هذا ليس فيلماً سينمائياً جديداً من أفلام التمييز العنصري، لكنه فيلم واقعي تدور أحداثه الآن في مدينة كاليه الفرنسية، حيث قررت السلطات المحلية حظر تقديم الطعام للمهاجرين وسط المدينة!، وأمام ذلك، نظّم الحقوقيون الفرنسيون احتجاجاً ضد القرار، مستنكرين ما وصفوه بفشل المسؤولين المحليين حتى في توفير أدنى الخدمات الأساسية للمهاجرين الذين يعيشون في المدينة وحولها. وفيما يبرر مسؤولون محليون قرار حظر إطعام المهاجرين وسط المدينة، بضمان تطبيق قواعد التباعد الاجتماعي بشكل صحيح لمنع انتشار كورونا، قال الحقوقيون إن الفيروس ينتشر في كل المدن الفرنسية، الخالية من المهاجرين، لافتين إلى ضرورة التحدث بطريقة أفضل، فضلاً عن أهمية ضبط المصطلحات!. في نفس التوقيت كان وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان يقول إن فرنسا «في حرب ضد الإرهاب الإسلامي»، وذلك بعد يومين على هجوم وقع بالسلاح الأبيض أمام مقر أسبوعية (شارلي إيبدو) الساخرة من النبي صلى الله عليه وسلم في باريس!. واستكمالاً لعدم ضبط المصطلحات أو ما نسميه بالتهجيص، اختار الوزير توقيت زيارته لمعبد يهودي في بولونيه - بيانكور قرب باريس ليضيف: « نحن هنا لتذكير الفرنسيين بالواقع.. نحن في وضع دقيق جداً، نحن في حرب ضد الإرهاب الإسلامي، وربما قمنا بشكل جماعي بتناسي ذلك إلى حد ما، وإن اليهود بشكل خاص هم هدف للهجمات الإسلامية»! بالتأكيد فإن وزير الداخلية الفرنسي أدرى بشؤون بلده، لكنه يقيناً وفي ضوء تصريحاته، لم ينتبه الى مسألة «التأجيج» وخطورة ما يقول عما أسماه بالإرهاب الإسلامي، وعما أسماه «الهجمات الإسلامية ضد اليهود»!. أخشى أن يكون المسؤول الفرنسي عمد إلى تقليد بعض المسؤولين المسلمين في دول إسلامية، والذين يحلو لهم الربط بين صحيح الدين الإسلامي وبين الإرهاب، والخلط بين اليهودية التي نجلها، وبين الصهيونية العالمية!. أما اضطهاد المهاجرين على الحدود، فسنتركه للفرنسيين المتمسكين بنصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي يطالب في مادته الأولى باتخاذ إجراءات ملموسة للقضاء التام على العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب.