وزير الخارجية فيصل بن فرحان يصل إلى ألمانيا    القبض على شخصين بالقصيم لترويجهما «الإمفيتامين»    جمعية أسر التوحد توقع مذكرة تفاهم مع شركة رانج لتعزيز التعاون الإعلامي والتسويقي والمعارض    مدير الشؤون الإسلامية يجتمع بمنسوبي الفرع ويناقش تجهيزات المساجد لاستقبال شهر رمضان المبارك عبر البث المباشر    زيلينسكي: أوكرانيا ستحتاج لمضاعفة حجم جيشها إذا لم تنضم للناتو    أوكرانيا تؤكد إستلامها جثث 757 جنديًا من روسيا    «البيئة» ترصد هطول أمطار في 7 مناطق.. والرياض تسجّل أعلى كمية    إعادة النبض لمعتمر باكستاني في الحرم المكي    بيئة عسير تطلق فعالية "لحومنا آمنة"    رئيس هيئة الغذاء والدواء يبحث فرص الاستثمار مع ممثلي شركات طبية أمريكية    منصة توقيع الكتب.. تجربة فريدة في معرض جازان للكتاب 2025    تقارير.. فينيسيوس يختار ريال مدريد    السعودية تشيد بالمكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيسين الأميركي والروسي    السعودية ضمن أكبر 10 أسواق عالمية في تخزين الطاقة    هيئة فنون العمارة والتصميم تنظّم النسخة الثالثة من "ديزايناثون" في الرياض    إمام وخطيب المسجد الحرام: اتركوا أثراً جميلاً في وسائل التواصل.. لتبقى لكم بعد مماتكم    خطيب المسجد النبوي: الذنوب تمحى بالاستغفار ما لم تبلغ الكفر والشرك بالله    منفذ الوديعة: إحباط تهريب 17 ألف حبة «كبتاجون» و4 كيلو حشيش    الهيئة الملكية لمدينة الرياض: 18 مليون مستخدم لقطار الرياض منذ افتتاحه    ألمانيا: السلام الزائف لن يجلب الأمن الدائم    «سلمان للإغاثة» يختتم 3 مشاريع طبية تطوعية في دمشق    اجتماع فرع هيئة الصحفيين السعوديين في جازان    لماذا عادت طائرة وزير خارجية أمريكا المتجهة إلى ألمانيا ؟    1,524 يوماً الأهلي لا ينتصر    (رسالة مريض ) ضمن مبادرة تهدف إلى تعزيز الدعم النفسي للمرضى.    142 اتفاقية ب 14 مليار ريال في ختام منتدى «الاستثمارات العامة»    ارتفاع أسعار النفط    في أمسية استثنائية بموسم الرياض.. تركي آل الشيخ يكرّم الموسيقار عمر خيرت    هدية مجهول في عيد الحب تتسبب في مقتل فتاة    اعتزال الإصابة    «غير النفطية» سجلت 40 % من الإيرادات.. و115 ملياراً إجمالي العجز    فنون أبها تختتم ليالي الفوتوغرافيين الشتوية    جوميز: نحتاج إلى التركيز وحصد النقاط أمام الاتفاق    «نيوم» يكسر ال«عين» ويتصدر دوري يلو    سيماكان النصر أغلى مدافعي دوري روشن    «كل النجوم».. أشهر أحداث دوري NBA    بيوت جازان.. أضواء السّراج ونكهة السَّليط    جودة الحياة في ماء الثلج    عطني المحبة كل المحبة.. عطني الحياة..!    ذاكرة التاريخ ونسق الثقافة والجغرافيا    الفتوّة المتأخرة    هطول أمطار متوسطة على الرياض    محمد بن فهد.. ترحل الأجساد وتبقى الذكرى    العنوسة في ظل الاكتفاء    لماذا التشكيك في رجاحة عقل المرأة..؟!    القوة الجبرية للمتغيب عن جلسات القضايا الزوجية    الرئيس ترمب.. لا تخسر أصدقاءك وحلفاءك!    القيمة والتأثير    منع المقدسيين من رخص البناء والتوسع في هدم منازلهم    في يوم النمر العربي    أيهما أسبق العقل أم التفكير؟    مدير عام تعليم مكة يدشّن المعرض الفني واحتفالية يوم التأسيس    إحتفال قسم ذوي الإعاقة بتعليم عسير بيوم التأسيس السعودي    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء مجلس إدارة جمعية "إطعام"    الحلم النبيل.. استمرار للمشروع السعودي    سعود بن خالد رجل من كِرَام الأسلاف    ثمن المواقف الأخوية الشجاعة للسعودية والأردن ومصر.. الرئيس الفلسطيني يشدد على اعتماد رؤية سلام عربية في القمة الطارئة    مملكة الأمن والأمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخلافات الزوجية في مناهج الثقافة الإسلامية في جامعاتنا(2)
نشر في المدينة يوم 30 - 10 - 2020

للأسف بعض الذين يُفسِّرون ويستنبطون الأحكام؛ فسّروا آيات في القرآن الكريم طبقًا لأهوائهم ورغباتهم، فأغمضوا أعينهم عن المعاني اللغوية للضرب، وأيها الذي ينطبق على معنى (واضربوهن)، بينما نجدهم فسّروا آية نشوز الزوج بتنازل الزوجة المظلومة عن حق النفقة، أو المبيت لإرضائه وعدم تطليقها، مع أنّ الآية لا تحمل هذا المعنى الذي فسّروه، كما نجدهم يصدرون أحكامًا فقهية تعلي من شأنهم وتقلل من شأن المرأة، ونسبة هذا التمييز ضد المرأة إلى شرع الله، وشرعه تعالى بريء ممّا نسبوه إليه.
ولنقرأ معًا آية نشوز الزوجة، ثم آية نشوز الزوج، ونتمعّن في معانيها الحقيقية لنصل إلى المعنى الصحيح لهما، ولنبدأ بِ(وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً).
فآية نشوز الزوجة بدأت علاج نشوز الزوجة بالوعظ والنُصح، وإذا لم تستجب يكون الهجر في المضجع الذي له دلالته النفسية والتربوية على المرأة، فإذا لم يُجدِ هذا العلاج يكون بالضرب أي بالمفارقة والابتعاد عن البيت، (واضربوهن) في الآية ليست بالمدلول الفعلي للضرب البدني، لأنّ الضرب هنا هو المباعدة أو الابتعاد خارج بيت الزوجية، ويؤيد هذا المعنى ما قام الرسول صلى الله عليه وسلم به عندما غضب من زوجاته؛ إذ طبّق المعنى الصحيح للضرب في الآية، وهو المفارقة والمباعدة، بتركه بيت الزوجية ولم يمارس الضرب البدني؛ لذا جاء قوله عليه الصلاة والسلام :(لا تضربوا إماء الله)، الذي يتفق مع قوله تعالى (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)، وقوله (وعاشروهن بالمعروف) والقرآن لا يناقض نفسه، والسنة لا تناقض القرآن، فكيف يقول جل شأنه :(واضربوهن) والرسول صلى الله عليه وسلّم يقول»لا تضربوا إماء الله»؟ والضرب البدني للزوجات لا يتفق مع قوله تعالى: (ولقد كرّمنا بني آدم) ولكن أصبح يمارسه رجال الأسرة ضد نسائها، وقد يصل الأمر إلى ضرب بعض الأبناء لأمهاتهم، وبعض أولاد الأخوات لخالاتهم!
فكل هذه التجاوزات ناتجة عن إعطاء معنى الضرب في آية النشوز معنى الضرب البدني، مع أنّ لكلمة ضرب في القرآن الكريم، ومعاجم اللغة معنى المفارقة والمباعدة، مثل:
(ضرب الدهر بين القوم) أي فرّق وباعد بينهم.
و(ضرب عليه الحصار) أي عزله عن محيطه.
و(ضرب عنقه) أي فصلها عن جسده.
فالضرب إذن يفيد المباعدة والانفصال والتجاهل.
وهنالك آيات كثيرة في القرآن تتابع نفس المعنى للضرب أي المباعدة، منها: (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى)[طه:77] أي أفرق لهم بين الماء طريقًا.
أمّا عن نشوز الزوج، قال ابن عادل قال الكَلْبِيّ: نشوز الرَّجُل للزوجة: ترك مُجَامَعَتِها، وإعراضُهُ بوجْهه عَنْها، وقلة مُجَالَسَتِها»[الكلبي: تفسير اللباب، 5 377.]
فالنشوز هو الخروج عن الواجبات التي تُطلب من الزوجين في إطار الأسرة، فكل من الزوجين له حقوق وعليه واجبات، فإذا ما تخلى عن واجباته أُعتبر متمردًا وناشزًا.
أمّا عن حل نشوز الزوج فقد بيّنه القرآن الكريم في قوله تعالى:(إِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)[النساء:128] بالصلح وتقوى الله، فإن رفض الزوج العودة إلى زوجته، وإعطاءها حقوقها في النفقة والمعاشرة الزوجية، يتفرقا، أي الانفصال، ولم يقل يتخالعا، وهناك فرق بين الخلع والفراق المتمثل في الطلاق.
إنّ نشوز الرجل أخطر وأشد على حياة الأسرة من نشوز المرأة، لأنّ المرأة لا يوجد لديها من ينفق عليها وعلى أولادها إن كانت فقيرة، وليس لديها عمل، بينما الزوج لا يتضرر ماليًا لنشوز الزوجة، كما لا يتضرر جسديًا وجنسيًا، لأنّ له الجمع بين أكثر من زوجة، بينما المرأة تتضرر ماليًا وجسديًا وجنسيًا من نشوز زوجها، من حيث الإنفاق، ومن حيث إرضاء رغبات الجسد ومتطلباته، خاصة إن كانت شابة، فقد تنزلق في ارتكاب الفاحشة لا قدر الله لإرضاء رغبات جسدها، ومن هنا نجد أنّ الفاروق رضي الله عنه، عندما تبيّن له أنّ الزوجة قد تُفتن إن غاب عنها زوجها أكثر من أربعة أشهر، أمر بأن لا يغيب الجند عن زوجاتهم أكثر من أربعة أشهر، وقد اجتهد الإمام أحمد بن حنبل في هذه المسألة، وأعطى للمرأة المهجورة والمعلقة حق طلب من القاضي فسخ عقد زواجها إن مضى على هجر الرجل لها، أو تعليقه لها مدة ستة أشهر.
لا يمكن أن يأمر الله بإهانة الزوجات بضربهن عند النشوز، وتنازل الزوجة عن حقوقها عند نشوز الزوج. فتفسير النشوز بهذيْن المعنييْن المتنافيين مع العدل الإلهي من الثغرات التي ينفذ من خلالها أعداؤنا لتشكيك أولادنا -معاذ الله- في العدل الإلهي، وفي الإسلام، لدفعهم إلى الإلحاد!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.