نفى القاص جمعان الكرت نائب رئيس أدبي الباحة أن يكون قد انحاز لأي طرف في القضية المشهورة، التي اندلعت بين علي الرباعي وأحمد المساعد الرئيس السابق لنادي الباحة الأدبي، مشيرًا إلى أنه تعامل مع الموقف بكل موضوعية بعيدًا عن التحيز أو التعاطف لأي طرف، مبينًا أن الحادثة كانت مفاجئة للجميع خاصة القبض على الرباعي من قبل الشرطة بحسب البلاغ الذي تقدم به المساعد، مشيرًا إلى أن هذه القضية وصلت إلى جميع أنحاء الوطن العربي، بل تعدت إلى أوروبا وأمريكا، كذلك أبدى الكرت اندهاشه من اتهام البعض له بالتنكر لبعض أصدقائه بعد دخوله لمجلس إدارة أدبي الباحة، مؤكدًا أن العمل بالنادي تكليف وليس تشريف، ولا مسوغ لعاقل أن يفقد صداقاته بسبب ذلك، نافيًا أن يكون هناك أي توجه انفرادي فيما يخص الاستغناء عن بعض الأفراد في اللجنة الإعلامية أو من العاملين في النادي، مؤكدًا أن ذلك يتم وفق النهج الديمقراطي المتبع في اتخاذ القرارات داخل مجلس إدارة النادي، مشيرًا إلى أن النادي ساعٍ على توسيع مظلة مشاركاته المحلية والعربية، ولا صحة لما يشاع من إقصاء أو تجاهل لأدباء منطقة الباحة، منوّهًا على أن النادي ضد الإقليمية في الطرح العام، مؤكدًا سعي النادي إلى تكريم الروائي عبده خال في مقبل المناسبات. * أين دورك الموضوعي والحيادي في مشكلة رئيس النادي السابق مع علي الرباعي؟ القضية التي حدثت بين رئيس النادي الأدبي بالباحة السابق الأستاذ أحمد حامد المساعد والدكتور علي الرباعي -رغم إني لا أفضل الخوض فيها لأنها حسمت وانتهت- اتسعت دوائرها لتصل إلى أنحاء الوطن العربي، بل تعدت إلى أفق جغرافي أوسع؛ حيث اتصل بعض الأصدقاء الذين يدرسون في أوروبا وأمريكا، يسألون عن ملابسات القضية، ولا شك أن الانتشار السريع والواسع شيء طبيعي في ظل التقنية الحديثة كوسائل الاتصال المرئي عبر الأقمار الصناعية أو عبر المواقع الإلكترونية، وقد تعاملت مع الموقف بكل موضوعية بعيدًا عن التحيز أو التعاطف لأي طرف؛ لأن الإنسان يعيش بمبادئه لا عواطفه، ورغم أنني كغيري من أعضاء مجلس إدارة النادي أسفنا لما حدث بين الطرفين فهما بالنسبة لي شخصيًّا زميلان وصديقان وتربطني بهما علاقة جيدة، وحاولت مع بعض الزملاء لم الموضوع من بدايته، إلا أنه خرج عن أيدينا، وأصدقك القول: إنني فوجئت حين قبض رجال الشرطة على الدكتور علي الرباعي، وعرفت فيما بعد أن هناك تقريرًا قدّمه رئيس النادي للجهات المختصة يتعلق بمداخلة الرباعي -حسب فهمه الخاص- والتي أكدت التسجيلات الصوتية والمرئية أن الرباعي يقصد بحديثه تعزيز التقنية الحديثة من أجل جذب وتشويق الحاضرين من خلال عروض الباوربوينت، والفلاش وغيرها. فأنا لا أرغب أبدًا وقوع الظلم على أي شخص حتى لو كان هناك اختلاف معه. ومثل هذه الإشكالات يمكن حلّها بأسلوب ودي من خلال الحوار الواعي البعيد عن تأزيم المواقف وتصعيدها، فالثقافة لا يمكن أن تنمو في بيئة مليئة بالشوائب، الثقافة لا تترعرع إلا في جو نقي صافٍ شفاف؛ وهذا الذي ينبغي أن يتوفر في الأندية الأدبية باعتبارها مراكز إشعاع فكري وثقافي. حادثة مفاجئة * لم تجبني.. ماذا كان موقفك ودورك الموضوعي من هذه القضية؟ أحد الإعلاميين أجرى اتصالًا في اليوم الذي تم القبض على الدكتور علي الرباعي يسألني عن الحادثة، فقلت لا أعلم لأنني فعلًا لم أعلم عن الموضوع، وأصر أن يأخذ رأيي فقلت له: إن أي تصريح مني يمثّل رأي المجلس بصفتي الناطق الإعلامي للنادي.. ولأن الحادثة مفاجئة لي فأمهلني حتى أتبين جوانب الموضوع، فاعتذرت عن التصريح لهذا السبب لحين ما يتم معرفة الموضوع بجميع تفاصيله وموافقة أعضاء مجلس الإدارة على التصريح. فالتصريح باسم المجلس وليس باسمي، أما كوني أدليت بتصريح وسحبته فلم يحدث إطلاقًا؛ بل قلت: أرجو ألا تتأول عليَّ، فكتبت الصحيفة في اليوم الثاني أن الناطق الإعلامي رفض الإدلاء. لا مناورة * في ضوء ما تقول، كيف قبل مجلسكم المناورة في القضية؟ ليست مناورة بل قرار أصدره معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجه بناء على رأي لجنة شكّلت بهذا الخصوص درست ملابسات القضية من جميع زواياها وأخذت آراء جميع أعضاء مجلس إدارة النادي، مع مشاهدة وسماع التسجيل المرئي والصوتي للأمسية النقدية للأستاذة منى المطرفي، والمداخلات التي أعقبتها ومن بينها مداخلة الرباعي التي فجرت الموقف فيما بعد، أما كيف قبل المجلس هذا القرار، فحتمًا سيقبله؛ لأن الأندية الأدبية تحت مظلة وزارة الثقافة والإعلام، وهي المعينة بالترشيح أو الاستغناء، وهذا ما حصل. فهذا الكلام غير صحيح أبدًا، النادي الأدبي يديره تسعة أعضاء لديهم من الوعي والكفاءة الإدارية والثقافية ما يجعلهم قادرين على هذا الشأن، ويقف على رأس الهرم الإداري صديقي الأستاذ حسن الزهراني الذي يمتلك الرؤية الواعية والحنكة الإدارية، كما أن المهام موزعة بين الأعضاء كل في اختصاصه مثلًا اللجنة الثقافية، لجنة التأليف والنشر، لجنة تنمية المواهب، واللجنة الإعلامية، فضلًا عن اللجان التي تقوم بالإشراف على دوريتي النادي الثقافيتين، وهما “دوق” في مجال الإبداع الشعري و”بروق” في مجال القصة القصيرة. مبادئ وأخلاق * هناك من يتهمك بتنكرك لصداقاتك القديمة حين وصلت لعضوية النادي الأدبي؟ سؤال يثير الدهشة، والسؤال لماذا يتنكر جمعان الكرت لأصدقائه؛ هل لأنه عضو في النادي الأدبي ليتنكر. يا صديقي العزيز، الإنسان كما قلت يعيش بمبادئه وأخلاقياته، فالكرسي لن يضيف للإنسان -أي إنسان- شيئًا، الذكرى الطيبة والتعامل الحسن هو الأبقى، أما العمل في مجلس إدارة النادي هو تكليف قبل أن يكون تشريفًا، يستمر لمدة محدودة أما الصداقة فهي تستمر ولن أفرط في أي صديق. بالبرهان والدليل * وكيف ترد على من يشير إلى أن معظم أنشطتكم المنبرية مجرد تسويق لنتاجكم باعتباركم أعضاء مجلس إدارة؟ بالبرهان والدليل القاطع لم يصعد أي عضو على منبر النادي ليسوق نتاجه الفكري أو الأدبي، فالأستاذ حسن الزهراني رئيس النادي يشارك في إحياء أمسيات شعرية في معظم أندية المملكة، ولم يصعد على منبر النادي من بدء انضمامه للعضوية ليروّج نتاجه الشعري. بالنسبة لي أيضًا شاركت في إحياء أمسيات قصصية في بعض أندية المملكة، ولم أُقمِ أمسية قصصية في فترة المجلس الحالية، وينطبق هذا على جميع الزملاء الذين لديهم إصدارات أدبية كالشاعر عبدالرحمن سابي، والقاص محمد زياد، والدكتورعبدالله محمد الزهراني، والشاعر مسفر العدواني، فجميعهم لم يصعدوا على منبر النادي إلا من أجل إدارة أمسيات الآخرين. المدعون وإثارة الغبار * هل تشعرون بالغيرة من مثقفي المنطقة فتقابلون إبداعهم بالتجاهل؟ الثقافة حسب مفهومي صفحة بيضاء، ووردة نضرة، ومرآة ساطعة واضحة لا غبار عليها، وينسحب ذلك في وصف المثقف الحقيقي فهو يحمل قلبًا أبيض. والجديرون هم الذين يثبتون إبداعاتهم وتثبتهم إبداعاتهم سواء في النادي أو غيره من المؤسسات الثقافية الأخرى، والمدّعون هم الذين يثيرون الغبار، ولا يقدمون إنتاجًا يستحق الوقوف عنده، ويتهمون الآخرين بأنهم تجاهلوهم. أما كيف يتم نشر الإبداع أيًّا كان نوعه (قصة، نقد، فكر، ثقافة، رواية) فيتم وفقًا لخطوات وإجراءات تنظيمية؛ إذ تعرض النتاجات الأدبية لأعضاء لجنة التأليف والنشر، وهي بدورها تحيل الأعمال إلى محكّمين، وهم عادة من أعضاء هيئة التدريس المتخصصين في الجامعات السعودية، وتتم بطريقة سرية تامة، ويؤخذ رأيهم إن كان يصلح للنشر أم لا. ضد الإقليمية الضيقة * إذًا أين أسماء أدباء المنطقة الفاعلين من برنامجكم؟ أسماء الأدباء من أبناء منطقة الباحة المشاركين بفعالية في برامج النادي كثيرة سواء من المقيمين بها أو الذين يعيشون خارجها، ويعتز النادي الأدبي بانضمام عدد من البارزين على مستوى المملكة في اللجنة الاستشارية لملتقى الرواية الذي ينظمه النادي سنويًّا حتى أخذ بصمة خاصة لنادي الباحة، ولا أود أن أسرد الأسماء؛ لأنهم كثيرون ولهم مشاركات إيجابية من خلال اللجان الفرعية ولديهم الاستشعار الجيد بضرورة المساهمة الإيجابية من أجل تنمية الثقافة في المنطقة. ثم إننا نسعى لتحقيق الأهداف العليا بعيدًا عن الإقليمية الضيقة فكلنا في وطن واحد. توسيع دائرة المشاركة * هل فشلتم في فكرة استضافة أمين معلوف فاستعضتم عنها بالروائي السعودي عبده خال؟ يحرص النادي توسيع دائرة المشاركة ليس على المستوى المحلي فقط؛ بل على المستوى العربي والعالمي، وبالفعل تمت دعوة الناقد الدكتور سعيد يقطين من المغرب في ملتقى الرواية الثالث، والدكتورة ضياء الكعبي من دولة البحرين، وأضفى حضورهما وهجًا أدبيًّا، أما في هذا العام فقد وجهت الدعوة للدكتور محمد نجيب العمامي من دولة تونس، والدكتور مصطفى بيومي عضو المجلس الأعلى للثقافة في مصر، والدكتور مرسل فالح العجمي من الكويت، والدكتور شعيب حليفي من المغرب، والدكتور عبدالله إبراهيم من قطر، والدكتور الطاهر روانينه من دولة الجزائر، كما تم دعوة الدكتور أمين معلوف إلا إنه اعتذر لارتباطات ومشاغل خاصة. أما بخصوص تكريم الروائي السعودي البارز عبده خال فذلك من منطلق تكريم البارزين في هذا الجنس الأدبي؛ حيث بدأ النادي بتكريم الروائي عبدالعزيز المشري –يرحمه الله– وفي الدورة الثانية تم تكريم الروائي إبراهيم الناصر، والآن يعتزم النادي تكريم الروائي عبده خال باعتباره أحد أبرز كُتّاب الرواية على مستوى الوطن العربي، وحصوله على جائزة البوكر دليل على ذلك. الحل في التصويت * هناك مركزية للقرار عند بعض أعضاء مجلس النادي، وتجاهل البعض الآخر.. فما قولك؟ عندما يجتمع عشرة أعضاء حتمًا سيكون لكل واحد منهم رؤية خاصة، بل حتى الإخوة في المنزل لكل واحد فيهم رؤيته ومزاجه، وهذه سمة البشر، إلا أن هذا التنوّع يمكن أن يكون إيجابيًّا ومفيدًا متى تقاربت من خلال الحوار الهادئ المتزن، فالمركزية تذوب حتمًا في القرار الجماعي؛ لأن التصويت هو الحل الأمثل والناجح والجذري لأي قرار يود النادي اتخاذه، ومجلس إدارة النادي «يمثّل مجموعة» من المهتمين بالسرد أو الشعر أو الإعلام أو الشأن الثقافي بشكل عام، ويكون هناك التفاوت النسبي في الحضور الفعلي الثقافي، وذلك بمدى ملامسة منتج عضو مجلس الإدارة بشرائح واسعة من القراء ومن هنا قد يكون الحكم غير منصف. جائزة إبداعية * هل لمست أي تفاعل مع جائزة الباحة من قبل الدارسين؟ جائزة الباحة الثقافية هي جائزة سنوية إبداعية تمنح للدراسات الخاصة في مجالات الثقافة والأدب بمنطقة الباحة تهدف إلى إثراء المكتبة العربية بالبحوث والدراسات النقدية الجادة، وتشجع الباحثين والنقاد وتنشيط الحراك البحثي وإبراز إبداعات أبناء منطقة الباحة كجزء من الوطن الكبير، وقد اتفقت اللجنة القائمة على تخصيصها في هذا العام لدراسة الإبداع الشعري لشعراء وشاعرات منطقة الباحة المعاصرين (في الشعر الفصيح)، وقد أعلن عن الجائزة وشروطها عبر وسائل الإعلام وننتظر المشاركات بحسب المواصفات المحددة. صعوبات وتأجيل * كثير من المشروعات الثقافية يتم الإعلان عنها ولكن مع وقف التنفيذ.. فلم ذلك؟ جميل جدًّا أن نفكّر في تنظيم مشروع ثقافي والأجمل أن نبادر في التنفيذ، وقد تعترض بعض الصعوبات مما يستدعي التأجيل إلا أن المشروع يظل قائمًا وقابلًا للتنفيذ في الظرف الزماني والمكاني المناسبين. مسؤولية مشتركة * تعرّض كثير من موظفي النادي وبعض أعضاء اللجنة الإعلامية للاستغناء، ويشار إلى أن ذلك تم بقرار انفرادي. فما صحة ذلك؟ لكل لجنة رئيس معني بشؤونها من حيث التنظيم وتقديم الأفكار والرؤى لعرضها على مجلس الإدارة، والمجلس يبارك أي عمل يسهم في إثراء المشهد الثقافي، ومن بين مهام رئيس اللجنة اختيار أعضاء للجنة، أما كيف يتم الاستغناء عن بعض أعضاء اللجنة الإعلامية فتلك مسؤولية مشتركة بين العضو ورئيسه؛ إذ يقدم مبررات أمام المجلس بالاستغناء عنه، بعدها يصوت الأعضاء بالموافقة أو الرفض. صدى واسع * وماذا عن «بروق».. وما الجديد فيها؟ «بروق» مجلة دورية يصدرها النادي الأدبي بالباحة تعنى بالقصة القصيرة إبداعًا ودراسة، وتم إصدار العدد الأول، ووجد صدًى واسعًا؛ إذ وصلت إلى مراكز ثقافية في الصين، واليابان، ودول أوروبا، وأمريكا، كما انتشرت بفضل الشبكة العنكبوتية. أما العدد الثاني فصدر قبل فترة وجيزة بمشاركة نخبة من كُتّاب القصة من أبناء منطقة الباحة والمملكة والوطن العربي إلى جانب دراسة نقدية للدكتور محمد عبدالرحمن يونس بعنوان (القصة القصيرة الشابة بين النقد الصحافي المزاجي والمصطلح النقدي المواكب له)، وقد شرعنا في التجهيز للعدد الثالث. * المقهى الثقافي بدأ ثم توقف.. هل من مبررات؟ لكلمة (سمرة) مدلولات ومفاهيم جميلة في الذاكرة القروية، وأردنا في النادي إيقاظ الجوانب المضيئة والمختزلة في أذهان الناس وبأسلوب يتناسب ومعطيات الحياة ومستجداتها المتسارعة، وبالفعل تم التخطيط لتنظيم سمرة ثقافية، وكان محورها «المسرح» حيث وجهت الدعوة لعدد من المهتمين بالمسرح، سواء في التأليف أو الإخراج ومن بينهم المسرحي البارز الأستاذ محمد ربيع الغامدي، وطرح المشاركون أفكارهم وملاحظاتهم وتجاربهم وآمالهم في جوٍّ حميمي مفعم بالود والألفة، وهناك موضوعات مُعدة للسمرة عن السياحة، الشباب، الفضاء، التشكيل، الصحافة، الإبداع، النظام، التغيير.... وغيرها. وإن شاء الله يتم تنفيذها في مقبل الأيام. مشهد متنامي * كيف تقرأ واقع المشهد الثقافي؟ المشهد الثقافي يتنامى يومًا بعد يوم، ويعود ذلك لتنوّع مصادر المعرفة، فبدلًا ما كان الكتاب وحده المصدر المعلوماتي الوحيد، أضحينا لا نستطيع استيعاب ما تضخه المكنة الإعلامية من معلومات، وفي شتى المجالات؛ إذ أصبح العالم بأسرة كتابًا معرفيًّا مفتوحًا، وذلك من خلال الشبكة العنكبوتية المذهلة، ولا ننسى الدور الكبير الذي تقوم به الجامعات السعودية، والمؤسسات الثقافية، ومن بينها الأندية الأدبية التي تقوم بدور فاعل وحيوي في تنشيط الحركة الثقافية.