منذ زمن بعيد عرف الإنسان نظام المقايضة، رغبة في الحصول على السلع غير المتوفرة لديه، إما بواسطة تبادل السلع بالسلع، أو بالمعادن الثمينة من ذهب وفضة، ومع مرور الوقت سُكّت العملات المعدنية وصولًا إلى العملات الورقية.. وسك العملات يعد نتيجة لتحد واجه المجتمع في المعاملات التجارية، فاستجاب لهذا التحدي بسك عملات تسهل عملية التبادل الاقتصادي.. وعلى اختلاف نوعية المعدن التي سكت به العملة من ذهب أو فضة أو نحاس، فهي تقدم معلومات تاريخية وحضارية في مجالات مختلفة (اقتصادية، ودينية، وسياسية، واجتماعية)؛ مما تقدمه من أسماء ملوك ورموز للمعبودات، وحجم التبادل الاقتصادي بين المجتمعات، والمستوى الاجتماعي من فقر وثراء.. أضف إلى ذلك، الكتابات المنقوشة على العملات تعطينا تصورًا على نوع خط تلك المجتمعات ولغتها، ومدى براعة مصمميها. ومع مرور الوقت وتنوع الأنشطة الاقتصادية واختلاط المجتمعات وتأثرهم ببعضهم البعض، أصبحت الأموال والممتلكات الثمينة في حاجة إلى مكان لحفظها، بدلًا من حفظها في المنازل، أو دفنها مع صاحبها بعد وفاته كما في الحضارات القديمة.. هذه الحاجة أدت إلى ظهور طرق مختلفة لحفظ الأموال العامة والخاصة، منها «بيت المال، أو بيت مال المسلمين»، ومع تطور نطاق الدولة الإسلامية وتوسعها ظهرت الدواوين لحفظ الأموال وغيرها من المعاملات الإدارية، ثم تطورت الدواوين وفقًا لتعاقب الدول وحاجاتها، ومنذ توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، وضع أنظمة إدارية ومالية لبناء اقتصاد قوي سار على نهجه ملوك المملكة من بعده، واليوم نجد «في تأسيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية» نقلة نوعية في الاقتصاد السعودي؛ حيث يعمل على توحيد توجهات الدولة فيما يخص التنمية والاقتصاد، ومن ضمن برامجه «برنامج تطوير القطاع المالي 2030»، والغاية منه تنمية الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل، وتحفيز الادخار والتمويل. وتؤدي العملات دورًا أساسيًا في النشاطات الاقتصادية المتباينة، والبنوك ووزارة المالية والمؤسسات النقدية ما هي إلا نتاج لتطور العملات والاقتصاد. ونتيجة للنمو الاقتصادي تباينت طرق التبادل الاقتصادي من حوالات بين البنوك، واستخدام بطاقات الصراف الآلي، والمحفظة الاستثمارية، وبرامج الادخار المتنوعة وغيرها الكثير من الطرق التي سهلت جميع الأنشطة الاقتصادية على اختلاف تباينها، وصولًا إلى تأسيس البنك الدولي الذي نشأ مع صندوق النقد الدولي 1944م. واليوم تقدم لنا العملات الرقمية «دوجكوين»، و»بتكوين» النموذج الذكي لتطور نظام التبادل الاقتصادي، فهل ستحل العملات الرقمية بدلاً من العملات التقليدية؟