لقد جاء حديث القرآن الكريم عن اليهود فى مواطن كثيرة ومناسبات شتى وذلك لاستخلاص العديد من العبر والعظات والدروس ووصولاً إلى تقرير المبادىء الثوابت التى جاءت لها شريعة الاسلام .. تحدث القرآن عن اليهود كأشد الناس عداوة للذين امنوا " لتجدن أشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود والذين اشركوا" المائدة 82. لكن القرآن الكريم يعلمنا مناهج " التمييز" فى الآخرين بين الفصائل والمواقف والاتجاهات فاليهود صنفهم القرآن كأشد الناس عداوة للذين امنوا ( ليسوا سواء) فى الموقف من الاسلام والمسلمين فمنهم الاعداء الذين ضربت عليهم الذلة اينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم الذلة والمسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الانبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ) آل عمران 112 . فمن هذه صفاته وتلك مواقفة وأعماله من اليهود - هم أشد عداوة للذين امنوا أما من لا يسلك هذا السبيل من اليهود فإن موقف الاسلام والمسلمين منهم مكأفىء لموقفهم من الاسلام والمسلمين ولذلك سن القرآن هذا المبدأ المجسد للعدالة فى الموقف من الآخرين كل الآخرين وذلك عندما عقب مستدركاً على الاية السابقة فقال ( ليسوا سواء من اهل الكتاب أمه قائمة يتلون آيات الله أناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون فى الخيرات واولئك من الصالحين وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين" – آل عمران 113-115. ولقد اطرد هذا المنهج القرآنى وهذا المبدا الاسلامى فى تعامل المسلمين مع الآخرين فلم يضعوا أى لون من الوان "الآخر " فى سلة واحدة حاكمين عليه - اوله - بتعميم واطلاق ..فمن النصارى من قال فيهم القرآن الكريم ( ولتجدن أقربهم مودة للذين امنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما انزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا أمنا فاكتبنا مع الشاهدين) المائدة : 82: 83 ولقد كان نجاشى الحبشة من هؤلاء " بللت دموعه لحيته عندما سمع ما جاء بالقرآن عن مريم والمسيح- عليهما السلام وقال : إنه وما عندنا – عند النصارى الموحدين إنما يخرج من مشكاة واحدة ( وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع ان يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين فأثابهم بما قالوا جنات تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين ) المائدة 48, 85 وهناك نصارى كفروا بالوحدانية وعبدوا المسيح من دون الله وكتبوا فى انجيل يوحنا – عن المسيح- هو عبد الله ورسولة ( انه خالق كل شىء وبه كان كل شىء وبدونه لم يكن شىء وهو الالف والياء "!!. فحكم عليهم القرآن بالكفر ووصفهم بالشرك ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يابنى اسرائيل اعبدوا الله ربى وربكم انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه الناروما للظالمين من أنصار المائدة 72. وحتى فى السياسة الاسلامية ميز التشريع القرآنى والبيان النبوى لهذا التشريع القرأنى فى قضية الجزية بين النصارى الرومان الذين قهروا شعوب الشرق عشرة قرون واضطهدوا النصارى الموحدين – الاريسيين". الذين أشارت إليهم رسالة الرسول صلى الله علية وسلم إلى قيصر الروم :" اسلم تسلم والا فعليك اثم الاريسيين ففيهم نزلت اية الجزية ابان غزوة تبوك سنة 630 ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله وباليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدنيون دين الحق من الذين اتوا الكتاب حتى يعطو الجزية عن يد وهم صاغرون التوبة 29 . فهؤلاء المستعمرون المتجبرون كانت جزيتهم بدلا من قتالهم بينما كانت جزية نصارى نجران الذين عاهدوا رسول الله صلى الله علية وسلم هى بدل جزية تسقط عن الذين ينصرون الدولة ويتنكرون للحضارة التى اقامها الاسلام .