في خضم ما يعانيه بعض شبابنا الطموح من الذين لم تسنح لهم فرصة الالتحاق بركب التعليم الجامعي مع الشح في توفر الوظائف التي يسعى لها كل شاب. كل ذلك لم يثنهم عن السعي في البحث عن البديل المتوفر وإن لم يرقَ ذاك البديل إلى الطموح المراد إلا أنه يعتبر بوابة للوصول إلى الهدف متى ما صبر وثابر، وبعد رحلة بحث مضنية لإيجاد العمل يرضخ من تجبره الحاجة الماسة لسد الرمق وكف النفس عن ذل السؤال عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم في ما معناه « لئن تحمل فأساً وتحتطب خير لك من أن تسأل الناس أعطوك أو منعوك» وهنا يجد نفسه مستسلمًا للأمر الواقع بقبول المهن المتوفرة وفي مقدمتها بائع خضار أو بنَّاء أو حارس أمن أو حمال بضائع و....والتي فيها من الخير الكثير متى ما صبروا وثابروا لتكون أساس تجارتهم وانطلاقتهم لتحقيق طموحهم الأكبر فكل شيء في بدايته يبدأ صغيرًا وبالرعاية والاهتمام يكبر ذاك الصغير ويترعرع حتى تكون منفعته أكبر. وهي مهن شريفة بلا شك تعمل الدولة على إعداد شبابنا لها بإلحاقهم في دورات تساعدهم لامتهانها من خلال صندوق الموارد البشرية بالتعاون مع القطاع الخاص لكن ما إن يلتحق بها بعض شبابنا حتى يفاجأ ويصطدم بمشكلة أعم وأطم وهي النظرة الدونية إليهم من قبل أفراد مجتمعهم فيتعكر صفو حياتهم ويتلاشى حلم سعادتهم لدرجة أنه لو تقدم أحد ممن يمارس هذه المهن للزواج من إحدى عائلات مجتمعه رفض لا لشيء غير أن مهنته غير مقبولة لديهم وكأن أولئك أصحاب هذه النظرة القاصرة ولدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب ولو عادوا إلى الوراء لاكتشفوا أن آباءهم وأجدادهم كانوا أصحاب مهن. مما ترك الفرصة لكثير من الوافدين أن يصولوا ويجولوا في بلدنا وبمباركتنا لهم ليجنوا ثمار العمل من تلك المهن ملايين الدولارات التي يصدرونها لبلدانهم فعجبًا كيف نرضى أن يعمل هؤلاء الوافدون بهذه المهن وذاك ليس إنقاصا في حقهم ولكن كما يقال بأن ابن البلد أولى بخير بلده. هذه النظرة السلبية تجاه شباب طموح كسر حاجز الخجل وسعى للاعتماد على نفسه والتي هي من وجهة نظري إحدى الأسباب الكثيرة والتي أدت إلى عزوف كثير من شبابنا عن امتهانهم لتلك المهن والتي امتهنها صفوة الخلق عند الإله ألا وهم أنبياؤه عليهم صلوات الله وسلامه وأيضا امتهنها أجدادنا وآباؤنا. فلماذا هذه النظرة الدونية تجاه شباب لم يرضوا لأنفسهم أن يكونوا عالة على الآخرين؟ علينا نحن كأفراد مجتمع متفتح أن نكون عونًا لمثل هؤلاء مشجعين ومحفزين لا محقرين ومثبطين وأن نبدل تلك النظرة ولا ضير في أن يسعى شبابنا لطلب الرزق بشتى الوسائل. دخيل الله عتيق السلمي - جدة