محافظ محايل يبحث تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين    المودة عضواً مراقباً في موتمر COP16 بالرياض    قبل مواجهتي أستراليا وإندونيسيا "رينارد" يستبعد "العمري" من قائمة الأخضر    شرعيّة الأرض الفلسطينيّة    «الاختبار الأصعب» في الشرق الأوسط    حديقة ثلجية    «الدبلوماسية الدولية» تقف عاجزة أمام التصعيد في لبنان    البنك المركزي السعودي يخفّض معدل اتفاقيات إعادة الشراء وإعادة الشراء المعاكس    الهلال يهدي النصر نقطة    رودري يحصد ال«بالون دور» وصدمة بعد خسارة فينيسيوس    لصوص الثواني !    مهجورة سهواً.. أم حنين للماضي؟    «التعليم»: تسليم إشعارات إكمال الطلاب الراسبين بالمواد الدراسية قبل إجازة الخريف    لحظات ماتعة    محمد آل صبيح ل«عكاظ»: جمعية الثقافة ذاكرة كبرى للإبداع السعودي    فراشة القص.. وأغاني المواويل الشجية لنبتة مريم    جديّة طرح أم كسب نقاط؟    الموسيقى.. عقيدة الشعر    في شعرية المقدمات الروائية    الهايكو رحلة شعرية في ضيافة كرسي الأدب السعودي    ما سطر في صفحات الكتمان    متى تدخل الرقابة الذكية إلى مساجدنا؟    وزير الصحة يتفقد ويدشّن عدداً من المشاريع الصحية بالقصيم    فصل الشتاء.. هل يؤثّر على الساعة البيولوجية وجودة النوم؟    منجم الفيتامينات    نعم السعودية لا تكون معكم.. ولا وإياكم !    أُمّي لا تُشبه إلا نفسها    جودة خدمات ورفاهية    أنماط شراء وعادات تسوق تواكب الرقمنة    كولر: فترة التوقف فرصة لشفاء المصابين    الأزرق في حضن نيمار    ترسيخ حضور شغف «الترفيه» عبر الابتكار والتجديد    الناس يتحدثون عن الماضي أكثر من المستقبل    من توثيق الذكريات إلى القصص اليومية    قوائم مخصصة في WhatsApp لتنظيم المحادثات    الغرب والقرن الأفريقي    الحرّات البركانية في المدينة.. معالم جيولوجية ولوحات طبيعية    الاتحاد يتغلب على العروبة بثنائية في دوري روشن للمحترفين    ضبط شخصين في جدة لترويجهما (2) كيلوجرام من مادة الحشيش المخدر    المربع الجديد يستعرض آفاق الابتكار الحضري المستدام في المؤتمر العالمي للمدن الذكية    أمير القصيم يرعى حفل تدشين 52 مشروعا صحيا بالمنطقة بتكلفة بلغت 456 مليون ريال    فقيه للرعاية الصحية تحقق 195.3 مليون ريال صافي ربح في أول 9 أشهر من 2024 بنسبة نمو 49%    رحيل نيمار أزمة في الهلال    مبادرة لتشجير مراكز إسعاف هيئة الهلال الأحمر السعودي بمحافظة حفر الباطن    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    المريد ماذا يريد؟    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    الدولار يقفز.. والذهب يتراجع إلى 2,683 دولاراً    رينارد يعلن قائمة الأخضر لمواجهتي أستراليا وإندونيسيا في تصفيات مونديال 2026    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    ليل عروس الشمال    التعاطي مع الواقع    التكامل الصحي وفوضى منصات التواصل    الداخلية: انخفاض وفيات حوادث الطرق بنسبة 50%    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    سلام مزيف    همسات في آذان بعض الأزواج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما هذه الدعوى الرخيصة بلا علم ولا برهان ولا مثال شارح؟!

