لكل عالم من علمائنا الكرام مكتبة خاصة يرجع لها أنّى شاء، وتمضي الأيام والسنوات والمكتبة تكبر وتكبر بحسب اهتمام هذا العالم بجمع تلك الكتب المهمة، سواءً المتعلقة باهتماماته أو المساعدة لبعض بحوثه من هنا وهناك. ولا شك أن في كل مكتبة كتبًا نادرة، أو مهمة قد لا تتواجد في المكتبات المعاصرة لظروف معينة، والأسف كل الأسف أن هذا العالم أو الباحث حينما يرحل تبقى المكتبة تحت سيطرة الغبار والأرفف وبعض الحشرات وغيرها من الأسباب، مستنجدة بأصحاب الاهتمام من هذه السيطرة، وكم من المكتبات التي بقيت عرضة لذلك دون رحمة من أبناء هذا العالم أو من بعض المهتمين، وقد جهدت بعض المؤسسات المحلية في إنقاذ بعض تلك المكتبات، إلا أن البعض الآخر يحتاج إلى اهتمام، سواء بفتح باب الزيارة لها، أو بتنظيمها، أو لوجود أحد الأبناء يستفيد منها، أو فتح باب المزاد العلني لبيعها. وقد آلمني أن بعض المكتبات التي تحوي الكثير من الكتب النادرة ما زالت حتى وقتنا الحاضر تحت سيطرة بعض الأسباب المؤدية إلى فنائها البطيء، وقد أردت استنقاذ بعض العناوين النادرة والتي تصب في اهتماماتي، إلا أن عوائقًا حالت دون تحقيق المراد. وكم من المكتبات التي بيعت بالتجزئة وهو الحل الأمثل لإنقاذ الكتب من الهلاك، لأن الكتاب يشكل ذكرى للمشتري إذا كان على معرفة بهذا العالم، وبقاء المكتبة بين الأرفف دون مرتاد لها يميتها، ويعرضها للدمار. أسباب كثيرة هي التي تدمّر مكتبات علمائنا وباحثينا، نتمنى من يستنقذها من سماسرة الكتب الذين لا يعرفون قيمتها، ويكدسونها في مستودعاتهم وتبلى بعد حين.