لكل مدينة أو إقليم ما يميزها ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا الا ان عرعر في منطقة الحدود الشمالية لها خصائص فريدة من نوعها ابتداء من النشأة، كمحافظة لخط التبلاين، الى مميزات اهلها الطيبين، الذي يتميزون بالكرم ورحابة الصدر حتى ضرب بهم المثل “خل صدرك شمالي”.. ويتعجب الزائر لمدينة عرعر او حتى عابر السبيل من خدمة أبنائها وحب المساعدة للغير، فهذه المدينة الحالمة بالقرب من الحدود العراقية (48كيلو مترا)، هي عاصمة منطقة الحدود الشمالية، والتي لازالت تحلم بالمزيد من التنمية إضافة الى مميزاتها التي تجعلها قابلة للنهوض اقتصاديا وبشريا. خط التبلاين نشأت مدينة عرعر عام 1950م بعد إنشاء خط أنابيب الزيت «التبلاين»، وهو الاسم الأول لمدينة عرعر ثم تغير الاسم الى بدنة نسبة الى الوادي الذي يمر بها ثم استبدل الاسم الى عرعر وهو ايضا وادٍ يفصلها الى ضفتين وكان الفضل في تأسيس المدينة هو خط الأنابيب الذي ينقل الزيت بين رأس تنورة في المنطقة الشرقية وميناء صيدا في لبنان، وكانت البداية إقامة محطة ضخ الزيت وسكن العمال، وقد تم تخطيط المدينة في ذلك الحين وفق الأسلوب الشبكي على الطريقة الأمريكية والذي يعتمد على شارع رئيسي ثم تتفرع منه شوارع وتقاطعات فرعية. ويرجع أغلب سكان عرعر إلى قبيلة عنزة العريقة. وبدأ تكون مجتمع مدينة عرعر كعمال او من يبحث عن الخدمات الصحية والاستقرار في مجتمع مدني إضافة إلى نشاطات الشركة الثقافية والترفيهية لأبناء البادية كما تعرض انبوب ناقل الزيت لعدة هجمات من قبل المخربين الا ان ذلك لم يثني الشركة عن إصلاحه في كل مرة يتعرض فيها إلى هجوم. وتميز أهالي مدينة عرعر منذ القدم بالبساطة واحترام العادات والتقاليد، حيث كانت لا يمكن اختراقها أو تجاوزها أو الاستهانة بها، فسلطتها تفوق سلطة القانون في بعض الأحيان.. وتميز سكان عرعر، آنذاك، بطيب علاقاتهم وترابطهم واهتمامهم بحسن الجوار والتواصل مع من حولهم. الآثار والسياحة ذكر عبدالرحمن بن أحمد السديري في كتابه “الجوف وادي النفاخ” أنه قد عثر على فؤوس حجرية في وادي عرعر ترجع إلى العصر الأشولي الذي يمتد منذ خمسمائة ألف سنة إلى ما قبل ستين ألف سنة تقريباً، وهو ما يؤكد وجود استيطان بشري في وادي عرعر خلال العصر الحجري المتأخر.. وكشف الدكتور محمود الغول في عام 1387ه (1967م) عن معالم قديمة على بعد 20 كيلومتراً من مدينة عرعر، أو “بدنة” القديمة. ويستغرب الكثيرون الآن ذلك التجاهل التام للهيئة العامة للسياحة عن تاريخ الشمالية وآثارها، رغم أهميه استغلالها سياحيا، حتى انه لا يوجد متحف متخصص في عرعر رغم الآثار المكتشفة من قبل المواطنين والتي ذهبت طي النسيان بسبب عدم الاهتمام بها. عشق الصيادين كانت الأبقار الوحشية الإفريقية والغزلان والوعول والمها والنعام والفهود تشاهد في أحيان كثيرة في المنطقة الشمالية خلال العقود الأولى من القرن الماضي، إلى أن تم فتح قناة السويس فانقطعت هجرة الحيوانات من إفريقيا لشمال الجزيرة العربية. وإلى الآن تعتبر من أهم المناطق التي تشتهر بالطيور والصقور في سهول الحماد الواسعة حيث تعتبر الخط الأول لعبور الطيور والصقور المهاجرة بأنواعها والآتية من البلدان الباردة ويتم صيد العديد منها، فهي عشق الصيادين وقبلتهم من دول الخليج المختلفة. ولكن انقرضت معظم الحيوانات البرية أو كادت بسب الصيد الجائر الآن. الاستثمار والتجارة لازالت منطقة الحدود الشمالية ارض خصبة للاستثمار نظرا لأهميتها الإستراتيجية وموقعها الحدودي المميز، فهي بوابة المملكة الى بلاد الشام وتركيا وسوريا والعراق والأردن ولبنان، إلا أن مدينة عرعر تعاني من نقص المنشآت التسويقية كالفنادق والأسواق والمراكز التجارية، رغم توفر الامكانات المادية والكثافة السكانية. وهو ما يجعل الكثير من المحلات والمتاجر الوجودة تغالي في أسعارها خاصة مع غياب الدور الرقابي لفرع وزارة التجارة. وكما يقول المواطن فهد راضي ان من اهم مشكلات الأسواق في عرعر هي تفاوت الأسعار من محل الى محل مع ارتفاع أسعار السلع بشكل مبالغ فيه. مضيفا ان فرع وزارة التجارة غائبا كليا عن مراقبة الأسعار، كما أن الغرفة التجارية الصناعية لا تشجع التجار على الاستثمار. ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور علي بن حسن التواتي القرشي في محاضرته التي ألقاها مؤخرا برعاية النادي الأدبي بعرعر ان الموقع الإستراتيجي والبنية التحتية المتوفره بعرعر ينقصها الاستثمار في مجالات عدة اهمها توفر منطقة حرة وانشاء المدن الصناعية التجارية التي تخلق نوعا من الرواج الاقتصادي والتجاري، الذي تعود فائدته على أهالي المنطقة .