ومن أرض الكنانة شرَّفني الأستاذ محمود خير الله بمقالته الكريمة ذات العنوان الاستفزازي:(عجوز ابن عقيل الشمطاء أجمل مواليد الشعر الإنساني)، وأسقط الألف من (ابن) فكانت بنتاً لي، وعناصر ما أبداه حفظه الله ملَّخصه.. فيما يلي: 1 العالم كله يعتبر قصيدة النثر أجمل مواليد الشعر الإنساني!؟ والظاهري يراها عجوزاً شمطاء. 2 اهتز الشعر العربي على مدار تاريخه حين انكسر عموده لأول مرة في قصيدتين للسياب ونازك. 3 اهتز الشعر بعنف تحت وقع الهزيمة الثقافية العربية تحديداً في دولة ما بعد الاستقلال، وأولها هزيمة 1967م ومن بركات هذه الهزيمة إفرازُ جيل قادر على تأمل الهزائم ؛ فنتجت قصيدة جديدة قوي عودها مع الانتفاضة الفلسطينية ودخول العراق أرض الكويت. 4 وثمة دافع آخر لهذا الفتح العظيم، وهو أن الشعر العربي أحسَّ أن (الإيقاع) خائن مثل بعض الجنرالات، وأن البقاء للإنسان الذي دمَّره الاضطهاد والأكاذيب. 5 حكم على ما سماه بقصيدة النثر بالقدرة على تأمُّل العالم. 6 أن الظاهري لا يعرف الشعر الذي تعرفه الإنسانية كلها. إنه ليس هو المكتوب وَفْق آليات قديمة أكل عليها الدهر وشرب. 7 أن الظاهري لا يعرف أن الشعر ليس هو الذي يمشي وراء السلف الشعري مربوطاً بالسلاسل كأنه واحد من العبيد. 8 نثر حِكَماً غفل عنها ذوو العلم، وهو أن الشعر هو الطاقة الهائلة التي تتأكد مقدرتها على الوصول إلى المعنى من أجمل الطرق. وأن الشعر لا يُسمح بتداوله أمام الأطفال؛ لأنه لن يكون شعراً حتى يُحرِّضهم على التأمُّل وتغيير المصير. 9 أنه كُتِب بها أعظم أشعار القرن العشرين في أوربا، وأنه رسم بها الشاعر اللبناني قبل عشرين عاماً أجمل لوحة شعرية للصراع الطائفي والإنساني. 10 تألَّم من محاربة الدولة والمؤسسات الثقافية العربية في مصر لها كاستبعاد قصيدة النثر من معرض القاهرة الدولي للكتاب. 11 حكم على الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي بأنه هاجم قصيدة النثر؛ فمنح نفسه (؟!) جائزة العام الماضي باسم قصيدة الشعر التقليدية. 12 لو كانت القصيدة النثرية عجوزاً شمطاء ما كان لكل هذه الدول أن تحاربها.. إنهم يخشون من غوايتها [يريد إغواءها] التي جعلت الكثيرون [الصواب نحواً الكثيرين، والصواب نحواً ولغة : كثيراً]. قال أبو عبد الرحمن : مَدَداً مدداً مَدَداً يا أستاذ محمود على هذه الشحنة من البراهين، والنماذج التحليلية!!..وقبل الحديث عمَّا يُسمَّى قصيدة النثر أحب أن أقف مع هذه الدرر التي لخصتها: الوقفة الأولى: كلمة (العالم كله يعتبر.. إلخ) تعميم لا يليق بأهل العلم والفكر إلا ببراهين قاهرة، واستقراء؛ فإذا عري التعميم من ذلك أصبح دعوى رخيصة. والوقفة الثانية: التناقض الصارخ في مقالةٍ من أسطر؛ فكيف يُجمع عليها العالم ثم يحاربها فئام من الناس بنص كلامه؟! والوقفة الثالثة: قوله:(العالم كله يعتبر قصيدة النثر أجمل مواليد الشعر الإنساني)؛ فهذا تعميم غير مسؤول؛ فهنيئاً له هذه الإحاطة بأقوال كل العالم وتوحُّدهم على حكم واحد؟! والوقفة الرابعة: يا رعاك