للشاعر الألماني بريخت قصيدة شهيرة أحد مقاطعها يقول (حين تقرع الطبول ، تهرع العجول، مع أن كل جلد طبل كان يوماً ما جلد عجل). معنى بليغ؛ يصلح لكل زمان ومكان وكل حادثة سيما في حوادث جرائم الحرب والتطهير العرقي. اليوم يطالعنا برلمان صربيا باعتذار عن المذابح التي ارتكبها الجيش الصربي نفسه ضد آلاف المواطنين المسلمين البوسنيين الذين قتلوا في صربرينتسا عام 5 199م .وهذا القرار الذي أصدرته الدولة نفسها مرتكبة المجازر قد أجيز بأغلبية ضئيلة بعد نقاش مستفيض لكن البرلمان الصربي لم يسمِّ ما حدث تطهيراً عرقياً واكتفى بالقول بأن ما تم كان جرائم حرب. وأياً كان جرائم حرب أم هو تطهير عرقي فليس هذا في نظرنا من الأمور التي يجب التوقف عندها كثيراً طالما أن الجناة سيتعقبون وأن الدولة التي ارتكبت حكومتها السابقة هذه المجازر ، قد حصلت الآن على حكومة تعترف على الأقل بالجرائم التي كانت ترتكب باسم نفي آدمية الأخرين أياً كانت أسباب هذا النفي. جرائم الحرب والتطهير العرقي من المآسي الإنسانية ففي رواندا وفي تاريخ مماثل لتاريخ المجازر التي ارتكبت ضد المسلمين في البوسنة تم قتل حوالى 800 الف من قبيلة التوتسي وأفراد معتدلين من قبيلة الهوتو بواسطة متطرفين من قبيلة الهوتو بدعم من الحكومة هوتية الهوى طبعاً وبعد محاكمات دولية حوكم فيها بعض الجناة وسمي ماجرى تطهيراً عرقياً ولا زال بعض الجناة ينتظرون الحكم. عادت رواندا من حالة الهوس القائل بنقاء عرق ضد عرق آخر إلى حالة من السلام الاجتماعي أدانت خلاله الحكومة الجديدة كل ما جرى وأقامت متحفاً يرى الزائر فيه الفؤوس التي حصدت الجماجم كما يرى الجماجم. لم يكن تطهير رواندا دينياً لكن الكنيسة الكاثولوكية اشتركت مع بقية دول العالم في اللامبالاة ثم عادت تعض أصابع الندم. الشيء نفسه ينسحب على نيجيريا فالسلطات هناك بحسب وكالة الأنباء النيجيرية تقول إنه تم أمس الأول الثلاثاء اعتقال 164 من المشتبه بهم بغية تقديمهم للمحاكمة . وبالطبع فلا يمكن سماع تلك النصيحة الغريبة التي أطلقها احد قادة افريقيا بضرورة تقسيم نيجيريا لدولتين واحدة مسيحية والثانية مسلمة. لكن يمكن سماع صوت العقل على غرار ما جرى في كل من رواندا وبروندي وما جرى اليوم في برلمان صربيا. بهذه الكيفية وحدها تتعافى الشعوب والبلدان فلا لجرائم الحرب ولا للإرهاب المتأتي عن هذه الجرائم. فلا عرق ولا لون ولا لغة ولا دين هناك فقط الإنسان.