انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة تعد من أخطر الجرائم وهي تزوير صكوك الملكيات والعقارات على اختلافها، التي أدت لضياع الأملاك ووقوع ظلم على بعض المستثمرين وأصحاب الحقوق، وأشار خبراء في مجال العقار والقانون الى أن سبب تفشي هذه الظاهرة هو عدم توجيه قطاع معين يكون مسؤولًا عن الصكوك المزورة وانتشارها كالبلدية أو الأمانة، الأمر الذي ساعد في زيادة انتشار هذه المشكلة في ظل تملص المسؤولين للحد منها، وطالبوا بعملية الإسراع في تفعيل دور المحاكم الالكترونية لمنع التلاعب في الصكوك. “المدينة” فتحت باب النقاش حيث ذكر رئيس اللجنة العقارية عبدالله الاحمري أن التزوير موجود بجميع أشكاله سواء في العقار أو الأراضي كانت قريبة او بعيدة فهو يعد جريمة يحاسب عليها مرتكبها. فنحن لا نعتبر تزوير الصكوك غلطة فهي تقتطع حق ناس وتعطى لآخرين بغير وجه حق، مما يؤدي إلى كوارث وليست كارثة. ويشير الاحمري إلى أن السبب في تواجد الازدواجية في الصكوك وتعددها على قطعة الأرض الواحدة عدم وجود شفافية بين المواطنين وكتابة عدل والأمانة، مما يفقد المعلومة بين المواطنين وكتابة عدل لذا يتوجب على المواطن من مستشمر أو رجل أعمال السؤال الجيد عن قطعة الأرض والصك الخاص بها، لذا من المفترض ان يكون هناك تنسيق ما بين كتابة العدل وما بين الأمانة فيما يخص الأرض عن طريق تسجيل الأرض وتثبيتها لمالكها الأول حتى لا يتم استخراج صك آخر عليها. وأضاف: الأنظمة الجديدة أعتقد أنها نقطة مهمة في عملية تثبيت الأراضي والقضاء على الازدواجية وعدم التلاعب بالصكوك وتخلق نوعا من الرقابة على الأراضي عبر تسجيلها في الحاسب الآلي. من جهتها قالت الخبيرة العقارية ازدهار باتوبارة انه يوجد تعدد وازدواجية الصكوك وكان يكثر في السابق تزوير تلك الصكوك في جدة لكن في السنوات الأخيرة تم القضاء على تلك الظاهرة وأرجعت السبب وراء ظهور صكوك الأراضي المتعددة إلى عدم الوضوح والشفافية من قبل كتابة العدل والأمانة، ممثلة في البلديات فيما يخص الإفصاح عن أي معلومات يطلبها العقاريون مما أدى إلى تعثر العديد من الصفقات العقارية التي تقدر بمئات الملايين.ما يضر بالاقتصاد بشكل عام ويؤدي إلى عدم ثقة المستثمر في السوق العقاري. وأضافت: إن المستثمر لا يثق في الأرض التي سوف يقوم بشرائها ولذلك فهو يتوجه إلى كتابة عدل للتأكد من ملكية الأرض للجهة التي ستبيعه ولكنه للأسف يواجه برفض الإفصاح عن المعلومات التي تخص العقار بحجة أنها سرية وترى باتوبارة أن الحل الأمثل يقع في أرشفة صكوك الأراضي خاصة التي لا تملك توثيقا لهذه الأراضي وهي المعنية والمفترض بها ذلك ولديها قصور في عملية التسجيل والمفترض، بدوره أضاف خالد السبيعي عضو اللجنة العقارية: إن ظاهرة التزوير طالت الكثير من الوثائق والمستندات مثل جوازات السفر ووثائق الهويات الوطنية والتواقيع والأختام وغيرها الكثير، ويحصل هذا عندما يجد المزور ثغرة يدلف من خلالها لمبتغاه ولما يحقق مراده، ولكل وثيقة أو مستند ثغرة وفجوة، ومادام الحديث هنا عن الصكوك، فإنها في الحقيقة لم تسلم من التزوير