حذّرت أكثر من مؤسسة حقوقية فلسطينية ودولية من الخطر الصحي والنفسي والبيئي الذي يواجه قطاع غزة ويزداد سوءًا يومًا بعد يوم مع استمرار الحصار متمثلاً في ارتفاع عدد المواليد المشوّهين ومعدلات الإجهاض المبكر والأمراض السرطانية بسبب استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي للأسلحة المحتوية على مواد سامة ومشعة خلال عدوانه الوحشي على مدن القطاع وقراه ومخيماته، إلى جانب الآثار النفسية المدمرة التي لحقت بأطفال القطاع من جراء تلك الحرب. ولايزال قطاع غزة بعد عام على الحرب الوحشية التي شنتها إسرائيل عليه والتي بدأها الجيش الإسرائيلي 27 ديسمبر الماضي وتواصلت على مدى ثلاثة أسابيع، يخضع للحصار الإسرائيلي الظالم الذي لا يحرم السكان فقط من تأمين الضروريات المعيشية اليومية ، وإنما يحرمهم أيضًا من وسائل إعادة تأهيل بنيتهم الأساسية التي دمرها الإسرائيليون خلال الحرب التي خلفت آلاف الشهداء والجرحى والمعاقين إلى جانب تدمير أكثر من 20 ألف منزل ونحو تسعين مسجدًا، مستخدمة أسلحة محرمة دوليًّا وفق ما أكده تقرير جولدستون الصادر في وقت سابق من هذا العام. ورصدت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان في دراسة نشرتها الأحد الماضي أبرز الآثار الصحية والبيئية الخطيرة الناجمة عن استخدام الجيش الإسرائيلي للأسلحة التي تحتوي على مواد سامة ومشعة خلال عدوانه الأخير غير المسبوق من حيث القوة والنتائج أواخر العام 2008 على قطاع غزة. وأوضحت الضمير أن عدد حالات الأطفال المولودين بتشوهات خلقية خلال ثلاثة شهور أغسطس وسبتمبر وأكتوبر من عام 2008 في قطاع غزة قبل العدوان بلغت 27 حالة فقط، وفي نفس الفترة من العام 2009 بعد العدوان بلغت 47 حالةً ما يعني ارتفاع الحالات لأكثر من الضعف، وأن 50% من التشوهات تتركز في الجهاز العصبي والتصاق في الأعضاء، كما أشارت أن مناطق جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا كانت الأكثر في حالات التشوه، وهي المناطق التي شهدت أكثر الاعتداءات الإسرائيلية. واستطاعت المقاومة التي أبداها أهالي القطاع في وجه تلك الحرب أن تجذب أنظار العالم إلى هذا الهولوكوست الجديد الذي يلعب فيه يهود الأمس دور جلادين اليوم، وأن تكتسب تعاطفه وهو ما تمثل بشكل خاص في قوافل الأمل التي تقاطرت من العديد من دول العالم لمساعدة وإغاثة أهالي القطاع المحاصرين، وما تمثل أيضًا في مقاطعة الأكاديميين البريطانيين للجامعات الإسرائيلية ، وزيارة العديد من الساسة والمفكرين الغربيين للقطاع وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي الأسبق كارتر وعضو البرلمان البريطاني جورج جالاوي وغيرهم. كما لا يمكن تجاهل ردود الفعل التي أثارها تقرير جولدستون الذي تبناه مجلس حقوق الإنسان بجنيف حيث كشف التقرير بشكل موثق عن وقائع الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان الفلسطيني خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، وبما هز صورتها أمام العالم بشكل غير مسبوق. ورغم مرور عام على الحرب فإن الانقسام بين فتح وحماس لا يزال قائمًا بما أتاح الفرصة للمحتل للاستمرار في غيه وفي تنفيذ مشاريعه الاستيطانية إلى جانب مواصلة مشروعه لتهويد القدس، وهو ما يشكل التحدي الأكبر أمام الفلسطينيين، الذي يستوجب توحيد الصف الفلسطيني في المقام الأول، كما أنه لا ينبغي النظر إلى عرقلة مشروع إعادة إعمار غزة عبر أكثر من ثلاثة ملايين دولار قررها المؤتمر الدولي لدعم الاقتصاد الفلسطيني وإعادة إعمار غزة الذي انعقد في شرم الشيخ المصري قبل نحو عام بأنه نتيجة طبيعية للمواقف السياسية الإسرائيلية المتعنتة فقط ، ذلك أن المبالغ المقررة لإعادة الإعمار تصطدم بعائق سياسي من نوع آخر يتعلق بالجهة المخولة لاستلام هذه المبالغ للشروع في عملية الإعمار وحيث تعجز الدول المانحة عن تحديد تلك الجهة حتى الآن في ظل وجود حكومتين فلسطينيتين وقرارين فلسطينيين معاكسين!.