لم يغيّر القاص جبير المليحان رئيس مجلس إدارة النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية من موقفه الرافض لمقارنته أو تشبيهه بالشاعر محمد العلي، مشيرًا في ذلك إلى أن العلي «قامة عالية» و«أستاذ جيل»؛ أما هو فما زال يتلمّس طريقه في مسالك القصة على حد تعبيره.. وبمثل ما يبدى المليحان سعادته بما وجده من تكريم من قبل وزارة الثقافة اليمنية مؤخّرًا، وتكريم بعض المبدعين السعوديين والعرب له؛ إلا إنه يشير كذلك إلى غياب «المؤسسات الرسمية» في وطنه عن تكريمه بشكل تام، برغم ما قدمه من إنتاج أدبي، وجهود في إدارته لأدبي الشرقية والتي لا يخفي رضاه عنها ممثلة في ما قدمه النادي من إصدارات، ونشاطات أدبية، ومبادرتهم في عرض الكثير من الأفلام الوثائقية والثقافية التي تكللت بإقامة أول مسابقة للأفلام السعودية، كما أن أدبي الشرقية يعد النادي الوحيد -على حسب قول المليحان- الذي تشكلت لجنته النسائية عن طريق الانتخاب المباشر.. علاقة القاص جبير المليحان بالحرف والريشة، موقفه من النقّاد، والكتابة للأطفال، وغيرها من المحاور الأخرى طي هذا الحوار... * في ضوء تكريمك من قبل وزارة الثقافة اليمنية مؤخّرًا.. هل تشعر في مقابل ذلك أنك حصلت على التقييم والمكانة الموازية لجهودك ولمكانتك الأدبية في وطنك؟ نعم ولا : نعم من قبل المبدعين السعوديين والإخوة العرب الذين يساهمون منذ تأسيس موقع القصة العربية بإبداعاتهم، وحتى الآن بالمشاركة والنشر والمؤازرة. وأكنّ لهم التقدير الكبير في مسيرة الموقع و انتشاره. ولا من قبل الجهات الرسمية بشكل تام في المملكة العربية السعودية. * نصوص مجموعتك «قصص صغيرة» تشي بمبدع يكتب بريشة فنان تشكيلي.. كما أن لوحة غلافها بريشتك.. فما هي علاقتك بالفنّ التشكيلية.. وإلى أي أثّر الفن التشكيلي في كتابتك للقصة؟ مارست الفن التشكيلي عدة سنوات، ورسمت الكثير من اللوحات الزيتية التي أزيّن بها بيتي. وقد جذبني الرسم بالحرف حيث يعطيني حرية قول المعنى أكثر من الريشة. وقد رسمت أغلفة بعض الكتب مثل ديوان «رياح المواقع» للشاعر الصديق علي الدميني، ومجموعتيّ القصصيتين «الوجه الذي من ماء»، و«قصص صغيرة». القائمة المنسية * كثيرًا ما يقال إنّ الإبداع في المملكة لا يجد ما يوازيه من الاهتمام النقدي.. فهل الأمر ينطبق عليك أيضًا أم أنّ لك وضعًا مختلفًا باعتبار رياديتك في كتابة القصة بوصفك رئيسًا لمجلس إدارة نادي المنطقة الشرقية الأدبي؟ ربما أقل؛ فأنا لم أنشر قصصي في مجموعات إلا عام 2008، فإذا كان النقد لا يوازي الإبداع المنشور في كتب ولا يجاريه، فمن الطبيعي أن تكون قصصي في آخر القائمة المنسية. * بالرغم من كتابتك على مدى سنين طويلة لكنك لم تنشر سوى مجموعة يتيمة، وأخرى تنتظر الطبع وثالثة للأطفال.. هل أنت متردد، أم ترك فقدت حماستك للنشر، ألا تخشى أن يكون الزمن قد تجاوز نصوصك التي لم تنشرها بعد.. وهل أحرقت قصصك حين نشرتها في الصحف فانطفأت في داخلك الرغبة لتضمينها في كتاب؟ نشر لي حتى الآن ثلاث مجموعات والرابعة ستصدر قريبًا. فيما مضى كنت لا أتفق مع السائد الذي يتلخص في أن تدفع وتطبع في الخارج، ثم لا شيء لك. وفي الداخل تطبع لك جهة ما ويتم تخزين كتابك في مستودعات استعدادًا لقرضها من قبل القوارض. وقد اختلف الوضع في السنوات الأربع الأخيرة. * بعد مضي فترة من ترؤسك لمجلس إدارة أدبي الشرقية.. هل أنت راضٍ عمّا أنجزته ومال الذي فاتك؟ حقق مجلس الإدارة واللجان مسارات عدة تشعر الإنسان بالرضا نوعًا ما، منها: أن القرارات تتخذ في مجلس إدارة النادي بالتصويت. وأن نادي المنطقة الشرقية هو النادي الوحيد الذي تم تشكيل لجنته النسائية عن طريق الانتخاب المباشر من قبل السيدات. وأن النادي قدّم العديد من الإصدارات الأدبية الجيدة ، والكثير من الفعاليات الأدبية والثقافية المتواصلة. كما أصدر أعدادًا متميزة من مجلة دارين كان لها صدى طيبًا جدًّا داخل وخارج المملكة. كما يعتبر نادي الشرقية النادي الأول الذي بدأ بعرض الكثير من الأفلام الوثائقية والثقافية والتي تكلّلت بإقامة أول مسابقة للأفلام السعودية برعاية وزير الثقافة والإعلام السابق. مشروع ثقافي * موقع القصة العربية الذي أنشأته.. هل تشعر بأنه الأقرب إلى مشاعرك وأحلامك من النادي الأدبي؟ طبعا الموقع هو مشروعي الثقافي الذي بنيته طوال سنوات، ونستعد الآن لتدشين مرحلة جديدة تعتبر نقله نوعية في النشر الأدبي والثقافي على مستوى العالم العربي. أما النادي فأنا جزء من فريق تم اختياره من قبل من أحسنوا الظن بنا. وأرجو أن تكون السنوات الأربع قد قدمت شيئًا مما حلمنا به وحلم به الأصدقاء الأدباء. قامة عالية * في حلقة عقدها مقهى أدبي الشرقية لمناقشة مجموعتك «قصص صغيرة» رفضت مقارنة القاص فهد المصبّح لك بالشاعر محمّد العلي فيما يخص تأخركما في النشر.. ألا تعتقد بأنه كان محقًّا في مقارنته وعقد المشابهة بينكما حتى في احتفائكما بالماء، فديوان العلي «لا ماء في الماء»، وكتابه «كلمات مائية» واسم مجموعتك «الوجه الذي من ماء»؟ الأستاذ الشاعر محمد العلي أستاذ جيل، وهو قامة عالية لا أقارن نفسي بها. مسألة التأخر في النشر، والاحتفاء بالماء ربما هي الصدف.. فالعلي شاعر كبير، وأنا أتلمس طريقي في كتابة القصة. * تعد من أبرز من كتب للأطفال في المملكة.. فكيف يجتمع في شخص واحد أن يكون داعيًا وغارسًا لقيم تربوية إيجابية، وأن يكون في الوقت ذاته مبدعًا ساخرًا ومتجاوزًا ومحرّضًا على تجاوز جمود البُنى الموروثة.. هل ثمة انسجام أم تناقض بين الدورين؟ انظر إلى المسألة ببساطة كالتالي: أنا تربوي ملم بخصائص نمو الطفل وقاموسه اللغوي، وانطلق من الكتابة للطفل بنفسيته ورؤيته وحلمه. فالنص الناجح الموجه للطفل لا يمكن أن يكتمل إذا لم يتقمّص الكاتب روح طفل ترى العالم كله كلعبة أو حلم.. ويمكن أن يدسّ الكاتب القيم التي يرغب إيصالها لهذا الكائن الجميل تحت أسطره دون مباشرة أو وعظ. فاعلية اللجنة النسائية * كيف تنظر إلى الدور الذي تلعبه المرأة في المنطقة الشرقية.. وإلى أي مدى خرجت المثقفة في الشرقية من عزلتها وهامشيتها في الفعل الثقافي، وما هو الدور الذي يلعبه النادي في هذا الصدد؟ نادي المنطقة الشرقية هو النادي الأول بالمملكة الذي أجرت فيه المثقفات أول انتخابات للجنتهن النسائية. بعد ذلك انطلقت هذه اللجنة في المشاركة في الفعاليات طوال السنوات الماضية.