لا أدري لِمَ يخجل بعض الشباب اليوم من موروثهم الثقافي، ويحاولوا إظهار أنهم أعراب جفاة؟ فتراهم يتصنعون الغلظة، وعند كلامهم يفخمون الحرف بدل ترقيقه، ويزدرون رعاة المعز والبقر، ويتجاهلون تراثهم العمراني، بل يزمجرون إذا ذكرتهم بالفلاحة والزراعة، ويتذمرون من بعض الأهازيج الشعبية التقليدية. غريب أمر هؤلاء كيف يتنكرون لتراثهم الحضاري؟! في واقع الأمر هم فئة تقوم بتصرفات صبيانية مخالفة للأعراف والذوق السليم، وتعتقد أنها بذلك تنتمي للثقافة البدوية! مع العلم أن ثقافة البادية لا عيب فيها ولا تمت بأية صلة لممارسات هؤلاء، فالثقافة البدوية لها تراث عريق وهو محل فخرنا واعتزازنا، وتتميز البادية بالأصالة، والشهامة، والأعراف الصميمة، وكذلك بمكارم الأخلاق، والبداوة بريئة من هؤلاء الذين يحاولون الالتصاق بها، وأقول هذا كي لا يحملني أحد إسقاطاته الذهنية، ويحرف كلامي عن مقصده. فهو كلام من وحي الخاطر أوجهه إلى كل مراهق يزعم زورًا أنه بدوي؛ فتجده يؤذي الناس بمشهده، ويلبس هنداما غريبا لم يلبسه البدو قط، ويتبختر في مشيته، ويلتفت إلى من حوله بنظرة صارمة، ولا يركبون إلا سيارات مخصصة يُعرفون بها، فيزاحموا الناس في الشوارع ويزعجوهم في المنتزهات، ويتظاهرون بحدة الطبع في تعاملهم! فصل القول: التعددية الثقافية ثراء للمجتمع، وأصحاب هذه الظاهرة السلبية هم (لا في العير ولا في النفير) وبسلوكياتهم هذه لا ينتمون إطلاقا إلى الثقافة البدوية ولا إلى الثقافة القروية والمدنية.