* جميل من التي تتربع على العرش الثقافي أن يكون خلقها التواضع والسماحة والشفافية، ولا تغدق مدحًا أو ثناء، ولا تفتعل إثارة ولا تزيف حقيقة.. تسخّر سلطتها كونها مهنة صحافية التزامها بخطها ونهجها الوسطي التوعوي التثقيفي، وهي الأقدر على التأثير الإيجابي في الرأي العام، وذهنية القارئ النجيب واسع الأفق، فالقارئ متذوق ومحلل للعبارة، ومدرك ومتفهم للمعلومة، وهو الثروة (الفكرية) الحقيقية لارتقاء المجتمع وتقدّم الأمة. * لئن نظرنا لتاريخ صحيفة “المدينة” من مؤسسيها، إلى مديريها، إلى رؤساء تحريرها، إلى نوابها، إلى الإدارة العليا التي لها حق التوجيه والترشيد والدور الفاعل في الأخذ بها للأرقى، وإلى كادر جهاز التحرير الذي لا يألو جهدًا في العطاء والعمل المخلص الدؤوب، وهم من خلف الكواليس، ليظهر العمل بروح الفريق بصورة متميزة يرضي كل الأذواق.. بهذا فطنت “المدينة” لاختيار (النخبة) من استقطاب كتّابها ليكونوا الكواكب والنجوم الذين يضيئون سماء المدينة على الدوام، بالنتيجة الأصل في كل هذا التميّز هو العمل (بالأمانة)، وإعطاء الكلمة (الصادقة) حقها المباح بالوضوح والمصداقية، وإظهار الحقيقة من شعور وإحساس ملموس منبعه القلب الذي تمخضت وجربت، ثم جردت به هذه المعاناة والمعاني الأرقى والأصدق، لتخرج للبشرية عصارة الفكر السوي، ومداد العطاء الإنساني، فالكل يعمل لخدمة الإنسانية، والارتقاء بالشعوب والأمم فكرًا وخلقًا وسلوكًا. * إن جائزة التميّز.. لصحيفة “المدينة” يُعد تكليفًا للمضي قُدمًا نحو الأفضل، وهي دعم معنوي، ورسالة ود من ولاة الأمر لمواصلة المنظومة الصحفية من القامين عليها من الداخل والخارج بإثراء الثغر الثقافي التوعوي، ومواصلة الإنجاز والعطاء المحمود إبداعًا وتميّزًا، فالمكانة المرموقة التي تحظى بها صحيفة “المدينة” تبوأتها بفضل الله تعالى، ثم شرف الكلمة، وإخلاص العمل.. وهي تستحق التكريم لكرم عطائها المتميّز والمشهود له بالاتزان والوسطية، فهي صحيفة تميّزت منذ زمن بعيد بموضوعيتها ومصداقيتها. لذلك حين أُسأل عنها أجيب بأنها الأفضل حتى اللحظة. وقد لفتت الانتباه إليها لوضوح بصمتها في المجتمع، وطيب سمعتها، فمنحت جائزة مكةالمكرمة للتميّز التي سعدت كثيرًا بإبلاغي بشرى فوزها وتألقها؛ لتصبح أول صحيفة سعودية ينالها هذا الشرف المروم. مع تمنياتي الصادقة لكل صحفنا المحلية بالتميّز والارتقاء، ونهج مسار (مدينتي الفاضلة) فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فتأصيل المبدأ، وتطبيق الشرع الإسلامي، والالتزام بالأخلاق الفاضلة ميزة ابن هذه الأرض المباركة، وثباته وثوابته على القيم والشيم الأصيلة. * من هذا المنبر الإعلامي الوثاب اسمع القارئ شعارنا، حيث (صوتك قلمنا) وأن طرح القضايا وبحث حلولها مع المسؤولين لهي الأمانة التي ألزمت بها أقلامنا وأفكارنا ومبادئنا.. وأن الوطن أُمنا جميعًا. فاسأل الله تعالى أن نكون الأبناء والبنات البارين الصالحين والجديرين بحمل هذه الأمانة، وأداء المسؤولية التي مبعثها محبة خالصة صادقة للدين ثم المليك والوطن، لا يقابلها إلاَّ نية خالصة وعمل خالص لوجه الله تعالى. أرجو قبوله.. وكم راودتني فكرة إجازة طويلة إلاَّ أن هموم الأمة وقضاياها تفتعل مع الكتابة وحس المسؤولية، فتغدو الاوجاع حروفًا نحبِّرها، وصوتًا نسمعه له نصيب من النفس، وقطعة من الفؤاد، وحيّز من التفكير.. ومعنى راقٍ نستخلصه من الروح. * إنني فخورة (بمدينتي) كوني ابنتها منذ الصغر، وواحدة من كتّابها، إذ ما يزيد ثقتنا بها تواصل تقدمها وتطويرها وتطورها على مدى السنين الخوالي، وإلى الزمن الآني.. ورغم أن إخوتي مَن يقومون بخدمتي لتهنأ الجوهرة وتنعم في محارتها، إلاّ أنه لا يفوتني أن أشكر كل القائمين على صحيفتنا الغرّاء لتعاملهم الراقي المهذب، وتقديرهم الجم، وسمو خلقهم الرفيع، واحترامهم الخالص لخصوصية ابنة وطنهم.. بارك الله جهود المخلصين، ولقرائنا الأعزاء خالص الامتنان.. والله يرعاكم.