قبل بضعة أيام عاش العالم ذكرى الهولوكوست النازي الذي استهدف اليهود خلال الحرب العالمية الثانية ، وأيضًا ذكرى حرب غزة التي اعتبرت بمثابة هولوكوست آخر يرتكب بعد سبعة عقود من الهولوكوست الأول ليس ضد اليهود هذه المرة وإنما ضد الفلسطينيين بعد أن تحول ضحايا الأمس إلى جلادي اليوم ، حيث تعرض مليون ونصف فلسطيني هم سكان قطاع غزة لآلة الحرب الإسرائيلية العاتية على مدى 22 يومًا متواصلة من خلال عشرات الآلاف من القذائف التي انهالت عليهم برًا وجوًا وبحرًا بما في ذلك القنابل الفسفورية والعنقودية التي لم تستثن الأطفال والنساء والشيوخ وعلى مرأى ومسمع من العالم كله ، إلى جانب تدمير البنية التحتية للقطاع وآلاف المنازل وعشرات المساجد والمدارس والمستشفيات التي لا تزال أنقاضها متناثرة حتى الآن بسبب استمرار الحصار الظالم ، فيما تضع اللمسات الأخيرة على مخططها الشرير لتهويد القدس ، وذلك دون أن يحرك العالم ساكنًا ، وكأنه يعطي لإسرائيل الفرصة كاملة لإنهاء مهمتها في تدمير غزة . لا تكمن المأساة هنا في الصور الكارثية التي لا يزال القطاع يعيشها ، وإنما في إمكانية معاودة إسرائيل لعدوان جديد في ظل التهديدات التي يطلقها قادتها وزعماؤها بين الحين والآخر والتي تستهدف العدوان على سوريا ولبنان إلى جانب القطاع ، وهو ما دعا خادم الحرمين الشريفين في جلسة مجلس الوزراء التي ترأسها أمس الأول إلى مناشدة المجتمع الدولي ضرورة اتخاذ موقف صارم إزاء التهديدات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وسورية ولبنان ، وتكثيف الجهود لوقف استمرار الممارسات الإسرائيلية غير الإنسانية ضد أبناء الشعب الفلسطيني ووقف الاعتقالات التعسفية والضربات الجوية على قطاع غزة والتطاول على المقدسات الإسلامية والتوقف عن تنفيذ السياسات والمخططات الهادفة إلى تهويد القدس الشريف . هذه المناشدة الحاسمة يجب أن تكون بمثابة ناقوس لإيقاظ الضمير العالمي ومطالبته بالضغط على إسرائيل لإرغامها على السير في طريق السلام الحقيقي الذي يعيد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بما في ذلك حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران بعاصمتها القدس الشريف ، والكف عن العبث بأمن المنطقة والاستخفاف بقوانين وقرارات الشرعية الدولية .