تمر على مسامعنا بعض المفردات التي تصف بعض الأفراد بصفات منسوبة الى الجن، مثل (يابن الجنية) و(ابن الأبالسه) و (عفريت) وغيرها من الصفات التي تنم عن شيطنة الأنسان وشقاوته. لكن هل يتصور أحد أن يكون مثل هذه الصفات حقيقة فيتصل إنسان في نسبه إلى الجن؟ أم أن الأمر لا يتجاوز كونه أسطورة يتم تناقلها وأحيانا استنساخها، وبعيدا عن هذه الحقيقة من حيث الإثبات أو النفي فأنا هنا أسوق قصة على لسان صاحبها مباشرة لمجرد الاطلاع عليها. إنها قصة هلال مع الجن وعلاقته النسبية مع الجن. الجنية التي ترتب البيت يقول هلال والذي يبلغ من العمر 85 عاماً من منطقة الباحة يقول: إن جدته جنية من الجن المستوطنة في ذلك الكهف ويروي لنا كيف أصبح حفيداً للجن في تسلسل للمشاهد الدرامية وأنساق قصصية ما ورائية وأسطورية في وقت واحد، ويتحدث عن بداية العشق بين جده وجدته الجنية الحسناء. ويقول نقلاً عن أبيه وعن جده: كان جدي شاباً وسيماً يعمل في الفلاحة قبل أن يتزوج، وما إن يعود هو ووالدته إلى المنزل الحجري القديم بعد يوم شاق من الكدح والعمل في حقول القمح، فيجدون المنزل نظيفاً مرتباً على غير عادته في الصباح الباكر قبل مغادرتهم للمزرعة، ويجدون أن هناك خبزاً جاهزاً وجمراً، وأن القمح المكنوز تم طحنه بواسطة الرحى!! فاستمروا زمناً على ذلك وهم يرقبون ولا يرون أحداً يتعقبهم على المنزل رغم أن أبوابه موصدة بالضبة الخشبية ذات المزلاج الذي لا يمكن فتحها إلا بمفتاح مخصص، ويضيف العمري في إيماءات جسدية مشوقة تسهم في إقناع المتلقي: إن جدي دخل المنزل وتطوى في طيات الفراش المصنوع من الخوص قريباً من مكان الرحى وأمر والدته أن تذهب للمزرعة وتقوم بقفل الباب جيداً من الخارج.. زواج الكهف ويضيف هلال إن جده بينما هو يترقب متربصاً لينظر ماذا أتاه، إذا بفتاة جميلة تقف بجوار الرحى وتأخذ القمح، وتقوم بطحنه فتصدح بصوتها العذب مرددة بعض الأهازيج الشيقة وهنا تسلل من طي الخوص، وأمسك بها من الخلف، فقالت له: أنا أعلم أنك كنت تختبيء في طي الفراش، ولكني أحبك! فقال لها من أنتِ ؟ فقالت له أنا امرأة من الجن، وعليك أن تذهب حيث تسكن عائلتي في ذلك الكهف، وعليك أن تقابل إله الجبل وشيخ الجن لتطلب يدي فهم يدينون بالمسيحية! ذهب جدي وتسلق الجبل حتى وصل إلى الكهف فوجده ممتداً بطول 35 متراً داخل ذلك الجبل الشاهق والتقى شيخ الجن، فطلب المصاهرة، لكن الشرط أن لا يقول كلمة «لو» فإنها تعني الطلاق والانفصال في عالم الجن! واشترط شيخ الجن أن لا يدخل أحداً من جماعته في المنزل أثناء الزفاف ليلاً ولا يبلغهم «أنها جنية»، فأولم جدي للعشاء، وفوجيء الناس خارج المنزل بغطرفة وزغاريد النساء في الداخل والضرب على الدفوف وترديد أجمل القصائد التي لسنا بصدد ذكرها هنا، فالعم هلال يستطرد قائلاً: إنها أسلمت وأنجبت والده، وهو حفيد الجن! مثل هذه الأسطورة تتكرر وتمر بمرحلة الاستنساخ حتى تتموضع في أمكنة أخرى بعد أن صنعها شخص واحد أصبحت مزعومة ومتداولة حتى باتت الأساطير جزءًا من حياتنا.