الله متى انكسر عمود الشعر وهو الأغلب، وهو القاعدة، وعليك أن تلغي مواهبَ مِن أحمد شوقي إلى إبراهيم ناجي؛ فشعراء المهجر، فالرُّصافي.. إلخ.. إلخ.. ياللهول! والوقفة الخامسة: العِراك قائم بين السياب ونازك أيهما أسبق، والأصل امتصاصٌ خواجي بأحد عنصر ي الغناء أو التغنِّي كما سبق بيانه في حلقات مضت. والوقفة السادسة: شكراً على هذا الاعتراف بحقيقة (هزيمة الثقافة العربية فيما بعد الاستقلال).. إنها والله هزيمة نكراء روحياً وفكرياً وكيانياً؛ بسبب تقليد الضعيف للقوي..ولكنها زخم معرفي متراكم لدى الحُواة..كما أنها مهارة وأناقة ولياقة في المضحكات المبكيات كصنع الأزياء، وتناوح الموسيقى، والديكور، ووسائل التجميل..إلخ. والوقفة السابعة: أنه لا حضور لما يسميه قصيدة النثر في هزيمة حزيران، ولم يهتزَّ الشعر الفصيح عموديه وحداثيه لا بعنف ولا برفق، بل صمت إلا بعض الهراء (في دفتر النكسة) ، وبعض النقد في مثل: أنا ما جئتُ كي أكون خطيباً فبلادي أضاعها الخطباء. ثم تلا ذلك (قتلناك يا أبا الأنبياء)، وخطابٌ اعتذاري رفعه الشاعر لعبدالناصر، ثم بعد اقتحام خط بارليف اهتز الأمل عند بعضهم مثل: لملم جراحك واعصف أيها الثار ما بعد عار حزيرانٍ لنا عار ولا يزال الشعر في قناع الخجل باستثناء شعراء الطائفية الذين استأسد شعرهم تعييراً وتشفُّياً باسم النقد الذاتي. والوقفة الثامنة: يا أخي محمود خير الله: من أي واقع جئت بهذه الدعاوى الرخيصة عن آثار 1967م ..إلخ عن إفراز جيل قادر على فهم الهزيمة، وميلاد قصيدة جديدة..إلخ..إلخ؟..أين الشواهد، وأي فهم للهزيمة بعد حدود 47 إلى حدود 67 إلى منحة خارطة الطريق إلى لا شيئ ألبتة؟! والوقفة التاسعة: أظهر محمود خير الله حكمة مخبوءة لم يحط بها أحد من بني آدم، وهي: أن (الإيقاع) خائن، وأنه مثل بعض الجنرالات، وأن البقاء للإنسان الذي دمَّره الاضطهاد والأكاذيب!! قال أبو عبد الرحمن: أعود ثانية فأقول: مدداً مدداً يا محمود.. إن النص الفني وغير الفني، الشعري والنثري حفظك ربي موضوع للصدق والكذب؛ فالمآل إلى أخلاق المتكلم..وعجز عقلي (وليس هو بالهيِّن ولا اللين) أن يفهم وجه خيانة (الإيقاع) حسبي الله عليه إن كان خائناً؛ وإنما الذي أفهمه أن الشعر بإيقاعه، وكل مقوماته الفنية الجمالية والفكرية أرقى تعبيراً وأشده تأثيراً في النفوس، وأما كلام ربي سبحانه فلا يقاس به كلام البشر.. وقد يكون ذو النص الفني الجمالي خائناً؛ فالذنب ذنب الكاذبين، والإحسان للنصوص الفنية الجمالية..والجنرال الجِلْفُ ما وجه الشبه بينه وبين النصوص الفنية الجمالية..ولا بقاء للإنسان حفظكم الله؛ إنما خُلقنا للفناء أفراداً، والعمر الأبدي للإنسان (خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ ) سورة القمر/7]، وأول موعد لهم على أرض جديدة خلقها الله مستوية كخبز الحُوَّارَى لا وادي فيها ولا جبل، ولم يُعص الله فيها قط.. وخُلقنا للفناء جملة لقوله تعالى : (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) سورة الرحمن /26 - 27] ..وكيف يبقى الإنسان وهو مُدَمَّرٌ؟.إن الكلام إذا لم يصحبه عقل وعلم يكون من (جنون العقلاء) كما أن هناك عقلاء المجانين..