يقترن الإيمان بالإصلاح في القرآن الكريم في مواضع كثيرة، ومن ذلك قوله تعالى: (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ). والشريعة كما ذكر ابن تيمية رحمه الله: جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فهي تحصل أعظم المصلحتين، وتدفع أعظم المفسدتين.. ومن يتأمل دعوات الأنبياء -عليهم السلام- يقف على ذلك بجلاء ووضوح، قال تعالى: (وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ). وقال تعالى في قصة شعيب عليه السلام، وخطابه لقومه: (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ). وتتعدد جوانب الإصلاح التي يتناولها القرآن الكريم، والذي يأتي في مقدمتها الإصلاح العقدي، الذي يهيمن على جميع جوانب الإصلاح الأخرى، التي يحتاجها الإنسان في عمارته للأرض. قال تعالى: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ). وقال تعالى: (ونزلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ). لذا فإن من يطلب الإصلاح بصدق فعليه بكتاب الله سبحانه وتعالى، لأن الإسلام صالح ومصلح لكل زمان ومكان. وأما من يزعم الإصلاح بالاعتماد على بضاعة الغرب الفاسدة، بسبب ضغط الواقع، أو بدافع الهزيمة النفسية، فعليه أن يتذكر أن فاقد الشيء لا يعطيه، وليقف عند قوله سبحانه وتعالى: (قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ).