وسط تظاهرة علمية أقل ما يقال عنها إنها منعطف تأريخي في مسيرة المبدعين والمخترعين السعوديين انطلق معرض ابتكار 2010 برعاية كريمة من الداعم الأول للموهبة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – يحفظه الله - حيث تميِّز هذا المعرض بكثير من المكتسبات التي تُعد إضافة نوعية للشراكة القائمة بين مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع وشركة أرامكو يأتي في مُقدمتها نشر ثقافة الإبداع والاختراع في المجتمع ، وفتح آفاق التواصل بين المخترعين والمؤسسات والشركات ذات العلاقة بهدف الاستثمار في رأس المال البشري ؛ على اعتبار أن إعادة إنتاج التقنية أصبح خياراً استراتيجياً لتحقيق التنمية المستدامة ، إضافة إلى الاعتراف الدولي من قبل الاتحاد الدولي لاتحادات المخترعين – الايفيا – بهذا المعرض ، ناهيك عن عرض 92 مُخترعاً ، وتسجيل 40 براءة اختراع ، وتنفيذ 50 فعالية مُصاحبة. والميزة الأروع – من وجهة نظري – هي الإقبال الجماهيري الكثيف من شرائح المجتمع بتباينها الفكري ، وتنوع مستوياتها التعليمية الذي يُعطي مؤشراً قوياً على أن ثمة وعياً يكتنز الذهنية المجتمعية بأهمية الإبداع والابتكار ، هذا التفاعل الإيجابي مع الفعاليات العلمية البحتة رسالة مُعبِّرة لكل متهِم لنا بأننا مجتمع مُستهلك وغير منتج فحواها أن هذا العصر هو عصر الإبداع والاختراع ، وأن ملامح مستقبلنا الزاهر ستنطلق من جعل هذه الرسالة واقعاً ملموساً نتعاطاه بعد أن كنا نتمناه ونطمح له ، الأمر الذي يعني أن الحملة التي تقودها الدولة والمتمثلة في تحول المملكة إلى مجتمع المعرفة بحلول 1444ه بدأت بشائرها من خلال إقامة مثل هذه المعارض النوعية ؛ التي هي مُخرج لأفكار مستودعها العقول ، وورش عمل مُعتركها المعامل. وتجلى في هذه التظاهرة إذابة الكثير من المتناقضات المتواترة المؤسِسة لنظرية الشك عند تفاعل الرجل مع المرأة في نشاط ومكان واحد دون حواجز أوسواتر وهمية ، وحلّ بُعد النظر لما هو أعمق من التفكير المُرجف ، والنظرة السطحية المبنية على تقديم سوء الظن على حُسنه ، حيث كان العلم هو القاسم المشترك للتجاذبات بين جميع الفئات ، لذا فكثير من أبواب المنكر ، وطرق الشياطين المفتعلة الحاضرة في مثل هذه الفعاليات قد تم إيصادها ، فالجميع كانوا ينظرون إلى المُبْتَكر وليس إلى مُبتكِره ، ويحاوره في فكرته المُبدعة مُتحرراً من نوع الجنس المحاوِر. ولكن تساؤلات مُقلقة لم تَغِب عن مُخيلتي طوال أيام المعرض ، وتزداد اشتعالاً وأنا أُراقب عن كثب الحماس المُتقِد لهولاء المبدعين وهم يشرحون لسائليهم عن مبتكراتهم أُلخِصُها في : ما مصير هذه الأفكار المُبدعة ؟ وهل ستجد من يتبناها وتأخذ طريقها إلى سوق العمل ، وتُصبح إضافة تراكمية للمعرفة الإنسانية ؟ أم سيكون المعرض حفلة تأبين وردية كبرى لهذه الأفكار ؟ أم ستجد من يستلبها من بين أيدينا ، ويستثمرها بعيداً عنا ، ونخسر الفكرة استثماراً بعد أن نخسر المبدع فكراً ؟