قبل البدء بالحديث عن البحث مفهوماً وأداءً، ينبغي التطرق إلى قضية التفكير الذي هو مفتاح البحث العلمي الرصين المثمر؛ لأن غياب التفكير يعني ببساطة غياب البحث والإبداع والابتكار والإنتاج المتميز والطموح الداعي إلى التحدي والمنافسة. يقصد بالتفكير التدبّر والتبصر والتعقل.. فكّر في الشيء يعني تدبّره وتمعّن فيه.. أي بمعنى آخر إمعان العقل في أمر معين من أجل الوصول إلى نتيجة معينة.. والتفكير دوره كالدماء التي يتم ضخها في شرايين الباحث الذي يتقصى عن المجهول.. ويتحدد مستوى البحث ودرجته بمستوى التفكير ودرجته وطبيعته.. وفي الإسلام كدين ومنهج حياة، يأمر الله عز وجل عباده بالتفكر والتدبر في ملكوت السماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى للوقوف على بديع صنعه فيؤمن من لا إيمان له ويزداد المؤمن إيماناً حيث وردت آيات شريفة كثيرة تأمر المسلم وغير المسلم بذلك مثل: أفلا يعقلون.. أفلا يبصرون.. لعلهم يتفكرون.. أفلا يتدبرون.. أفلا ينظرون.... والمقصود بمفهوم التفكير هنا بالذات هو التفكير العلمي، وهو ما يتميز به الإنسان عن بقية الكائنات الحية في البر والجو والبحر. إذن، التفكير هو عملية ذهنية بشرية تتم بدافع الحاجة وتعتمد على قدر معين من العلم والمعرفة والخبرة والتجربة والميول والقيم والمعتقد والأعراف والعادات والتقاليد والأنظمة والعوامل والظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية بدافع الحاجة صوب حالة معينة مادية أو معنوية أو الاثنين معًا لتحقيق هدف محدد.