اشتهرت القضية الفلسطينية بين سائر قضايا العلاقات الدولية بأنها “قضية الفرص الضائعة” ، وذلك منذ رفض العرب قبول قرار التقسيم عام 1947 وحتى انتهاء قمة عرفات -باراك برعاية الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون دون توقيع اتفاق سلام نهائي بين الطرفين، ومع كل فرصة تضيع تتضخم الأطماع الاسرائيلية وينحسر الحضور العربي سواء فوق الأرض المحتلة أو على ساحة الدبلوماسية الدولية، لكن ثمة فرصة سانحة في اللحظة الراهنة نأمل ألا تضيع ، فالخلاف بين الولاياتالمتحدة واسرائيل إثر اعلان تل ابيب اثناء زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن ، عن خطط لاقامة 1600 وحدة استيطانية في القدسالشرقيةالمحتلة، قد بلغ مستوى غير مسبوق ، لم يحظ معه نتانياهو لأول مرة بظهور إعلامي الى جانب الرئيس الأمريكي أوباما في البيت الأبيض الذي تعمد التعتيم على لقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي بالرئيس الأمريكي، فيما تعمد اوباما ترك ضيفه نتانياهو مع بعض مساعديه والذهاب لتناول الغداء مع عائلته. خلاف واشنطن مع تل أبيب ليس لأن الأمريكيين أحبوا العرب فجأة، ولا لأنهم تنبهوا الى حقيقة أن القدس محتلة بعد اربعين عاما على الاحتلال، ولكن لأن مصالح واشنطن مع العالم الاسلامي والعربي في اللحظة الراهنة لا تحتمل أن تنظر شعوب المنطقة الى أمريكا باعتبارها حامي حمى لصوص القدس، ولأن المعركة حول القدس تستطيع بذاتها حشد مئات الآلاف من المسلمين ضد اسرائيل ومن يؤيدونها، الأمر الذي ينذر بتقويض مصالح أمريكية اساسية لدى العالمين العربي والإسلامي. واشنطن تريد الضغط على اسرائيل لوقف بناء المستوطنات، لكن ثمة قوة وجماعات ضغط داخل الولاياتالمتحدة ذاتها تضغط على البيت الأبيض من أجل التسامح ازاء سلوك اسرائيل في الأراضي المحتلة، الامر الذي يقتضي أن يتلقى الرئيس الأمريكي دعماً من العالم العربي والاسلامي، ولكن ما هو نوع الدعم الذي يمكن أن يقدمه المسلمون لأوباما في موقفه من نتانياهو..؟! يستطيع المسلمون حول العالم وضع الادارة الأمريكية تحت ضغط عربي واسلامي، يساعد أوباما على أن يقول لشعبه وللرأي العام ولجماعات الضغط في بلاده ، إن مصالحهم تتعرض للخطر كلما دافعوا عن أطماع وخطايا وجرائم اسرائيل.