كنت أتابع إحدى حلقات البرنامج الرمضاني «قلبي أطمأن» الذي يقدم رحلاته في عمل الخير والمساعدة مقدمه «غيث» وكانت الحلقة في زيارة لعيادة الدكتور «محمد مشالي» الذي يعرف في مصر ب»طبيب الغلابة»، والذي عمل منذ خمسين عامًا بنصيحة والده: «يابني إذا استطعت أن تساعد المرضى الفقراء الذين لا يستطيعون توفير تكاليف علاجهم فلا تتأخر» ولم يكن للدكتور المشالي أن يتأخر في تنفيذ وصية والده من منطلق إيمانه أن «الطب رسالة وأي أعظم رسالة من أن ترسم ابتسامة أمل على شفاه مريض». عرف الناس عن الدكتور محمد المشالي طيبة قلبه، وقربه من الناس، وتواضعه، وحبه لعمل الخير والمساعدة في تقديم العلاج والمعالجة والدواء لكل من يأتي إلى عيادته بدون أن يأخذ من مريضه مقابلا ماليًا إذا عجز عن دفع القيمة الرمزية وقدرها 10 جنيهات فقط، ولم تكن له يأخذها كما قيل في المقالات التي كتبت عن حياة هذا الرجل، لولا أنه يريد أن يستمر في حضوره إلى عيادته ومساعدة الفقراء، والتي يصطف أمام عيادته عشرات المرضى من الساعة التاسعة صباحًا حتى السابعة مساء وهي ساعات عمله في عيادته المتواضعة. ما شدني للكتابة عنه هو موقفه عندما «رفض مساعدة غيث» وقبل بسماعة الطبيب كهدية، وكأنه يقول هذه رسالتي، أما المبلغ المالي فقد أشار على غيث أن يقدمه للجمعيات الخيرية فهي أولى منه به! وتذكرت أنه باع سيارة أهديت له، واشترى بها أدوات طبية لعيادته، أما المال الذي قدم مع السيارة، فقد قدمه مساعدة للفقراء والمعوزين عبر إحدى الجمعيات الخيرية في مصر. هذا درس يقدمه الدكتور المشالي لكل طبيب يرى في مهنته طريقًا لجمع المال وينسى رسالته الإنسانية ويرى فيها مشروعًا لتكوين ثروة بفواتير مرتفعة. سيقول قائل من حق كل طبيب جمع المال، فأقول نعم، ولكن ليس بهذه الصورة المبالغ فيها التي نراها. فاتورة الكشف عند معظم الأطباء اليوم، قد تتراوح ما بين ال200 ريال وتصل في بعض الأحوال إلى 350 ريالا، فضلا عما قد يلحقها من فواتير للأشعة وتحاليل وأدوية وغيرها، ورغم ذلك فبعضهم غير راض عنها ويراها قليلة، رحم الله الدكتور المشالي حيًا وميتًا.