والتدليس والكذب والتحايل فيها وذلك لعدة أسباب منها.. انعدام الصبغة الأمنية على الصكوك في غياب العلامات الأمنية عليها، وبالتالي تسهل طباعة نماذج الصكوك والتعامل معها بأقل احترافية وبأقل مجهود، ولو وجدت العلامات الأمنية كما يعمل بها عند إصدار الجوازات أو الإقامة لحدت من عملية التزوير كثيرًا. وأيضا بسبب استغلال النفوذ وعمليات التواطؤ من البعض في الجهات ذات العلاقة بالصكوك، حتى مع وجود النظام الشامل المطبق حاليًا في كتابات العدل، وهذا من أخطر الثغرات، وفي ذات الوقت أكثرها صعوبة لاكتشاف عملية التزوير، لذا صدرت قواعد العفو عن الموقوفين والمحكومين للحق العام في المملكة العربية السعودية وكان فيها التشديد فيما يتعلق بتزوير الصكوك على وجه التحديد، حيث نصت على أن من شروط العفو عن العقوبة ألا تكون الجريمة من جرائم تزوير الصكوك الصادرة من المحاكم وكتابات العدل. كما أن عدم حصر الأراضي وتسجيلها لصالح الدولة، وهذه دعوة للإسراع في تفعيل التسجيل العيني للعقار، الذي بدوره سيحمي المواطن الذي يرغب في أرض لبناء مسكن له أو المستثمر الذي يملك خططًا لتطوير الأراضي وتشييد مشاريع سكنية أو تجارية عليها. ومن الجانب التنظيمي والتشريعي، هناك ضعف في التحقق من ملكية الأراضي خاصة عند إحضار الصكوك القديمة التي لا يتحقق فيها من وزارة الزراعة وأملاك الدولة والأوقاف، فمجرد ادعاء ملكية أرض معينة وإحضار الشهود، وهيئة تعاين الأرض وتتحقق من صحة أقواله حولها يمنح المراجع الصك، لذا من الواجب التأكد من الصكوك التي أصدرت قبل عام 1403ه التي لا تتضمن مخاطبة الجهات المختلفة المعنية بالأراضي، وإن خوطبت لا يذكر في الصك أرقام المخاطبات وتاريخها بل يكتفي بذكر للمادتين 85 و86 التي تنص على الرجوع لتلك الجهات والصادرة في عام 1370ه لتنظيم إصدار الصكوك ومنح حجج الاستحكام. وأكد عبدالله الحربي مالك لمكتب عقار أن السبب في تعدد الصكوك على ذات الارض الواحدة يرجع إلى الأمانة خاصة أراضي المنح فهي تصدر منحًا في أحد المخططات ويسبق للمواطن أن استخرج حجة استحكام وهو ما يخلق الازدواجية التي معظمها تقع في مخططات المنح والتي يتضح فيما بعد بأنها مملوكة لأشخاص آخرين، كما يتم توزيع نفس الأرض الواحدة على أكثر من شخص لعدم تسجيل المنحة على صحابها الأول. * آلية لعدم الازدواج وصرح المركز الإعلامي بأمانة جدة أنه قد وضعت أمانة محافظة جدة مؤخرا آلية جديدة تكفل تفادي ازدواجيات الصكوك وبصفة خاصة عند مراجعة جداول الرصد الورقية مع البيانات المدخلة في برنامج المنح بالحاسب الآلي. وأكد أنه تم تشكيل فريق من إدارتي المنح والأرشفة الالكترونية، بالإضافة إلى الإدارات المعنية الأخرى للعمل خارج الدوام الرسمي لتصحيح أرقام القطع المسجلة بالحاسب الآلي من واقع جداول الرصد، وذلك بالرجوع إلى أساسات أرقام تلك القطع من أجل إعادة تسجيلها في سجلات الحاسب بالشكل الأمثل وبالأرقام الصحيحة لها بدلا من رقم الكود الذي قد يؤدي أثناء الاستعلام عن القطع في الحاسب إلى إظهارها على أنها قطعة شاغرة، لافتًا إلى أن هذا الفريق يقوم أيضا بتسجيل