هذا الحديث مقرر في منهجين لمادة الثقافة الإسلامية في جامعتيْن من جامعاتنا «حَدَّثَنَا عَبْدُالْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَة،َ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ كَثِيرِ بْنِ دِينَار،ٍ عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ، وَمِثْلَهُ مَعَهُ أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ، وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبُعِ، وَلَا لُقَطَةُ مُعَاهِدٍ، إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا، وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُ فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ».. تخريج الحديث، حريز بن عثمان. أما حريز بن عثمان نفسه فالاختلاف فيه شديد فمنهم من يوثقه، ومنهم من يرميه بالنصب، ومنهم من يتهمه بالكذب، ومنهم من يقول عنه بأنّه متروك، ومنهم من ينقل عنه أنّه نفى عن نفسه التهمة بأنّه كان يسب عليًا بن أبي طالب.. وهناك اختلاف المحدثين في أقوالهم عنه، فتجد أحدهم يجرحه وفي نفس الوقت يوثقه، أو يثبت جرحه مرة وينفيه مرة أخرى، قال ابن حجر في التقريب: «ثقة ثبت رمي بالنصب». المعروف أنّ النبي صلى الله عليه وسلم حرّم الحمر الأهلية أو الحمار الأهلي زمن موقعة خيبر التي وقعت في السنة السابعة أو السادسة، واتفق الإمامان مالك والزهري على أنّها وقعت في السنة السادسة للهجرة.. وحسب كلام المؤرخين مثل الذهبي وغيره أنّ المقدام بن معد يكرب الكندي قد توفي سنة 87ه، وهو ابن 91 سنة. هذا يعني بأنّه ولد في السنة الرابعة قبل الهجرة، وبهذا يكون عمره زمن خيبر عشرة أعوام! ومعروف أنّ النبي صلى الله عليه وسلم استصغر أناسًا من الصحابة في موقعة أحد منهم ابن عمر وفي بعض الروايات جابر بن عبدالله أو أبو سعيد الخدري وكل هؤلاء أعمارهم وقت موقعة أحد حوالي 14 وفوق! فإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم استصغر من كان عمره 14، فلا يستصغر من كان عمره 10 أعوام، وخاصة أنّ عدد المسلمين وعدتهم في خيبر أكثر ممّا كانوا عليه في أحد أو بدر؟ أمّا رواية هذا الحديث من طريق عبدالرحمن بن أبي عوف الجرشي عن المقدام بن معد يكرب الكندي لم يخرجه أي من أصحاب الكتب الستة إلّا أبو داود في سننه والإمام أحمد في مسنده. بل إنّ أحاديثه غير مخرجة في الكتب الستة سوى سنن أبي داود، وأخرج له الإمام أحمد في مسنده وأخرج له النسائي حديثًا غير هذا الحديث في «السنن الكبرى». ولو بحثنا في مروياته فلن نجد إلّا أحاديث يسيرة مرفوعة للنبي صلى الله عليه وسلم لا يكاد يصح منها شيء من غير مقال بحكم المحدثين القدام، وله حديث عن عبدالله بن عبد الثمالي: «لو أقسمت لبررت لا يدخل الجنة قبل سابق أمتي...» الحديث الذي ضعفه الألباني في ضعيف الجامع وله حديث مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد وصفه ابن القطان بأنّه مجهول. وأما عبدالله بن عبد الثمالي فكما في كتاب: «المخزون في علم الحديث لأبي الفتح الأزدي» لم يروي عنه إلّا عبدالرحمن بن أبي عوف الجرشي. فإذا الرجل يروي عن أناس لا يعرفون وليست لهم روايات إلا حديث واحد. ومن تتبع المرويات المنسوبة له لوجد أحاديث منكرة كما في كتاب «مداراة الناس» لابن أبي الدنيا وكتاب «الفتن» لنعيم بن حماد. ومن كان مثله حري أن لا يُوثق وينبغي أن يُتوقف في مروياته والله أعلم. ورواية الحديث عن طريق محمد بن الوليد بن عامر الزبيدي عن مروان بن رؤبة التغلبي عن عبدالرحمن بن أبي عوف عن المقدام بن معد يكرب الكندي لم يخلُ أيضًا من مقال، وقال ابن حجر في التهذيب عن مروان بن رؤبة أنّه مجهول. ثم إنّ رواية أبي داود عنه ليس فيها ذكر «شبعان على أريكته» أو «أوتيت القرآن ومثله» أو «أوتيت القرآن وما يعدله» أو»بيني وبينكم الكتاب» فهذا الجزء من الحديث ليس في رواية أبي داود ولكن قد يُقال بأنّه اختصره.. وهذا ليس له. وهكذا نجد الحديث من حيث المتن غير مقبول البتة؛ إذ لا يمكن مقارنة كلام الله بكلام المخلوق حتى لو كان خاتم الأنبياء والمرسلين، وجعله في مرتبة واحدة بإيهام أنّه وحي من الله، حتى الآيات القرآنية التي تتحدّث عن القرآن نقول المقصودة السنة النبوية، ويؤيّد هذا القول بحديث مخالف للقرآن الكريم متنًا وضعيف من حيث الإسناد بطرقه الثلاث. فالقول إنّ قوله تعالى (إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى) هي السنة تمثل رأي مؤلفي الكتاب، وقد تأثروا بما ورد في تفسير القرطبي بهذا الصدد، ونشر هذا الفكر وتدريسه لأولادنا فيه تضليل وإضلال يثير الشكوك حول صحة القرآن الكريم.