ومن التيسرات الشرعية المتعلقة بصيام النساء في شهر رمضان الأحكام المتعلقة بالحائض والنفساء، فيجب على كل منهما إذا طرأ عليها هذا العذر الذي كتبه الله على بنات آدم كما رواه البخاري ومسلم وأحمد والنسائي وابن ماجه، يجب عليهما في هذه الحالة الإفطار وقطع الصوم، فلو نزل الدم أثناء النهار بطل صوم ذلك اليوم وسائر الأيام التي تليه إلى نزول الطهر، ثم إذا طهرت المرأة في النهار فيستحب لها إمساك بقية اليوم، ويجب عليها قضاء صيام تلك الأيام سواء اليوم الذي نزل فيه الدم واليوم الذي رأت في الطهر والأيام الواقعة بينهما، أما إذا طهرت المرأة في الليل فإنه يجب عليها صوم اليوم التالي حتى لو تأخر غسلها إلى ما بعد دخول الفجر. ويجوز للحائض والنفساء أن تقضيا ما أفطرتاه من الأيام على التراخي كما ذكرنا سابقا في أحكام المريض، فقد قالت أم المؤمنين وفقيهة النساء عائشة: كان يكون علي الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان، الشغل من رسول الله أو برسول الله صلى الله عليه وسلم رواه البخاري ومسلم، وفي كلامها دليل واضح على مراعاة حال الزوج قبل الشروع في قضاء أيام رمضان، أما صوم النفل فهو أولى في وجوب استئذان المرأة لزوجها قبل البدء به، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه» رواه البخاري، وهذا النهي مخصوص بصوم غير شهر رمضان، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصوم المرأة وزوجها شاهد يوما من غير شهر رمضان إلا بإذنه» رواه أحمد والترمذي وابن ماجه. ولا يجب على الحائض والنفساء قضاء الصلوات التي فاتتهما سواء ما كان منه في رمضان أو في غيره من الشهور، وذلك أن معاذة سألت أم المؤمنين عائشة: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت عائشة: أحرورية أنت؟ قالت: لست بحرورية، ولكني أسأل، فقالت: قد كان يصيبنا ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنؤمر ولا نؤمر، فيأمر بقضاء الصوم، ولا يأمر بقضاء الصلاة، رواه البخاري ومسلم وأحمد والنسائي وأبو داود والترمذي وابن ماجه. ومن المهم التنبيه إلى أن الحائض والنفساء إذا طهرتا قبل غروب الشمس وجبت عليهما صلاتا الظهر والعصر، وإذا طهرتا قبل الفجر وجبت عليهما صلاتا المغرب والعشاء؛ لأن وقت الصلاة الثانية وقت صحيح للصلاة الأولى في حالة الجمع، وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة - مع اختلاف يسير بينهم -، ومعظم الآثار الواردة عن الصحابة تؤيد هذا الرأي، وذهب الحنفية إلى وجوب الصلاة الثانية فقط.