جميع صكوك الاستحكامات المنزلة على مخططات المنح في برنامج الحاسب الآلي ليتم تحديدها وحصر جميع القطع خاصة التي عليها صكوك ليتم مناقشتها مع اجتماعات كتابة عدل والمحكمة لوضع الآلية التي تضمن حل تلك المشكلة والتي يتم بموجبها إنهاء الازدواجية. وأوضح أنه تقرر أن يتولى فريق العمل وضع علامات بالحاسب الآلي أمام القطع الموجودة داخل صكوك الاستحكام التي لم يتم منحها، وذلك لتفادي منحها مرة أخرى للمواطنين. وأضاف أنه بالنسبة لطلبات المنح من عام 1417 ه وما قبله يجري الآن حصر تلك الطلبات الورقية الموجودة في أرشيف المنح، بالإضافة إلى العمل على تبويبها حسب تواريخ تقديمها، حيث سيظهر هذا التبويب والحصر انطباق شروط المنح على تلك المستندات الورقية، وبالتالي يتم إدراج الأسماء في بيان تخصيص من أجل عرضه على لجنة المنح للدراسة تمهيدا لرفعها إلى الوزارة لتحدد أسبقية تلك الطلبات في المنح من عدمه، وبيّن أنه سيتم الإعلان كذلك عن جميع الأسماء التي تأخذ موافقة اللجنة من ناحية انطباق الشروط واكتمال الإجراءات تمهيدًا لإجراء القرعة العلنية لهم، موضحا أنه بالوصول إلى تلك الخطوة يكون قد تم الانتهاء من طلبات عام 1417 ه وما قبله ليتم بعد ذلك البدء في إجراءات العام التالي. وتوقع انتهاء فترة إعداد أعمال الحصر المكلف بها فريق العمل خلال الأشهر القليلة القادمة ليكون ذلك تمهيدًا لتنفيذ منح عام 1418 ه بعد إجراء عملية الحصر واستكمال إجراءات تسجيلها عبر الحاسب الآلي. * الرأي القانوني وترى المحامية سعاد الشمري: إن سبب انتشار قضية الصكوك المزورة هو عدم تفعيل دور الحكومة الإلكترونية من خلال توثيق الملكية عن طريق الحاسب الآلي وتكون مربوطة بكتابة العدل لحفظ الحقوق ولكنها غير مفعّلة، وقد يباع نفس الصك أكثر من مرة وهو يملك بنفس الأرقام ونفس والأطوال، بالإضافة إلى ذات الأسماء والإحجام والشوارع، بالإضافة إلى انه قد تباع الشقة مرتين والأرض تباع مليارات المرات. وتؤكد أن السبب في انتشار هذه الصكوك المزورة هي الثغرات في القوانين التي أدت إلى زيادة هذه الظاهرة بشكل كبير، كما أنه لا يوجد جهة مسؤولة عن هذه الناحية في حين أن الإشكالية هي مسؤولية الأمانة وهي الجهة الأكثر مناسبة لتولي مراقبة هذه الصكوك والتزوير والتحايل فيها مثلنا مثل بقية الدول بالعالم. وأكدت الشمري “أنه لا يوجد تعاون بين الوزارات والجهات الحكومية والعاتق الأول والمسؤولية الكبيرة تقع على الأمانة، كما أن أكثر المجالات التي يكثر فيها التزوير بالصكوك هي الأراضي، حيث الإهمال من قبل المستثمرين أنفسهم في عدم تعريف الأراضي التي تكون من ممتلكاتهم من خلال وضع سور حول الأرض وكتابة رقم الصك واسم مالك القطعة لحفظ الحقوق من وقوع احتيال، حيث إن نفس الصك يروح لأكثر من مشتري، في حين أن أصحاب الأراضي في العالم كله وبالخليج العربي حين يتم شراء أي مكان تكون الدولة هي من يتحمل الجزء الكبير من المسؤولية عن طريق أمانات المدن وتتمثل في “العمدة والبلدية”، ولكن هنا المسؤولية غير مناطة لشخص معين وهي متملصة للدور الطبيعي الذي من الواجب أن تتحمله.