وآخر ما يبقى على وجه الأرض الفساد؛ لأن الساعة لن تقوم وفي الأرض من يقول: الله الله. والوقفة العاشرة : أرجو أن يتحفنا أتحفه الله بكل خير بالشرح تصوُّراً وحكماً بكون (قصيدة النثر) أقدر على تأمل العالم؟!. فيا أخي محمود الذي يفهم العقل بفطرته التي فطره الله عليها وَفْق ما في مخزونه من ضرورات فكرية اكتسبها بالخبرة الحسية، وينطلق بها إلى معرفة شيئ موجود لم يكن محسوساً بعد.والعقل يُرتِّب ضروراته كما ينظم قانون الحساب الانتقال من خانة الآحاد القائمة على الإحصاء الحسي التجريبي إلى خانة العشرات..إلخ؛ كي تصحَّ نتائجه جمعاً وطرحاً وضرباً وقسمة.. والنص الفني الجمالي شعراً ونثراً إناء ذهبي لتأمل العالم، كما هو إناء ذهبي لتضليل المتكلم المدحوض بتظافر القيم الثلاث كلها (الحق، والخير، والجمال). والوقفة الحادية عشرة : أن محمود حكم على العبد الضعيف بأنه لا يعرف الشعر الذي تعرفه الإنسانية! قال أبو عبدالرحمن: ما هذه الدعوى الرخيصة يا أخي بلا علم ولا برهان ولا مثال شارح؟!هل عرفتني وحادثتني، وهل قرأت تنظيري لأدب الإنسانية في كتبي كالعقل الأدبي، والقصيدة الحديثة وأعباء التجاوز ،والالتزام والشرط الجمالي..إلخ، وهل تابعت جهدي الدؤوب في الصحافة خلال نصف قرن.. إن الناس لو التزموا الكلام بما لهم به علم ، وأمسكوا عما لا يعلمون: لَقَلَّ الاختلاف، وحصل الزكاء بالزاي، ورجحت العقول؛ وإنك لفاعل ذلك مستقبلاً إن شاء الله! والوقفة الثانية عشرة: وهذا حكم آخر لا يقل روعة في الجهل: (الشعر الذي تعرفه الإنسانية كلها ليس هو المكتوب وَفْق آليات قديمة أكل عليها الدهر وشرب)! قال أبو عبدالرحمن: تلك الآليات جماليُّها ودميمها هي مأثور الآداب الإنسانية على الامتداد التاريخي، وعلى امتداد الكرة الأرضية طولاً وعرضاً..هذه واحدة ، والثانية القيم الثلاث تصطفي عناصر الجمال من التراث الإنساني في الذات والموضوع.هذه ثانية والثالثة أن الفن الجمالي لا أمس له ولا غد، بل جمال الأمس قد تنقبض عنه النفس بدافع الملل، واسْتِئْساراً لعنصر جمالي جديد، ولكل جديد لذة..وقد تعشقه النفس بدافع الحنين، وبدافع الانقباض من جديد هو في منتهى القُبح أو البرودة على الأقل . والوقفة الثالثة عشرة: حكم على العبد الضعيف بأنه يجهل أن الشعر ليس هو الذي يمشي وراء السلف الشعري مربوطاً بالسلاسل كأنه واحد من العبيد! قال أبو عبدالرحمن: لعله يتراجع عن هذا الكلام المجازي الرخيص بما بيَّنته له في الوقفتين الحادية عشرة، والثانية عشرة. والوقفة الرابعة عشرة: من حِكَمِ الأستاذ محمود أن الشعر هو الطاقة الهائلة التي تتأكد مقدرتها على الوصول إلى المعنى من أجمل الطرق. قال أبو عبدالرحمن : هذا حق، ولكن الباطل إسقاطك شعر الإنسانية جملة بما فيه من تلك (الطاقة الهائلة) ، وقد أسلفت لك أن القيم الجمالية لا ثبات لها في أمس أوغد.. وأنت ههنا تتكلم عن الشعر، وأما النثر الذي سميته قصيدة فإنه إذا سَمُق وسما فنياً أضعف طاقة من الشعر. والوقفة الخامسة عشرة: أن الشعر لا يُسمح بتداوله أمام الأطفال! قال أبو عبدالرحمن: لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم..