أجرت قناه خليجية لقاءًا مع سعادة الدكتور علي الشهري، عن الخدمات الصحية، تطرق فيه لعدد من النقاط أثرت سلبًا على مستوى الخدمات الصحية بالمملكة؛ إلا أن هناك نقطة أثارت حفيظة شريحة من مقدمي الخدمة؛ وهو الطبيب فتناولته الأقلام، وقد كان منهم من ينطبق عليه المثل "إذا خاصم فجر". وكنت أتوقّع كغيري أن يكون هناك من يشخّص المشكلة وأسبابها وإيجاد الحلول، إلا أن الأغلبية كان ردهم عاطفيًا، ودفاعًا مستميتًا، ولم يتبرع أحد منهم بعمل بحث لإثبات ما قاله، أو نفيه، ومن هذا المنطلق أضع بعض النقاط رغم قناعتي بأن هناك من هو أفضل مني معرفة بمدى صحة النسب التي ذكرها الدكتور الشهري، والسؤال هل الأطباء لديهم موافقة أو ترخيص بالعمل بالقطاع الخاص. إذا كان لديهم ترخيص بمزاولة المهنة فهم من 10% عندها نبدأ في تقييم بقية الخدمات حيال طلبها بدون حاجة أو أسراف وزيادة ما أنزل الله بها من سلطان، وإذا كانوا يعملون خارج القانون؛ فهم من 90%، لكون الطبيب خالف القانون الأساسي، وهو عدم العمل بالقطاع الخاص حسب نظام الدولة المشرعة لهذا، فما يتبعها من فروع تسعيرة الكشف أو زيادة الطلبات من تحاليل وأشعة، وكذلك زيادة أصناف الأدوية، مع احتكار صنف بصيدلية المنشأة، فالمبدأ من أخل بالأصل فما بعدها من فروع باطل، وما بني على باطل فهو باطل. وكنت أتمنى كغيري بدل الدفاع والهجوم الذي يغلب عليه الجانب العاطفي من بعض الأطباء بأن يكون العقل سيد الموقف للبحث عن أسباب المشكلة، وهنا سأضع بعض الأسباب، أما حلولها فبيد صاحب القرار إن أراد، أو يبقى الحال كما هو.. فهل أسبابها القطاع الخاص، الذي حدد أهدافه وأولوياته الربح المادي.. أم الطبيب، الذي أفنى حياته في طلب العلم، ومازال، ومن حقه أن يفيد مجتمعه بما تعلمه، ويأتي بعدها حاجته المادية.. أم وزارة الصحة، التي عملنا بها وطلعنا، وأغلب أنظمتها عبارة عن تعاميم تصاغ بلا دراسة، يغلب عليها العشوائية - إن صح التعبير-، ولن أتكلم عن القطاع الخاص لوجود تعميم يمنع عمل طبيب وزاره الصحة بالقطاع الخاص، وأساتذة الجامعة إلا بترخيص وموافقة وزارة الصحة، وكذلك القطاعات الأخرى، فلا يعقل أن يكون هناك مستشفًى خاصًا يعتمد 100 سرير؛ بينما عدد الأطباء به لا يرقى لتشغيل 50 سريرًا، كذلك تجد عيادات تعمل وليس هناك طبيب على قوة المستشفى. ثانيًا: من حق الطبيب العمل بعد الوفاء بالعقد الذي أبرمه مع وزارة الصحة 48 ساعة بالأسبوع، و10 مناوبات شهريًا، فإن زاد عن ذلك ينظر بصرف مميزات أو تميز بشروط، فهل وزارة الصحة طبقت هذه الفقرة في العقد؟! ثالثًا: هناك تعميم من وزارة الصحة يحدد الحد الأدنى لعدد العيادات ب(3) عيادات بالأسبوع، ومفهوم العيادة بالمرافق الصحية بأربع ساعات، إما صباحية من الثامنة إلى الثانية عشرة، أو من الواحدة إلى الخامسة عصرًا؛ أي يعمل يومًا ونصف اليوم في الأسبوع، وهذا يطبقه البعض والبعض عيادة فقط بالأسبوع؛ يعني نصف يوم، ولمن أراد التأكد فليراجع العيادات ليتأكد من ذلك. كما لم يطبق الحد الأدنى من عدد العيادات، مع أن هذا التعميم لا يخدم الوزارة بصفة خاصة، ولا المريض بصفة عامة، مما جعل المواعيد بالسنوات. رابعًا: عدد المرضى لكل عيادة؛ فهناك اختلاف بين تخصص وتخصص بما يحتاجه الطبيب للكشف وعلى الوزارة الاستعانة بمتخصصين من خارج الوزارة، وكذلك قوائم الأطباء بالقطاع الخاص، كم مريض يكشف عليه الطبيب خلال فترة صباحية ومسائية لكل تخصص. خامسًا: هناك عجز في تخصصات غير مرئية للمريض مثل أطباء التخدير وأطباء العناية المركزة، وكذلك الطاقم الفني من ممرضات عناية وعمليات.. فكم من عمليات تؤجل بسبب هذا..؟! وفي المقابل كم تهدر الوزارة من مبالغ مالية كرواتب لأطباء متواجدين بمقر العمل كإثبات حضور ولكن ليس هناك إنتاجية؟! سادسًا: توزيع الطاقم الصحي من أطباء وفنيين بين المرافق الصحية سواء مراكز او مستشفيات غير عادل؛ فكم من مستشفيات تجد بالقسم أكثر من احتياجه بنسبة 1000%، ودور الطبيب في العيادة لنصف يوم بعد ثلاثة أشهر؛ أي إن ذلك الطبيب يعمل 4 ساعات كل ثلاثة أشهر، وأعتقد أن من حقه العمل بالقطاع الخاص لأسباب منها مزاولة مهنته، فهي تحتاج لممارسة وقتل الفراغ، وفي المقابل هناك مستشفيات تئن من العجز، فمن المسؤول..؟ أليست الوزارة؟ ثامنًا: العدالة ثم العدالة ثم العدالة في صرف بدل التميز؛ فوزارة الصحة مقدمة خدمة وليست بمركز أبحاث؛ فهذا دور الجامعات والأجدر أن يكون التميز للطبيب إذا زادت عياداته عن الحد الأدنى إذا أصر مسؤول الوزارة تحديدها بثلاث عيادات، فإن زاد بعيادتين يعطى 10%، وإن عمل ثلاث عيادات يعطى 20%، وكذلك التمريض من يعمل بالعناية المركزة والطوارئ، ويمارس العمل مع المريض يعطى 20%، وبالأدوار ويمارس عمله 10%.. فالملاحظ صرفها لمن يمارس العمل الإداري، مما أصاب الطاقم الصحي بالإحباط، وجعلت المتملق والمنافق ومن لا يعمل يحصل على التميز. كان على الوزارة التنبؤ بالمشاكل قبل استفحالها من إنعدام العدالة في توزيع القوى العاملة، وبدل التميز وطول المواعيد وتذمر المواطنين من سوء التعامل، وإيجاد الحلول، عندها تجد التنافس الشريف بين القطاعين العام والخاص، وستخفض الأسعار بالقطاع الخاص للبحث عن مراجعين، وسيختفي جشع القطاع الخاص ومن هم على شاكلته. كم أتمنى كغيري من المواطنين أن يغلّب الجانب الإنساني، وعدم تكليف المواطن أعباء مادية من الأساس طالما أن هناك حلولاً للمشكلة، وتوجيه أصابع اللوم لمن يستحق ومن تقاعس عن حلها لسنوات. والله من وراء القصد