إن الصور متعدّدة ومخجلة تبدأ مما نراه في الشوارع والمحال التجارية ووسائل الاعلام والإعلان وغيرها.. من هجين لغوي يجعلنا نتساءل: هل نحن حقاً في بلاد عربية؟ كتبت عدة مرات عن قضية إهمال اللغة العربية وتغريبها في قومها، وطرحها تحت وطأة اللغات الأجنبية التي استعمرت ألسنتنا وألسنة أبنائنا بل (استخربتها) بتعبير أكثر واقعية ومصداقية. قضيّة عظيمة. تهدّد قوميّة أمّة بأكملها، وهويّة توشك أن تذوب تماما وتتلاشى!! . وأعود اليوم لأكتب عنها لعل التذكير يدق ناقوس خطر يجعلنا نصحو من غفلة مخيفة . · فقد أصبحنا في بلدنا العربي أينما سرنا وجلسنا نسمع من حولنا يتحدّث لغة أجنبية!! فإذا ما نظرت إليه وجدته عربيا.. لكن لسانه ينطق بلغة غير لغته الأم !! وتراه يشعر بالزهو والفخر ظنا منه أن سلوكه هذا دليل تمدّنه وتحضّره .. وتميّزه !!!! والمؤلم في الأمر أن تجد البعض يعبّر باللغة الإنجليزية بطلاقة .. وإذا ما أراد أن يقول كلامه بالعربية .. وقف طويلا في محاولة لتذكّر كلمة تسعفه .. ثم تجده يقول لك : لا أعرف ماذا يسمّون ذلك بالعربية!!. · وهذه الظاهرة المفزعة لم تنشأ وليدة صدفة. بل هناك عدّة عوامل متداخلة منها التربوي والنفسي والسياسي والقومي وغيرها. لكن أبرز هذه العوامل على الإطلاق هو : عقوق أبناء هذه اللغة ووقوفهم خصماً لها. إضافة إلى العقم في مناهج التعليم ولاسيما ما تعلق منها بتدريس اللغة العربية. ناهيك عن هزال الحس القومي العربي لدى فريق من الناس، والانجذاب إلى دعوات التمدّن والتحضّر الخادعة التي تظهر اللغة العربية والمتكلّمين بها في مظهر التخلّف وإظهار اللّغة الأجنبيّة والمتكلّمين بها في مظهر التقدّم والتحضّر والتمدّن !!. · لقد كثرت حولنا المدارس التي تعتمد في مناهجها تعليم اللغة الإنجليزية كلغة رئيسة.. وتخصيص حصة يتيمة للغة العربية -من باب رفع العتب- كما كثرت حولنا -ونحن بلد عربي ومهد الرسالة العربية- دعوات الاهتمام باللغة الإنجليزية لدرجة ( الهوس ) وإهمال العربية لأنها ( ما تأكّل عيش ) !! ولا قيمة لها في عصر العولمة والعصر الرقمي. · إن الصور متعدّدة ومخجلة تبدأ مما نراه في الشوارع والمحال التجارية ووسائل الاعلام والإعلان وغيرها.. من هجين لغوي يجعلنا نتساءل: هل نحن حقاً في بلاد عربية؟ وتنتهي إلى ما نسمع الأطفال والشباب العرب !! يتبادلونه من أحاديث بلغة غير اللغة الأم. · إن قضية تراجع لغتنا العربية وغربتها بين أبنائها عائد إلى تراجعنا نحن كأمة وكأقوام عربية. فاللغة دوماً تستمد حياتها من أهلها. فهي تقوى بقوّتهم وتضعف بضعفهم، وتنهض بنهضتهم وتنام مع غفلتهم!!. · إن أي طالب عربي إذا ما ذهب للدراسة في دولة أجنبية أو العمل فيها .. يُفرض عليه أن يدرس لغة البلد التي قصد وتاريخها. أما نحن الدول العربية فنهمل تدريس لغتنا لأبناء هذه اللغة .. ونسخر من تاريخنا ونسمع الأجيال الناشئة وهي تسأل ساخرة : ما فائدة أن ندرس هذا التاريخ ؟ وهذه اللغة؟ · إن إهمال اللغة العربية ينذر بكارثة عظيمة. فحين تُستغلق مفاهيم اللغة على النشء فهذا ضياع محقّق للقرآن والسنة. · إننا بحاجة إلى الاهتمام بدراسة كيفية تنمية اللغة العربية لدى أطفالنا لتكون وسيلة فاعلة في اكتسابهم المعرفة، وتواصلهم مع تراثهم ومجتمعهم، وتعزيز هويتهم وانتمائهم، وبلورة ذواتهم. ولتكون منطلقاً للتنمية البشرية ولغة مشتركة للأقطار العربية تساعد على تعاونها ووحدتها. · لقد أصبحت صورة العربي ممزّقة بين لسان وهوية. فلسانه استخربته اللغة الأجنبية.. ولم يبق له من العروبة سوى الاسم على الورق! وما ذلك سوى دليل على الانهزام الذي نعيشه ودور التابع الذي لا حول له ولا قوة. وفي وقت يتفنن فيه العدو في تحطيمنا وطمس ملامح وجودنا.. تجدنا نقدم له المزيد من التسهيلات لدك حصوننا وسدودنا. · إننا بحاجة لأن نربي في أبنائنا حس القومية وروح الاعتزاز بالعروبة جنساً ولغة ونحرص أيضاً على تثقيفهم بلغة اعدائهم ليأمنوا شرهم. وأن نجعل السيادة للغتنا في جميع معاملاتنا. · كما أننا بحاجة إلى تطوير حقيقي في مناهج اللغة العربية المقررة في المدارس لتكون اكثر جاذبية للنشء يدعم ذلك فرض إتقان اللغة العربية للعمل في الوظائف ليشعر الناشئ أن ما يدرسه من لغة عربية ليس فقط لأداء الامتحان.