رأى معالي وزير الثقافة والإعلام عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة أن الإعلام هو المحرك الجديد الذي دفع الفكر الإنساني إلى آفاق تغاير الفلسفات التقليدية التي ازدهرت في الغرب في القرون الماضية، وقال إن هذا المحرك غيّر العلوم الحديثة بصورة بينة كالنقد الأدبي وعلم الاجتماع وحتى نظريات الفيزياء وغيرها. وأشار الوزير خوجة خلال الجلسة الأولى في الملتقى الإعلامي العربي السابع الذي افتتح في الكويت أمس إلى تأثر الإعلام ووسائله بالاقتصاد الحر وتحولها إلى سلع قابلة للشراء والبيع والعرض مثل الكتب والسينما والمسرح. ورأى معاليه في ورقته التي حملت عنوان “سطوة الإعلام.. المجتمع والسياسة والاتصال” أن شروط العيش قد تغيّرت بسبب وسائل الاتصال التي أصبحت تحيط بنا إحاطة تامة، ووصف العصر الحاضر بمجتمع المعلومات الذي فيه يكون التقارب مذهلا بين الناس، كما وصفه بمجتمع الوسائط التي انصهرت كلها في حيز واحد في مفهومها الرقمي. ولفت النظر إلى أن ثورة الاتصالات ساعدت على دمقرطة المعرفة وكل أشكال الحياة بما فيها السياسة والمجتمع والأدب والتسلية والتعليم. وقال إن الجيل الجديد من الشباب والشابات والأطفال ينمو “في الفضاء الرمزي لشبكة الإنترنت” حيث إنهم لم يعودوا يرضخون لوصايانا المعلبة، بل إنهم لم يعودوا معتمدين في تلقي العلم والخبر على وسائل الاتصال التقليدية. وأضاف: الجيل الجديد أداروا لنا ظهورهم وكأنهم يقولون لنا إنكم تعيشون ضيوفا علينا في زمن لا تنتمون إليه فإما تخضعون لشروطنا وأفكارنا وإلا اخرجوا فالمسرح لا يستوعب إلا ممثلين جددا. وذكر أن الرسالة الإعلامية محفوفة بالايدولوجيا والنوايا، مفيدا أن اللغة حمالة أوجه وتفسيرها يتطلب درجات من الوعي والقراءة حيث إنها تكشف وتحجب في وقت واحد. وعبّر معاليه عن سعادته بالمشاركة في الملتقى التي تعقد في الكويت العزيزة على الإعلاميين والمثقفين العرب التي طالما أعطت للثقافة العربية الحديثة الشيء الكبير وكان لها مع كل مثقف عربي قصة شائقة. وقال: إن حياتنا وما ألفناه من شروط العيش قد تغيّرت بسبب وسائل الاتصال التي أصبحت تحيط بنا إحاطة تامة حتى انه لم يعد بمقدور أحد منا تصور حياة ممكنة من دون هذه الوسائل التي خلخلت إذا ما تأملناها عميقا فكرة المكان والزمان وأحدثت معطيات جديدة لفلسفة الفيزياء ونظريات الكم على نحو غير مسبوق وأدخلت مفاهيم مختلفة للحدود التي تفصل حيزين بل إنها كانت المحرك الجديد الذي دفع الفكر الإنساني إلى آفاق تغاير الفلسفات التقليدية التي ازدهرت في الغرب في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بل وبدايات القرن العشرين كذلك. وأشار إلى أن ذلك الاختلاف يُظهر كماً لم يكن من قبل في سيطرة الاتصال على العلوم الحديثة بصورة بيّنة وإذا ما كان القرن العشرون قد أظهر عظمة اللسانيات التي ازدهرت لدى العالم اللغوي السويسري دي سويسر وأثرت في تطور العلوم الحديثة كالنقد الأدبي والنتربلوجيا وعلم الاجتماع وعلم التحليل النفسي بل ونظريات الفيزياء وكذلك فإن علوم الاتصال كانت زودت “الألسنية” بصرامتها المنهجية وليس ببعيد عن أذهان المشتغلين بعلوم الاتصال ما أسدته أدواتها المنهجية من فتوح في العلوم الإنسانية وأعني بذلك نموذج الاتصال الذي أخذ به عالم اللغة الروسي جاكبسون الذي استفاد منه نقاد الأدب والسينميائيون بشكل كبير. وكانت الجلسة قد ترأسها وزير الخارجية المغربي السابق محمد بن عيسى وشارك فيها كل من وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة والمستشار الإعلامي لملك البحرين نبيل الحمر. هذا وقد منح الملتقى الاعلامي العربي السابع في ختام أعماله أمس في الكويت الجائزة العربية للإبداع الاعلامي لعام 2010م لعدد من الشخصيات العامة والاعلامية بهدف تشجيعهم وتقديرا لمساهمتهم في رقي العمل الاعلامي في الوطن العربي. فقد كرّمت هيئة الملتقى كلا من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين عن روح المبادرة الإيجابية تجاه دعم الحريات الإعلامية، وصاحب السمو الأمير السفير محمد بن سعود بن خالد آل سعود عن دوره في تسخير المعلوماتية في خدمة القطاعات الحكومية، ومعالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة عن روح المبادرة الإيجابية تجاه دعم آفاق الحوار الاعلامي، والرئيس التنفيذي السابق لمجموعة (زين) الدكتور سعد البراك عن الصورة الإيجابية تجاه وسائل الإعلام، ورئيس مجلس أمناء جائزة عبدالعزيز البابطين للابداع الشعري عبدالعزيز بن سعود البابطين عن التطويع الثقافي للإعلام، وصحيفة الاتحاد الإماراتية عن تطوير الكوادر المهنية والوسيلة الإعلامية. وقال سمو الأمير السفير محمد بن سعود بن خالد آل سعود عقب حفل التكريم: أتمنى أن يتم الأخذ بتوصيات المؤتمر في الإدارات والجهات الحكومية وأن يتم ترجمتها إلى قرارات يتم تنفيذها في الجهات الحكومية، فضلا عن الاهتمام في مجال المعلوماتية التي تمثل عصب الإعلام في الفترة الحالية. من جهته أبدى معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة سعادته بوجوده ضمن المكرمين ونوه بما يحتويه الملتقى من المعلومات المهمة في الإعلام والتكنولوجيا. وحول تأثير الإعلام على العلاقات الدولية قال: الإعلام أصبح له تأثير كبير جدا في كل نواحي الحياة بوصفه وسيلة ناقلة يجب استخدامها في الطريقة الصحيحة لنقل المعلومات المفيدة، أما عن تأثير الإعلام على السياسيين فإنه منذ نشأة الصحافة والإعلام كان تأثيرها واضح على المجتمع، خاصة في ظل وسائل الاتصال الحديثة.