كيف هذا وهو التربية الأولى لصقل المواهب؟.كيف هذا وهو تربية الأجيال عن الإنسانية؛ وإنما المحذور حفظك الله في الطفولة قلة الحياء، والتجديف كقصيدة (التنصُّت على الله) وكل ذلك عند نزار قباني وأمثاله..ثم ما علاقة هذا بما تُسمِّيه قصيدة النثر؟ والوقفة السادسة عشرة: (الشعر لا يُسمح به أمام الأطفال؛ لأنه لن يكون شعراً حتى يحرضهم على التأمل وتغيير المصير)؟ قال أبو عبدالرحمن: كيف كان شعراً لا يسمح به وشعراً يسمح به؟.هذه واحدة ، والثانية أن التأمل مهمة التربية العلمية والفكرية ، والثالثة أن (تغيير المصير) اعتقادياً لا حركياً ليس مطلباً ، وإنما المطلب ما تُقِرُّ القيم الثلاث (التي ليس في الوجود قِيمٌ غيرها) الحنوَّ عليه، أو نبذه وتغييره بما هو الحق والخير والجمال . والوقفة السابعة عشرة: زعم أنه كُتب بقصيدة النثر أعظم أشعار القرن العشرين..إلخ: قال أبو عبدالرحمن: لا أقوى على إصدار مثل هذه الأحكام العامة بدعوى مجردة من البرهان، ولا أقوى على التصديق بها ممن أطلقها..وحسبي القول: بأن هذه الدعوى لو صحت وهي لا تصح أبداً لكان فيما يسمى قصيدة النثر قيم فكرية وخيرية وجمالية بصفتها نصاً فنياً نثرياً لا بصفتها شعراً له المقام الأسمى في التأثير والبهجة. والوقفة الثامنة عشرة: أنه جعل المعيار (أوربا) ؛ فيا أخي حياك الله أزكى تحية أن تكون خليفة (نيكوبراها) الذي بقي خمسة وثلاثين عاماً يرصد الأفلاك؛ ليتمِّم مسيرة (كوبرنيكس)، أو تكون خليفة (جاليلو) الذي صنع تلسكوبه بيده، أو خليفة ( نيوتن ) لإتمام مسيرته في اكتشاف قانون الجاذبية ، أو خليفة (وليم هرشل) لعلك تجد غير (أورانس) بقية المجموعة الشمسية في مدى علمه .. وأما ما نملك أصوله سلفاً وخلفاً كالآداب والتاريخ واللغة .. إلخ فليس قدرنا كما يجب أن يكون لا حسب ما هو كائن أن نكون مقلدين لأي أمة حُواةً لكل طارئ، ولكن قدرنا حب الاستطلاع بنفَس طويل، وأن نأخذ الميزات ونطرح المُجملات بما نملكه من العقول المُحَاكِمة. والوقفة التاسعة عشرة: منذ أكثر من ثلاثة عقود أسمعني أحد المتمكنين في الإنجليزية والفرنسية يدير مركزاً لتعليم اللغات الأجنبية بالرياض، ونسيت اسمه، ولكن ذلك كان بمكتب الأستاذ محمد الشدي..أسمعني من اللغتين شعراً بلغة الخواجات لا أفهم معانيه ، ولكنني وجدته مقفَّى، وأدركت بحاسة الأذن أنه موزون على بُنى ثابتة في كل شطر.. وإدراك القافية ليس عسيراًعلى من لا يجيد لغة الخواجات ؛ لأن الله سهل للعرب مخارج ثمانية وعشرين حرفاً تسمى الحروف الأصلية، وتبلغ أربعين حرفاً بالحروف الفرعية كنطق الكاف بين الكاف والسين، وحرفٍ بين الشين والزاي..وقد تقصى الحروف الفرعية فيما أظن ناصيف اليازجي في
كتاب له عن آداب العرب، وأكثرما تستعمل الحروف الفرعية في اللهجات الفصيحة وفي العامية، وكل هذه الحروف في نطق الخواجات مع مخارج أخرى لا ينطقها العربي إلا بالتعلم، ولكنه يدرك مخرجها، بل توجد كلمات خواجية يعسر على العربي النطق بها؛ لأنها تزيد على أكثر أوزان العربية (صِيَغِها) مثل (الترنسندنتالي) و(الفينومينولوجيا)؛ فهذه أكثر حروفاً من أكثر المفردات العربية حروفاً.. كما أن لغة العرب سهلة المخارج ؛ لأن فيها حروفاً معيَّنة لا تتوالى في المفردة العربية ، وبكثرة مخارج الحروف لدى البشر، وهي هيئات أصوات متصوَّرة بالسماع، مسمَّاة في اللغات رامزات عن معانٍ إذا كان الحرف مع غيره في تركيب مفردة، أو كان رابطة بين مفردتين..بهذه الأصوات ، وباختلاف معاني المفردات تبلبلت الألسن..ثم أتيح لي بعد ذلك الاطلاع على دراسات عروضية جادة حلَّلت بعض القصائد الخواجية النثرية، فوجدتها تذكر النبر وتُقنِّن له؛ فرجح في ظني أنهم يُعنون بالموسيقى الداخلية، ويتحللون من الموسيقى الخارجية (الوزن، والقافية). والوقفة العشرون: أن استبعاد المؤسسات الثقافية لقصيدة النثر ضرورة فكرية كما سيأتي بيانه إن شاء الله. والوقفة الحادية والعشرون: ذكر عن الأستاذ الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي مهاجمته قصيدة النثر، وذلك عين العقل العلمي لوثبت ذلك عنه، ولكنه في مداخلته لكلامي صرح باعترافه بقصيدة النثر.. والكلمة لحجازي نفسه حول هذين الموقفين عنده. والوقفة الثانية والعشرون: أنه جعل كثرة النافين لنقيضي (قصيدة النثر) خوفاً من إغوائها؛ فما أعجب هذا الحكم!.. إن الدارسين عُشَّاق فن جمالي يلتمسون إغواءه اللذيذ ولا يفرون منه.. ومع هذا فما علمت قط أن ميل جمهور المثقفين والأدباء يكون هو الكفَّة المرجوحة. والوقفة الثالثة والعشرون: وهي الأخيرة أنه جعل قصيدة النثر هي (عجوز ابن عقيل الشمطاء) ؛ فلماذا هذه النسبة الظالمة ؟.. إنني حكمت عليها بأنها عجوز شمطاء، ولم أتعشَّقها ، والأستاذ محمود عشقها شمطاء شاب وليدها ؛ فالعدل أن تكون قصيدة النثر هي عجوز محمود خيرالله الشمطاء، وللناس فيما يعشقون مذاهب.. وفي مرة من المرات داعبت بعض شبابنا بقصيدة نثرية لا تعني شيئاً؛ لأردَّهم إلى جادة الصواب، ولأشجعهم على العزوف عن هذرِ نقيضي (قصيدة) و (نثر) ، وسميتها قصيدة حب ، وهذا نصها: [حبيبتي. حبيبتي، ياحبيبتي!؟ ياعطور. المجدلية. المتضوِّعة.. في رحاب القداسات! إني؟ أنسحق: إني كالليلك..كالزنابق. امتصت عبيرها: التوابيت المحنطة! أبولو. أبولوإله الشعر ؟ كان الشعر يا سيدي بحراً لا ساحل له. لم يكن في الوجود إلا السند باد الواحد. السندباد! خارطة البحور! كان للشاعر وقار أستاذ: كرسي: جامعة!؟ واليوم يا أبولو..ياسيدي! أصبحنا كلنا سندباد! كلنا خارطات! أصبحنا نرضع الأطفال شعرنا المرتعش. ونحن نشرب الفنجان! كانت فيروز..الشحرورة الناحلة. تغني لنا الليلك! أصبحنا ندق الوتد في الموجة العذراء! أنت يا سيدتي سر هذا الإلهام متى تضاجع يدك؟! إلا تفعلي ياسنونوتي ياعصفورتي.! أنسحق! إني أغرق . أغرق. أغرق..أغرق. هطل.. هطل.. هطل. مطر.. مطر.. مطر. تك..تك.. تك. إن لم تضاجع يدك ديوان شعري. يدك؟. قلت (..) يدك الطاهرة؟ .. أحيا مأساة سيزيف! سيزيف المعذَّب] وهذه القصيدة نموذج النوع الأغلبي لما يسمونه (قصيدة النثر)؛ فواضيعة الأعمار يا محمود ، وإلى لقاء إن شاء الله مع تنظيري لقصيدة النثر، ومع سجع الحمام مع بقية الأحبة من أرض الكنانة، والله المستعان. !!Article.footers.image-caption!!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.