المتابع لردود أفعال كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية إزاء قرارات الاستيطان الإسرائيلية التي صدرت تباعًا والتي تزامنت مع زيارات جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي وجورج ميتشل مبعوث الرئيس أوباما للسلام في الشرق الأوسط ووزير الدفاع روبرت جيتس للمنطقة لابد وأن يدرك تخبطًا واضحًا في التصريحات والمواقف الأمريكية تجاه عملية السلام بما يعكس ضبابية غير مسبوقة في السياسة الأمريكية في المنطقة ، بحيث يمكن القول دون أدنى مبالغة أن واشنطن عاجزة عن تحديد موقف حاسم إزاء تلك القرارات التي تتناقض كلية مع الوعود الأمريكية بإقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة بدءًا من وقف الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربيةوالقدس العربية. المشهد الإسرائيلي الراهن بكل ما يحمله من تفاصيل يثبت أن تل أبيب ماضية قدمًا في تنفيذ مخططاتها لقضم المزيد من أراضي الضفة الغربيةوالقدس غير عابئة بردود الأفعال الدولية والأمريكية ، طالما ظلت تلك الردود لا تتجاوز في أقصى درجاتها الإدانة التي تصدر على استحياء مثل تلك الإدانة الصادرة عن بايدن في أعقاب صدور قرار وزير الداخلية الإسرائيلي بناء 1600 وحدة سكنية في القدس العربية أثناء زيارته لإسرائيل، أو العتاب على نحو ما صدر عن وزيرة الخارجية الأمريكية السيدة هيلاري كلينتون من ردود فعل على قرارات الاستيطان الإسرائيلية الجديدة بمخاطبتها لنتنياهو بأن تلك القرارات تشكل خطوة سلبية جدا بالنسبة للعلاقات الثنائية بين البلدين التي أكد بايدن قبل يومين وفي معمعة حمى الاستيطان بأنها غير قابلة للاهتزاز. هذا التناقض والتردد في مواقف واشنطن لا يمكن أن يساعد على تحريك عملية السلام نحو مسارها الصحيح ، ويضع مشروع إقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة في مهب الريح ، بما يضع واشنطن أمام خيارين : إما الضغط على إسرائيل والتهديد بفرض عقوبات عليها في حالة مواصلة توسعها الاستيطاني وإما التخلي عن دورها كوسيط وراعٍ نزيه لعملية السلام والتأكيد صراحة على انحيازها السافر لإسرائيل ، وبما يعني أن يصبح الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة هدفا بعيد المنال . المشكلة أن واشنطن رغم ذلك كله لا تزال تضغط على الفلسطينيين وتعزف عن الضغط على إسرائيل!