من حق أحرار العالم أن يتساءلوا كيف يصبح الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية أكثر رسوخًا عامًا بعد عام وأكثر انتهاكًا لحقوق الإنسان وللقانون الدولي في الوقت الذي تمتلك فيه الأممالمتحدة الأدوات والآليات القادرة على إنهاء هذا الاحتلال ووقف تلك الانتهاكات ؟! المؤسف أنه على مدى أكثر من ستة عقود يستمر العدوان والمذابح وحالة الطرد والاستلاب والتنكيل لشعب بأكمله فيما فشلت كافة مبادرات واتفاقات السلام التي طرحت من قبل العديد من الجهات الدولية بما في ذلك الاتفاقيات التي كان الفلسطينيون والإسرائيليون طرفيها الرئيسيين ، في وضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني وإقرار حقوقه المشروعة لسبب واحد بسيط يتمثل في المعاملة الخاصة التي تحظى بها إسرائيل ، ولأن الإسرائيليين عندما ينتهكون القانون الدولي فإنهم لا يعاقبون مثل بقية الدول التي تنتهك القانون الدولي حتى أصبحت إسرائيل في العالم كالطفل الذي أفسده التدليل على حد قول سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع نظيره التركي أمس الأول . إن المرء ليعجب كيف يمكن لإسرائيل الحديث عن السلام في الشرق الأوسط فيما تستمر حالات التشريد القسري التي تقوم بها في مختلف أنحاء الضفة الغربية،وحيث تستمر في حصارها الظالم لقطاع غزة فيما تواصل مخططها لتهويد القدس وتغيير معالمها الدينية والتاريخية والحضارية مع كل ما يشكله ذلك من خرق واضح لاتفاقية جنيف الرابعة ولعشرات القرارات الدولية الصادرة عن الأممالمتحدة والمنظمات المنبثقة عنها منذ عام 1967 حتى الوقت الراهن. تخصيص الحكومة الإسرائيلية مليار دولار مؤخرًا دعماً للاستيطان في الضفة الغربية يزيل أي غموض أمام من يراهن على العودة إلى استئناف مسيرة السلام الفلسطينية الإسرائيلية حيث يقدم هذا القرار دليلاً قاطعاً على أن إسرائيل تسعى إلى كسب الوقت من أجل فرض وقائع استيطانية جديدة على الأرض ، وهوما يتطلب من المجتمع الدولي وأمريكا خصوصا وقفة حازمة وجادة بوضع حد لسياسة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عموما، وفي مدينة القدس خصوصا، وبضرورة الانسحاب الإسرائيلي الشامل من كافة الأراضي العربية المحتلة في العام 67 بما فيها الأراضي السورية واللبنانية على نحو ما أكده الأمير سعود الفيصل .