يحمل راية المسؤولية في هذا المجال التحدث عنها أو حتى الإشارة إليها ولو بكلمة نقد بناء، فالظروف تغيرت اليوم إلى درجة كبيرة وعلى كافة المستويات ولم تعد عملية إخفاء الحقائق أو تزييفها كما كان بالأمس- أو هكذا يجب أن يكون – فوسائل الاتصال والتقنيات المعاصرة، وعقول البشر وخاصة الشباب تفتحت على كثير من أساليب كشف الحقائق وتتبعها، بل إن كثيرا من المسؤولين الكبار أصبحوا يتحدثون بكل صراحة وشفافية، ما يعني أنهم يريدون من كل واحد منا التعامل مع الواقع بأمانة لما فيه مصلحة البلاد والعباد، فلم يعد التكتم والغموض والضبابية مما يستهدف في التعامل مع القضايا العامة وخاصة التعليم، الذي هو من أخطر المجالات في عالم تتصارع فيه الدول على تربع قممه وبكل تحد ودون كلل أو ملل، ومن لا يقتنع بهذه الحقيقة فسيبقى في القاع حتى يستيقظ من سباته..!! ترى هل من ينظر في واقع التعليم العام والجامعي– الحكومي والأهلي معا – سيجد نفسه في بحبوحة من الطمأنينة إلى حاضر ومستقبل المجتمع كله عامة والشباب خاصة، وهل يحق له التساؤل عن حقيقة ما يجري على ساحة التعليم وعن نتائج ما يبذل من مال وجهد ووقت لأجله سواء من قبل الدولة أو منسوبيه العاملين فيه، وهل يحق لأي مواطن مخلص أن يتساءل عما إذا كان التعليم لدينا سيحقق أمنيات وأحلام وطموحات الدولة والشعب فعلا لا قولا، وهل سيكون لهذا التعليم بصمات عميقة في بناء نهضة علمية واقتصادية وأخلاقية يحق لنا بها التربع على قمة الحضارة والإمساك بزمامها في وقت قريب..؟ وعندما يتحدث مثلي عن هذه القضية فإنما ينطلق من أعماق التجربة الشخصية طالبا ومعلما وولي أمر وقبل كل ذلك كمواطن محب بل وعاشق لوطنه وكفرد يعيش في وسط المجتمع يختلط بكثير من شرائحه وأفراده ومنهم المعلمون والمديرون والمسؤولون في هذا المجال، ولذلك فإن طرح مثل هذه التساؤلات وربما أكثر وأعمق منها وأكثر حساسية إنما هو جزء من الإحساس بالمسؤولية المشتركة نحو مجتمعنا وأبنائه وبناته، مما يوجب علينا جميعا ضرورة التعامل مع هذه القضية بكل أمانة وشفافية، لأنه بدون ذلك فقد يكون من السهل التحدث عن خيانة للأمانة وتدمير لأي جهد مخلص يهدف للبناء والتطوير الحقيقيين وبالتالي فلن يقوم لأي تخطيط وبذل للمال والوقت والجهد أي معنى، وهذا لا ولن يقبل على أي مستوى، ولذلك فالمطلوب منا جميعا أن نكون على قدر المسؤولية ونتعامل مع الواقع بكل شفافية وصدق بما يحقق للبلاد والعباد المصلحة العامة ويعين على الوصول إلى الأهداف السامية، هذا إن كانت لدينا رغبة صادقة ومخلصة في الارتقاء ببلادنا ووضعها في مقدمة بلاد العالم لأنها أصلا تستحق ذلك فهي أغلى وأعظم بلاد الله على وجه الأرض...!! [email protected]