ومن أخطر نظريات «الغذامي»: «أن الفكر العربي لا يسير في خط تصاعدي مستقيم، بل في دوائر تبدأ بنقطة وتعود إليها»! ونتخيّل ذلك بدوائر «الأسلاك الشائكة»، فهي لن تكون مغلقةً منفصلةً! وبالمثال يتضح المقال: فقد كتب الأستاذ/ «تركي السديري» -رئيس «هيئة الصحافة» التي لا تأمر بمعروف، ولا تنهى عن منكر- منذ «مبطي»، مقالةً أكد فيها «أن السعودة يجب أن لا تكون على حساب الكفاءات والقدرات غير السعودية»! أي أنها: لا تعني إحلال السعودي محل الوافد في الوظيفة نفسها؛ بل خلق فرص عمل مناسبة للثقافة العملية الاجتماعية السعودية! وهو ما قال به الشيخ/ «صالح كامل»، في إضاءات «تركي الدخيل» مؤخرًا! ويوم الثلاثاء الماضي 14/12/2010م كتب «تركي السديري» ما غيره، مقالةً مستفزة بعنوان: «العاطل المدلل»! لام كثيرًا من الشباب السعودي -وليس كلهم لكيلا ينافس وزارة «التربية والتعليم» في مواويل «التعميم»- واتّهمهم بعدم الجدية والانضباط في العمل، ما يؤدي إلى فصلهم، وتشويه سمعة بقية الشباب لدى أصحاب الأعمال! وبين المقالتين دائرة «شائكة» قطرها عشرون عامًا، مازال شبابنا يتهافتون داخلها، و... «أتارينا ياعَزَّة لا رُحنا ولا جينا»! إنها دائرة واحدة، في سلك «شائك» طويل، بدأت وانتهت بنقطة خاطئة؛ حيث اتجهنا إلى إحلال «المواااطٍ» محل الوافد، في وظيفةٍ أعدت للوافد لا للسعودي، فراتبها لا يكفي أقل احتياجاته الحيوية، وليس له تأمين صحي، ولا بدلات؛ لأنه «سعودي»! فإذا قبل بها مضطرًا فهل يؤديها بالإخلاص والانضباط الذي يبديه الوافد؛ أم يقول لصاحب العمل: «أشتغل لك على قد فلوسك»؟! وهل هو الدلال، أم الإحباط في أشأم صوره، حين يصبح ثقافةً عامةً طامةً، لا مجرد رد فعل عابر؟! ولن يدرك مدى الشؤم الذي تنذر به هذه الثقافة، إلاّ مَن يستقصي -حسب نظرية «الغذامي»- مسيرة فكرنا العملي، منذ كان العمل الحرفي «عيبًا»، لدى مجتمع تغلب عليه الحياة الرعوية البدوية، إلى درجة أن مَن يقترف هذا العيب يصبح «صانعًا» محتقرًا، رغم انتمائه للقبيلة نفسها! ثم جاءت «أرامكو»، وضربت هذه الثقافة، حتى أصبح أبناء القبائل و«الحمايل» يتسابقون على المهن «الصناعية»، وأصبح مفهوم الوظيفة في المجتمع كله هو: الإنتاج والكسب، إلى أن جاءت الطفرة الأولى، فأصبحت الوظيفة الحكومية «الكشخة»، المرتبطة بالشهادات «النظرية» هي هدف الشاب السعودي؛ تاركًا واحدةً من أكبر «ورش العمل» في العالم، للوافد الأجنبي قليل التكلفة! وها نحن نفيق على كارثة محققة: فالوظائف الحكومية لم تعد تستوعب مئات الألوف من العاطلين، وقد أصبح بعضها بطالةً مقنَّعة مكشوفة! وإن رضي الشباب بالهم في سوق العمل، لم يرضَ الهمُّ بهم! عدنا إلى النقطة الأولى إذن! وإذا كان «الإحباط» هو ما دفع أجدادنا إلى ما نصمهم به الآن من غزوٍ، وسطوٍ، ونهبٍ، فهل يجد أحفادنا صعوبة في وصمنا بالفساد ومشتقاته؟! و..«يادارا دوري فينا/ ظلي دوري فينا»! [email protected]